الدعاء لغة: الرغبة إلى الله، وجاء في نصوص القرآن والسنة بمعنى العبادة، قال تعالى: {وقال ربكم ادعوني أستجب لكم إن الذين يستكبرون عن عبادتي سيدخلون جهنم داخرين *} [غافر :60]، وقال تعالى: {فادعوا الله مخلصين له الدين ولو كره الكافرون *} [غافر :54]، وقال تعالى: {وإذا سألك عبادي عني فإني قريب أجيب دعوة الداع إذا دعان فليستجيبوا لي وليؤمنوا بي لعلهم يرشدون *} [البقرة :186]، وقال تعالى: {ادعوا ربكم تضرعا وخفية إنه لا يحب المعتدين *ولا تفسدوا في الأرض بعد إصلاحها وادعوه خوفا وطمعا إن رحمة الله قريب من المحسنين *} [الأعراف :55 ـ 56]، وقال تعالى: {فلا تدع مع الله إلها آخر فتكون من المعذبين *} [الشعراء :213] .
ومن أسباب قبول الدعاء: المطعم الحلال، وألا يستبطئ الإجابة، وألا يدعو بإثم ولا قطيعة رحم، والأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر، والجزم في الدعاء، وحضور القلب وسلامته من الغفلة والخشوع، والابتعاد عن المعاصي، والإخلاص في الدعاء لله عز وجل (القحطاني، الدعاء والعلاج بالرقى من الكتاب والسنة، ص122).
ويمكن أن يقترن الدعاء بتوسل مشروع، كالتوسل بأسماء الله الحسنى، أو بصفة من صفاته العلى، أو أن يتوسل العبد إلى الله بأعماله الصالحة التي يرجو قبولها عند الله، أو يطلب الدعاء ممن يظن صلاحهم، أو بالتوسل بهم بشرط أن يكونوا أحياء أي: يتوسل بدعائهم.
وقد تحدث العلماء عن أنواع التوسل المشروعة ومنها:
- التوسل إلى الله بأسمائه الحسنى أو بصفة من صفاته العلى
والدليل على هذا النوع من أنواع التوسل قول الله تعالى: {ولله الأسماء الحسنى فادعوه بها وذروا الذين يلحدون في أسمائه سيجزون ما كانوا يعملون *} [الأعراف :180].
كأن يقول المسلم في دعائه: اللهم إني أسالك بأنك أنت الرحمن الرحيم، اللطيف الخبير، أن تعافيني.
أو يقول: أسألك برحمتك التي وسعت كل شيء أن ترحمني، وتغفر لي.
ولقوله سبحانه وتعالى: {ولله الأسماء الحسنى فادعوه بها} [الأعراف :180]، أي: ادعوا الله تعالى متوسلين إليه بأسمائه الحسنى، ولا شك أن صفاته العلى داخلة في هذا الطلب، لأن أسماء الله عز وجل الحسنى صفات له، خصّت به تبارك وتعالى (أحمد الحاج، منهج القرآن في الدعوة إلى الله، ص165-166).
ومن الأدلة كذلك دعاء سليمان عليه السلام إذ قال: {أوزعني أن أشكر نعمتك التي أنعمت علي وعلى والدي وأن أعمل صالحا ترضاه وأدخلني برحمتك في عبادك الصالحين *} [النمل :19].
- التوسل إلى الله تعالى بالأعمال الصالحة التي يقوم بها العبد
كأن يتوسل إلى الله تعالى بالإيمان به وطاعته، واتباع رسوله صلى الله عليه وسلم ومحبته.
ومن هذا النوع قول الله تعالى: {الذين يقولون ربنا إننا آمنا فاغفر لنا ذنوبنا وقنا عذاب النار *} [ آل عمران: 16]، فيمكن للعبد أن يقول: اللهم بإيماني بك، أو محبتي لك، أو اتباعي لرسولك صلى الله عليه وسلم اغفر لي، أو يقول: اللهم إني أسالك بمحبتي لمحمد صلى الله عليه وسلم، وإيماني به أن تفرج عني.
ومن ذلك أن يذكر الداعي عملا صالحا ذا بال، فيه خوفه من الله سبحانه وتقواه إياه، وإيثاره رضاه على كل شيء، وطاعته له جلّ شأنه، ثم يتوسل به إلى الله في دعائه، ليكون أرجى لقبوله وإجابته (القحطاني، الذكر والدعاء والعلاج بالرقى ص100).
- التوسل إلى الله تعالى بدعاء الصالحين الأحياء
بأن يطلب المسلم من أخيه الحي الحاضر أن يدعو الله له، فهذا النوع من التوسل مشروع، لثبوته عن بعض الصحابة مع النبي صلى الله عليه وسلم، فقد كان بعضهم يأتي النبي صلى الله عليه وسلم، فيطلب منه الدعاء له أو لعموم المسلمين، ومن ذلك ما ثبت في «الصحيحين» عن أنس بن مالك رضي الله عنه أن أعرابيا قام يوم الجمعة والنبي صلى الله عليه وسلم يخطب فقال: يا رسول الله: هلك المال، وجاع العيال، فادع الله لنا.
فرفع صلى الله عليه وسلم يديه -وما نرى في السماء قزعة- فوالذي نفسي بيده ما وضعها حتى ثار السحاب أمثال الجبال، ثم لم ينزل عن منبره حتى رأيت المطر يتحادر على لحيته صلى الله عليه وسلم.. إلى آخر الحديث.
ومثله كذلك توسل الصحابة رضي الله عنهم بدعاء العباس رضي الله عنه، وهو في «صحيح البخاري» من حديث أنس رضي الله عنه: أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه كان إذا قحطوا استسقى بالعباس بن عبد المطلب، فقال: اللهم إنا كنا نتوسل إليك بنبينا صلى الله عليه وسلم فتسقينا، وإنا نتوسل إليك بعم نبينا فاسقنا، قال: فيسقون. والمراد بقوله: إنا نتوسل إليك بعم نبينا، أي: بدعائه.
فهذه الأنواع الثلاثة من التوسل كلها مشروعة، لدلالة نصوص الشرع عليها، وأما ما سوى ذلك مما لا أصل له، ولا دليل على مشروعيته فينبغي للمسلم أن يجتنبه (البدر، فقه الأدعية والأذكار، ص341).
الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لشبكة الجزيرة.