يرى مؤرخ الدبلوماسية المغربية بل ومؤرخ المملكة كلها المرحوم عبدالهادي التازي (ت2015م) أن أول سفير مغربي أوفد إلى العراق كان عبدالله بن العربي (والد القاضي أبي بكر ابن المالكي المشهور (ت543هـ)، الذي رحل بابنه للحج ولقاء علماء المشرق مع أخذ البيعة لسلطان المسلمين يوسف بن تاشفين، تلك المهمة التي لخصها ابن خلدون بقوله "ولمَّا مُحِي رسْم الخلافة وتعطَّل دَسْتُها، وقام بالمغرب من قبائل البربر يوسُف بن تاشفين ملك لمتونة فملك العُدوتين، وكان من أهل الخير والاقتداء، نزعت همَّته إلى الدُّخول في طاعة الخليفة، تكميلاً لمراسم دينِه، فخاطَب المستظهِر العبَّاسي، وأوْفد عليْه ببيعتِه عبدالله بن العربي، وابنَه القاضي أبا بكر من مشيخة إشبيلية، يَطْلُبان تولِيَته إيَّاه على المغرب وتقليده ذلك، فانقلبا إليْه بعهد الخلافة له على المغرب" (المقدمة ج2 – ص616).
اشترك التازي مع آل العربي في حب العراق والسفارة للمغرب إليه، فكان العراق عند ابن العربي مضرب المثل في العلم والازدهار الحضاري ويرى أن مسألة لا يعرفها العراقيون لا ينبغي لغيرهم الطمع في تحقيقها، من ذلك قوله في إحدى مسائل العلاقات الدولية "وهذه المسألة خراسانية عِظَماً لم تبلغها المالكية ولا عرفتها الأئمة العراقية فكيف بالمقلدة المغربية"، كما في "المعيار المعرب" للونشريسي (ت 914هـ)، وبلغ التازي من حبه للعراق أن سمى بيت سكنه بـ"فيلا بغداد"، ووفاء لذلك التشابه والاشتراك أوصى التازي الذي توفي بالرباط أن يدفن مع القاضي ابن العربي في فاس.
أرى أن وَلَهَ الأطراف بالمركز وعشقنا معاشر المغاربة للمشرق والعراق أمر طبيعي طبيعة حنين الفروع لأصولها؛ ففي العراق ما يُعشق وفيها ما يستثير الحنين، وليست الثقافة العربية في جانبها الوجداني والأدبي إلا صور من خواطر العراقيين وبقايا من ذكريات أهل بغداد، وأصداء لجدالات البصريين والكوفيين وتأملات أهل الموصل وما وراء النهر، لذا خص مؤرخ الثقافة الأندلسية المقري الحفيد الباب الخامس من "نفح الطيب من غصن الأندلس الرطيب" "للتعريف ببعض من رحل من الأندلسيين إلى بلاد المشرق" مع إقراره أنّ:
حصر أهل الارتحال، لا يمكن بوجه ولا بحال،
ولا يعلم ذلك على الإحاطة إلا علام الغيوب الشديد المحال.
أوصل المقري عدد الأندلسيين المترحلين إلى المشرق إلى 307 عالم وأديب، ولم يترجم إلا لـ83 من المشارقة "الوافدين على الأندلس" منهم الفاتحون والأمراء مع أنه وصفهم بأنهم "قوم كثيرون لا تُحصر الأعيان منهم، فضلاً عن غيرهم، ومنهم من اتخذها وطناً، وصيرها سكناً، إلى أن وافته منيته ومنهم من عاد إلى المشرق بعد أن قضيت بالأندلس أمنيته"، وذكر في الوافدين إلى الأندلس من أهل بغداد أعلاما أدوا أدوارا ثقافية وحضارية ذات تأثير كبير في تاريخ الأندلس منهم أبو علي القالي (ت356هـ) وصاعد (ت 417هـ) وظفر وأبو الفضل الدارمي البغداديون.
