شعار قسم مدونات

حسن البنا في عيون أزهرية

midan - muslims brotherhood الإخوان حسن البنا
حسن البنا (مواقع التواصل الاجتماعي)

لم يقف الناس موقفا واحدا من الشهيد حسن البنا رحمه الله تعالى، وللأسف الشديد نال منه البعض حتى جعلوه منحرفا مبتدعا متطرفا؛ بل زاد البعض فجعلوه ماسونيا زنديقا، وهو في نظرهم صنيعة الأعداء، ولم يكن منه إلا كل شر.

وفي مقابل هؤلاء كان هناك بعض التقديس عند البعض، لا لكونه الإمام والشهيد والمجدد والمرشد والمربي فحسب؛ بل لأن نفرا قل عددهم أو كثر ربما لا يقبلون المساس من الشهيد البنا رحمه الله، وكأن نقد فكره صورة من صور الامتهان أو التحقير، وقد نسي هؤلاء أن البنا نقل في أصوله الـ20 ما رواه الطبراني عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِي اللهُ عَنْهُمَا قَالَ:

لَيْسَ أَحَدٌ إِلَّا يُؤْخَذُ مِنْ قَوْلِهِ وَيَدَعُ غَيْرَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.

والحق أن الخير في الوسط، فلا البنا بالمعصوم، ولا هو بالشرير، وإنما هو شخصية إسلامية عظيمة أسدت إلى الأمة خيرا كثيرا؛ لكن شخصه وفكره ليسا فوق النقد، ويكفينا ما قدمه للأمة من خير، فرحمات الله عليه تترا إلى يوم القيامة.

ولأنه لا يعرف الرجال إلا الرجال، فسأنقل هنا أقوال الأعلام العظام من علماء الأمة ورأيهم في البنا رحمه الله تعالى، وأخص هنا الأزاهرة الكبار الذين ملؤوا الأرض علما وعملا وتضحية وفداء، ولعل الكثير منهم لم ينتم إلى الإخوان المسلمين؛ مما يجعل كلامهم لا شبهة فيه. ومن هذه الرموز والأقوال.

الإمام الأكبر الشيخ محمد مصطفى المراغي (شيخ الجامع الأزهر)

الأستاذ البنا رجل مسلم غيور على دينه، يفهم الوسط الذي يعيش فيه، ويعرف مواضع الداء في جسم الأمة الإسلامية، ويفقه أسرار الإسلام، وقد اتصل بالناس اتصالا وثيقا على اختلاف طبقاتهم وشغل نفسه بالإصلاح الديني والاجتماعي على الطريقة التي كان يرضاها سلف هذه الأمة.

فضيلة الشيخ حسنين خلوف (مفتي مصر الأسبق)

الشيخ حسن البنا -أنزله الله منازل الأبرار- من أعظم الشخصيات الإسلامية في هذا العصر؛ بل هو الزعيم الإسلامي، الذي جاهد في الله حقَّ الجهاد، واتخَذ لدعوة الحق منهجا صالحا، وسبيلا واضحا، استمده من القرآن والسنة النبوية، ومن روح التشريع الإسلامي، وقام بتنفيذه بحكمة وسداد، وصبر وعزم حتى انتشرت الدعوة الإسلامية في آفاق مصر وغيرها من بلاد الإسلام، واستظل برايتها خلقٌ كثير.

فضيلة الشيخ الدكتور أحمد حسن الباقوري وزير الأوقاف المصري الأسبق

لم يخسر الأستاذ المرشد حسن البنا شيئا بموته.. وإنما خسرت الإنسانية، نعم خسرت الإنسانية، ولا أقول خسر الإسلام، فإن الإنسانية تتعرض في هذه الظروف لأشد محنة تعرضت لها في تاريخها الطويل، وهي المحنة المادية الثقيلة، التي تريد أن تظفر بالمعاني الروحية؛ لتعود الإنسانية كلها بعد ذلك حيوانية تتحرك وتدفعها الشهوات كما تتحرك الآلات يدفعها البخار، وقد كان حسن البنا لسان الروحانية المبين، وكان حجتها الواضحة ودليلها الهادي، وكان قوتها المليئة حيوية ونشاطا، ولا نحب أن نستمرئ أحضان اليأس حتى نقول لقد كان الأستاذ كل شيء، وبموته انهار كل شيء. فإنَّ رحمه الله بالناس أرحب من هذا وأوسع، ولئن مضى حسن البنا إلى ربه، فقد كان فيمن ترك من أبنائه مجتمعين القوة التي تكفل لهذه الدعوة أن تهدي، وأن تنقذ إن شاء الله.

العلامة أ. د. علي حسب الله أستاذ الشريعة الإسلامية بكلية دار العلوم

إذا كان قد تقدم -حسن البنا- من المصلحين في العصر الحديث من كان عمله نظريا يبدأ من أعلى أو من الوسط، فإن حسن البنا رأى أن يبدأ من الأساس، الذي بدأ به النبيون دعواتهم، وهو إصلاح العامة والفقراء، فلم يعتمد في بادئ أمره على المال ولا على الأغنياء، ولهذا كان يفضل في دعوته أن يغزو المجالس الشعبية العامة كالمقاهي، وشهدت الإسماعيلية بجهوده انقلابا هاما، فإن ذلك الشباب الذي أعماه الجهل وأضله الفساد الشائع بين الناس، والذي يئس العقلاء من إصلاحه، انقلب شبابا متدينا متحمسا للدين معتزا به، وقد فهم لأول مرة وبطريقة عملية أن الدين ليس عبادة في المحراب فقط، بل هو مع هذا عمل متواصل قوي لجمع الشمل وتآزر القوى وإعزاز الأمة، وإحلالها المحل اللائق بها، ومن الرعيل الأول أُلفت جماعة "الإخوان المسلمين" التي كان أول شعار لها (إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ)، وأسمى غايتها (وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ) ثم نمت الشجرة وأينعت وآتت وما تزال تُؤتي أكلها كل حين بإذن ربها، فبارك الله فيها، ومتَّع غارسها برضوانه، وآنسه بالذين أنعم عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا".

