ماذا تفعل بنا الأيام؟ وكيف يصبح تقدم العمر مسيرا مرهقا للروح؟، بينما تبتلعنا آفاق الحياة، وتركض بنا أجياد الزمن إلى المصير المحتوم، تصرخ في أعماقنا ذكريات الطفولة الأولى، وشراب الحياة يلذ في لسان الشيخوخة بذكرى شباب قديم، ومن الصعاب يولد المعنى أحيانا، وأحيانا يصبح كل شيء بلا معنى فنعيش صدمة الحياة، ويصبح العمر عقدة تفتح ألف سؤال، فكيف عبرت الأغنية العربية عن هذه المعاني فصدحت حناجر شجية بأطيب الألحان؟، هذه قائمة قصيرة أقدمها لك.
يسرع العمر في خطواته، فينقلب الشباب المنطلق إلى شيخوخة، يطوقها المشيب بأحاديث القبر والممات
كنت صغير
الطفولة حلم جميل كقارب من ورق يتهادى في جدول الحياة، حتى إذا كبر المرء وجد نفسه في بحر هادر، تتقاذفه النوائب وتتلاعب به الهموم، فيكتشف المشاعر الحارقة التي تفطر القلب بالآلام، ويدور في دوامة السعي لكسب الرزق وتحصيل أسباب المعاش، هكذا يبدو عالم الكبار مرهقا، فلا يسع المرء إلا أن يتمنى العودة للطفولة البريئة الساذجة، وهكذا غنى الفنان المغربي البشير عبدو.
البارح كان في عمري 20
يسرع العمر في خطواته، فينقلب الشباب المنطلق إلى شيخوخة، يطوقها المشيب بأحاديث القبر والممات، "فقط البارحة كان عمري 20 سنة"، ذكرى مرفرفة على أجنحة ألحان مرحة يطربنا بها شيخ الطرب الشعبي الجزائري المرحوم الهاشمي قروابي، فيروي قصة شباب راوده الدهر، فأناله طيبات وملذات، وأغرقه في ملهيات ومسرات بين الأحباب والأصحاب، يخبرنا كيف صدح بالكلم الموزون، وسبته من الجمال فنون، يخبرنا عن صحة الأبدان ووفرة الأموال، فقط البارحة كان العمر ربيعا قبل أن يخون الدهر.
إذا كانت الحياة مسرحية، فلتكن أنت البطل، صارع وحشك وغالب التحديات، وأتبع النكبات بالهبات. لا تقتل الطفل الذي بداخلك مهما عاندتك الأيام وأجرمت بحقك الأزمان
قطر الحياة
يتقمص أحمد مكي، مغني الراب المصري، شخصية رجل يتحدث من غياهب الموت عن شبابه فيما أبلاه وعن عمره فيما أفناه، في دراما مأساوية تبرز الفشل باعتباره كابحا لعجلة العمر، حيث تتوقف حياة شاب ثلاثيني خالية من الإنجاز والنجاح، تعتصره آلام البطالة بما تحمله من إحساس بالعجز والدونية، بينما يمارس المجتمع سطوته النقدية ملقيا بالإنسان العاطل في متاهات الانطواء وجلد الذات. إنها مرحلة يتوقف فيها المرء ليتساءل عن معناه وقيمته في الحياة، وعن قدرته على إثبات ذاته. أسئلة قد تفضي إلى مسارات بناءة أو هدامة، فكانت هذه الأخيرة حظ بطل القصة؛ لكن مع ذلك ألهمت هذه الأغنية الكثيرين.
مولود سنة 80
إذا كانت الحياة مسرحية، فلتكن أنت البطل، صارع وحشك وغالب التحديات، وأتبع النكبات بالهبات. لا تقتل الطفل الذي بداخلك مهما عاندتك الأيام وأجرمت بحقك الأزمان، وعش بريئا طيبا، والمرء، وإن تخطفته السنون سريعا من مرابع الصبا، حيث كان ذاهلا عن عاديات الزمن لا بد أن يجعل من عمره قصة نجاح، ربما كانت هذه سيرة ذاتية للنجم المصري حمزة نمرة المولود فعلا سنة 1980، وهو إذ يصدح بهذه المعاني في سنة 2021 سنة إصدار الأغنية يعطي صورة جميلة لامرئ بلغ 40 الرجولة، يواجه الحياة بهمة وتحد.
الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لشبكة الجزيرة.