ولم تكن وفادة المشارقة والعراقيين إلى الأندلس مقتصرة على الأقدمين ففي عصرنا وفد أفذاذ إلى الأندلس واتخذوها وطنا حتى رحلوا عن دنايانا ولعل أبرزهم الراحل الكبير والمؤرخ الإسلامي العظيم الدكتور عبدالرحمن الحجي الذي عشق الأندلس وأحيا تاريخها مع كوكبة من رواد وأبطال "تحرير الأندلس الثقافي" بعد قرون من الصمت.
الأندلس من الصمت إلى التحرير
يذكر الباحث المغربي في الدراسات الأندلسية عبدالواحد أكمير في دراسته "الأندلس في الثقافة العربية المعاصرة" عن تاريخ علاقة العرب والمسلمين بالحضارة الأندلسية أن الموروث الأندلسي بقي "نسياً منسياً في الذاكرة والثقافة العربية منذ نهاية القرن الخامس عشر إلى نهاية القرن التاسع عشر، بحيث لم يكن يتجاوز ذكره إشارات مبعثرة في كتب الأدب والفقه والتاريخ والرحلات السِفارية. وكان الاستثناء الوحيد الذي يمكن اعتباره كتاباً متخصصاً في الثقافة الأندلسية طوال هذه المرحلة الطويلة، هو نفح الطيب الذي ألفه المقري في الثلث الأول من القرن السابع عشر".
ويضيف أكمبير أنه "ولملء هذا الفراغ، كان لزاماً انتظار القرن العشرين، الذي تجدد معه حضور الأندلس في الذاكرة الجماعية العربية، وفي الوقت نفسه، سيظهر اهتمام علمي من طرف المثقفين العرب بتخصصاتهم المختلفة، بهذا الموروث الحضاري"، وتساءل عن سر هذا الحضور والاهتمام المفاجئين بالأندلس، وفي اعتقادي أن الاهتمام بالأندلس مظهر واحد من مظاهر اليقظة الإسلامية في مختلف الأقطار؛ ففي الهند ناجى محمد إقبال "جامع قرطبة" ووجدت الحركة الإصلاحية في البلدان العربية في التراث الفكري والأصولي الأندلسي ما يشفي غليلها سيما عند الشاطبي وابن خلدون، ولم تفارق الأندلس يوما وجدان المسلمين لكثرة وقيمة ما ترك الأندلسيون من تراث متجدد.
أرى أن الإقبال الكبير على التراث الأندلسي وحجم ما أنجز فيه في العقود الماضية منذ كتب أمير البيان شكيب أرسلان (ت1946م) "الحلل السندسية في الآثار والأخبار الأندلسية" إلى اليوم يمكن أن يطلق عليه مشروع "تحرير الأندلس ثقافيا" وقد اكتمل وتأسست مدارس المهتمين بالأندلسيات في كثير من كليات الآداب بالجامعات العربية يتقدمهم في مصر محمد عبدالله عنان (ت 1986م) الرائد الأول في إبراز الدرر الأندلسية من الخزائن الإسبانية كما أن كتابه "دولة الإسلام في الأندلس" ودراساته الأخرى من الكتب التي استحق بها وصف "أول باحث عربي وضع أسس الكتابة التاريخية الأكاديمية عن الأندلس في القرن العشرين" -حسب أكمير-.
ويأتي في مصر بعد عنان المؤرخ حسين مؤنس (1986م) الذي وضع موسوعة عن تاريخ الأندلس ووصف معالمها وحصونها بدقة في رحلته الأندلسية ثم أسهم "المعهد المصري للدراسات الإسلامية" بمدريد في توطيد الدراسات الأندلسية وله يرجع الفضل في تكوين عدد من رواد الدراسات الأندلسية في مصر مثل محمود علي المكي (ت2013م) وطاهر أحمد المكي (ت 2017م) وأحمد المختار العبادي (ت 2016م).