الأستاذ الدكتور محمد يوسف موسى الأستاذ بكلية أصول الدين

كان صديقنا المغفور له الأستاذ حسن البنا "داعية" دينيا واجتماعيا من الطراز الأول، قد جمع الله تعالى له كل ما يجب لنجاح الدعوة، ولعل من أهم ذلك ما لمسته فيه من بصره النافذ بمَن يصلحون للقيام معه بدعوته، ثم عمله على ضمهم إليه بكل قلوبهم وعقولهم ومواهبهم، عرفتُ ذلك منه بخاصة، حين رغب إلي وآخرين معي في أن نكون رفقاء له في رحلة من القاهرة إلى الإسكندرية ثم رشيد بعد الحرب الماضية.

فضيلة الشيخ محمد متولي الشعراوي

الإخوان شجرة ما أروع ظلالها، وأورع نضالها، رضي الله عن شهيد استنبتها، وغفر الله لمن تعجل ثمرتها.

الأستاذ الدكتور عبد العظيم المطعني الأستاذ بجامعة الأزهر

وهب الله الإمام الشهيد البيان الواضح والأسلوب الحكيم إلى ما عمرت به شخصيته من أدب النفس واستقامة السلوك وفقهه بمقاصد الإسلام، وحفظه للقرآن الكريم والوقوف على أسراره ومعانيه، وروايته للحديث، وإلمامه بعبر التاريخ وفهمه لسيرة أصحاب الرسول صلى الله عليه وسلم، ومعرفته بمواطن الضعف في الأمة، وبهذا قد استكمل الإمام الشهيد كل مقومات الداعية المؤثر، والمصلح المطاع كان يعرف إلام يدعو؟ وكيف يدعو؟ ومن يدعو؟ ومتى يدعو؟ بقلب شجاع وسلوك طيب، ولسان فصيح، وحجة ساطعة، فلا غرابةَ أن يلتفت الشباب كله في عزم وثبات حول ذلك المصلح المخلص، فإلام كان يدعو الإمام الشهيد؟ لقد كان الإمام متبعا وليس مبتدعا، والاتباع هو منهج كل مصلح صادق.

فضيلة الشيخ محمد الغزالي

ليس قتل الصديقين والصالحين في هذه الدنيا بأمر صعب، إن القدر أذن بأن يعدو الرعاع قديما على أنبياء الله، فذبحوا وهم يحملون أعباء الدعوة، أكثير على من تلقوا هذه الأعباء قبل أن تسقط على الأرض أن يردوا هذا المورد؟ بلى، ومن طلب عظيما خاطر بعظيمته، لقد قتل حسن البنا يوم قتل، والعالم كله أهون شيء في ناظريه، ماذا خرقت الرصاصة الأثيمة من بدن هذا الرجل؟ خرقت جسدا أضنته العبادة الخاشعة، وبراه طول القيام والسجود، خرقت جسدا غبرته الأسفار المتواصلة في سبيل الله، وغضنت جبينه الرحلات المتلاحقة إلى أقاصي البلاد، رحلات طالما عرفته المنابر فيها، وهو يسوق الجماهير بصوته الرهيب إلى الله، ويحشدهم ألوفا في ساحة الإسلام، لقد عاد القرآن غضا طريا على لسانه، وبدت وراثة النبوة ظاهرة في شمائله. ووقف هذا الرجل الفذ صخرة عاتية انحسرت في سفحها أمواج المادية الطاغية، وإلى جانبه طلائع الجيل الجديد الذي أفعم قلبه حبا للإسلام واستمساكا به.

فضيلة الأستاذ الدكتور يوسف القرضاوي

كان القدر الأعلى يصنع على عينه رجلا يعده لمهمة، ويسد به ثغرة، كان الرجل هو "حسن البنا"، وكانت المهمة هي إيقاظ الأمة من رقود، وبعثها من همود، وتحريكها من جمود، وبعبارة أخرى إحياء عقل الأمة وضميرها، وتفجير طاقاتها المكنونة بتجديد الإسلام فيها، وجمعها على رسالته، والإيمان به هدفا ومنهاجا للحياة، والجهاد في سبيل تمكينه في الأرض. كانت الأمة في حاجة إلى عقل جديد، وقلب جديد، وعزم جديد، ودم جديد، وكانت في حاجة إلى أن تتجسد هذه المعاني في رجل يضع يده في يد الله، لينير له الطريق، ويهديه السبيل.

تلك كلمات 9 من الرجال الأبرار والعلماء الربانيين، شهدوا بما علموا، وهكذا لا يعرف الرجال إلا الرجال.

فرحم الله البنا ورحم الله علماءنا الأبرار.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.