والطريف أن العبادي هذا وعمه عبد الحميد العبادي (ت1956م) أحد مؤرخي الأندلس والإسلام يرجع نسبهما إلى بني عباد الذين حكموا قرطبة وإشبيلية في القرن الخامس الهجري زمن ملوك الطوائف وكان آخرهم المعتمد بن عباد الأمير الأسير، وكان العباديان يفتخران بهذا النسب وقد رعياه علميا حق رعايته، كما أن مصر وبالأخص الإسكندرية تعتبر من المدن التي ورثت الأندلس علميا فإليها نزح كثير من الأعلام الأندلسيين من مختلف المدن ونشروا بها علما كثيرا، ولا يفوق مصر في إرث الأندلس إلا المغرب الكبير والأقصى منه فهو "الأندلس الباقية" كما يقول أستاذنا البروفوسير مدثر عبدالرحيم الطيب –حفظه الله-.
ورغم العلاقة الوطيدة بين الأندلس والمغرب فإن واضع أسس الدراسات الأندلسية فيها هو أحمد المختار العبادي المصري ذو الجذور المغربية الأندلسية حين انتدب أستاذا بكلية الآداب عام تأسيسها ثم نائبا لعميدها بعد نقاشه أطروحة دكتوراه في جامعة مدريد عن أسرة بني الأحمر آخر الأسر الحاكمة في الأندلس، وعلى يدي العبادي تكون رواد الدراسات الأندلسية في المغرب من أمثال المؤرخ عبدالهادي التازي ومحمد حجي (ت2003م) ومحمد بنشريفة (ت2018م)، كما يخبرنا أكمير.
شمل التحرير الثقافي للأندلس التأريخ لكل ضروب المعرفة وألوان الحضارة فيها؛ فتخصص باحثون في التاريخ وآخرون في الآداب والعلوم الشرعية واللغوية والأديان، يتقدمهم شوقي ضيف (ت2005م) وإحسان عباس (ت2003م) في مصر والشام، ونشرت أمهات التراث الأندلسي، وساهمت الجزائر وتونس وليبيا في الدراسات الأندلسية بقدر إرثهم من تركة الأندلس وهو إرث كبير اختلطت فيه المحابر والدماء والأنساب والسلالات.
وأشمل الدراسات الأندلسية التي كتبت مؤخرا -فيما اطلعت عليه- أطروحة الشاعر والباحث الكبير الدكتور أدي آدب الذي نفذ إلى روح الأندلس من خلال "المفاضلات" فجمع شمل ما تفرق مؤرخا لإنسان الأندلس وزمانه ومكانه وأدبه ودياناته وسياسته في سلك ناظم ومنهج محكم يذكر متأمله بعمران الأندلس وقنطرة قرطبة، وقد أنفق ادي من عمره -أمده الله- سنين عددا فجاء بما يشفي الغليل ويرضي أرب كل مغرم بهذا الفردوس الذي لا ينضب معينه، وكثيرا ما أخبرنا الشاعر ادي أن سر اهتمامه بالأندلس يعود إلى "قلة بواكيها" في عصر انكفاء الأقطار على ذواتها، هذا في البوابة الغربية من بلاد العرب فما ذا عن بوابة العرب الشرقية عن الأندلس في عراقنا الحبيب وهي موضوع المقال عن الفقيد المفيد الحجي.
الحجي والتاريخ الشامل للأندلس
جمع عبد الرحمن الحجي المولود في المقدادية 1935م في دراساته التاريخية إسلاميا وأندلسيا بين أربعة أبعاد يجب استحضارها حين دراسة أعماله لفهمها وتنزيلها منزلتها؛ البعد الأول: الانتماء لمجمل المدرسة العراقية التاريخية المعاصرة ذات الجذور التاريخية الممتدة عبر القرون، وتميزه من بين أعلامها كعبدالعزيز الدوري (ت2010م) وصالح أحمد العلي (ت2003م) بمذهبه الإسلامي في التحليل والتأويل وقراءة الأحداث في ضوء السنن الكونية إذ هو من أعلام هذه المدرسة مع النبيلين أكرم ضياء العمري وعماد الدين خليل حفظهما الله.
أما البعد الثاني فهو علاقته بأعلام المدرسة التاريخية المصرية خصوصا المشتغلين بالدراسات الأندلسية كمحمد عبدالله عنان الذي راسله مراسلات لطيفة وطريفة، وغيره ممن لقيهم خلال دراسته الآداب في كلية دار العلوم بجامعة القاهرة، والتربية وعلم النفس في كلية التربية بعين شمس، والبعد الثالث هو تكوينه على المناهج الغربية الحديثة في البحث وجمع في ذلك بين الخبرتين الإسبانية والبريطانية، والبعد الرابع هو خبرته الأكاديمية الطويلة والثرية التي بدأت منذ عاد 1966 من قسم التاريخ بكلية الآداب في جامعة بغداد وتواصلت على وفاته 2021، وشملت التجربة والعطاء العلمي عدة بلدان عربية منها السعودية والكويت واليمن والبحرين، والإمارات التي هو أحد مؤسسي جامعتها وأول رئيس لقسم التاريخ والآثار فيها.
تلك هي الأبعاد التي يجب استحضارها حين تناول الأعمال التاريخية والأندلسية للمؤرخ الحجي الذي كان يرى أن التاريخ الأندلسي ينقسم إلى ثلاثة أقسام، وقد وضع في كل واحد منها كتابا صار من المراجع التي لا غنى عنها للباحثين في الأدبيات الأندلسية؛ القسم الأول عنده هو تاريخ الأندلس منذ الفتح 92هـ-711م وحتى سقوط غرناطة 897هـ-1492م، وقد كتب عن هذا القسم كتابه الكبير والشهير "التاريخ الأندلسي من الفتح الإسلامي وحتى سقوط غرناطة" يقع في 600 صفحة مع خرائط وقوائم وجداول وصدرت طبعته الأولى عام 1977م.
وميزة هذا السِّفر أنه أول كتاب يجمع في مجلد واحد بين دفتيه تاريخ الأندلس منذ فتحها وحتى سقوطها المؤسف، وهو في ثمانية فصول ومدخل عام عن حالة أوروبا وإسبانيا قبل الفتح الإسلامي مع نظرة عامة على جغرافية شبه الجزيرة الأندلسية والعهود التي مرت بها الأندلس، وخصص كل فصل من الفصول لمرحلة فارقة من تاريخ الأندلس من "الفتح الإسلامي" و"عهد الولاة" و"عهد الإمارة" و"عهد الخلافة" إلى عهود "الطوائف" و"المرابطين" و"الموحدين" و"مملكة غرناطة"، وبتوقف في كل مرحلة من هذه المراحل مع القضايا البارزة والمميزة لها.
أما القسم الثاني عنده لتاريخ الأندلس فهو يشمل عنده "كل ما يتعلق بالأندلس وتاريخها وأحوالها منذ سقوط غرناطة وحتى الوقت الحاضر وما بقي في الأندلس من الإسلام وللإسلام وبالإسلام"، وبالأخص ما لقيه المسلمون منذ تولي الصليبيين حكم الأندلس، وقد تفرغ لهذا القسم منذ إكماله للقسم الأول فجمع فيه كثيرا من الرسائل والمخطوطات والتقييدات والتعليقات ومتابعة المؤلفات عن الأندلس بمختلف اللغات، وقد كتب في هذا القسم عدة كتب وبحوث منها "محاكم التفتيش الغاشمة وأساليبها" نشر في الكويت عام 1987م، و"المورسكيون في المصادر والمخطوطات الأندلسية" قدمه إلى مؤتمر في تونس عام 1983، و"هجرة علماء الأندلس لدى سقوط غرناطة ظروفها وآثارها"، وهو كتاب مفيد نواته الأولى ورقة بحثية قدمت لمؤتمر الحضارة الأندلسية في القاهرة عام 1985م.
أما القسم الثالث والأخير فيشمل عنده "الحضارة الإسلامية الأندلسية وانتقال جوانب منها إلى أوروبا وأثر ذلك في الحضارة الحديثة، وما بقي في إسبانيا والبرتغال منها حتى اليوم ومستقبل ذلك"، ونشر عن هذا القسم كتاب "الحضارة الإسلامية في الأندلس: أسسها ميادينها تأثيرها على الحضارة الأوروبية" في بيروت عام 1969
أسلمة واعتبار
لم يكن الحجي في دراساته التاريخية مجرد سارد للأحداث وجامع للروايات ومصفف للأقوال، فقد كانت دراسته التاريخية وأحوال الأمم نابعة من رؤية إسلامية في الاعتبار والتدبر والنظر في المآلات، وأكد هذا المعنى وطبقه في كتابه "تأملات واعتبار قراءة في حكايات أندلسية" حين يقول "لم يكن سرد القرآن الكريم لتاريخ الأمم السابقة وقصصهم خلوا من الفائدة بل كانت له مقاصد وغايات منها تحقق الاعتبار في نفوس الناس ومسيرتهم وتبصرهم بأسباب التقدم والنجاة وموجبات التقدم والهلاك".
ويرى أنه إذا "تحقق ذلك فإن المنهج يقتضي أن يرتفع مفهوم الاعتبار من دلالته التربوية الفردية إلى نسق فكري يحكم وعي المسلمين في قراءتهم لماضيهم وماضي البشرية وحاضرهم وحاضر الإنسانية كي لا تتكرر الأخطاء وأسبابها ولا تتوقف مسيرة النماء والصلاح في عطائها"، ويرى أن الأندلس وما آلت إليه يمثل ما يميل إليه، فيقول "ولعل سقوط الأندلس يمثل محطة حضارية كبرى لتحقيق أعلى درجات الوعي بأهمية الاعتبار فقد كانت نموذجا إسلاميا حضاريا استوعب العلوم والفنون والآداب، وامتد إلى رعاية الإنسان والحيون والطبيعة ثم كان السقوط الذي توالى باستلام المدن الأندلسية تباعا".
وفي رده على المستشرقين وافتراءاتهم على التاريخ الإسلامي فيقول:
إن التاريخ الإسلامي ليس تاريخ فكر وأحداث وظواهر اجتماعية وسياسية ودول سادت بل أيضا وقبل ذلك هو تاريخ عقيدة شاملة لها سماتها وخصائصها ومقوماتها المميزة،
ويرى أن خطأ المستشرقين ناشئ عن عدم فهمهم لدور العقيدة الإسلامية في صياغة التاريخ الإسلامي، ثم أفاض في الحديث عن مخططات المستشرقين في تشويه التاريخ الإسلامي في كتابه "نظرات في دراسة التاريخ الإسلامي".
الحجي إنسان ابن زمانه
يحرص الحجي في كتبه على تصديرها بإهداء، ومن خلال تلك الإهداءات تظهر روحه الجميلة وأبعاد إنسانيته الإيجابية، ففي كتابه السالف "نظرات في دراسة التاريخ الإسلامي" أهداه "إلى التي أحسنت صحبته وبذلت جهدها في معاونته وفاء وتقديرا"، وقد أهدى كتابه الكبير في القسم الأول من تاريخ الأندلس إلى فئام من الناس منهم "الباحث الغيور" و"المتبصر" و"المؤرخ الأمين" ثم إلى طلبته وأهل الأندلس والآمرين بالمعروف والناهين عن المنكر.
وكان من الطبيعي أن يكون إهداؤه لكتاب "هجرة علماء الأندلس" أن يكون إلى "الذين هاجروا إلى الله في الأندلس وغيرها جهادا فيه وخدمة لدينه، وعضوا عليه بالنواجذ، وبقوا في الميدان لأجله نزعوا الخوف والطمع..". ، وأهدى كتابه "جوانب من الحضارة الإسلامية" إلى أبيه الذي "حنا عليه ورباه وتعب لأجله".
وكان الحجي ابن زمانه فلم تعقه العقود وتراكم السنين أن يخاطب أهل كل زمان بلغتهم ووسائلهم، فكان يطلع كل حين فيديوهات قصيرة مفيدة عن قضايا إسلامية وأندلسية تاريخية يتعاطى فيها الود مع ابنه "الحبيب" كما يدعوه، فرحم الله عبدالرحمن الحجي الذي عشق الأندلس وعشقته فزارها أول مرة للدراسة سنة 1959م ثم استقر فيها في التسعينات حتى رحل يوم في 18 يناير 2021 في الأندلس ودفن في مقابر أسلافه المسلمين بمجريطة أي مريد، بوأه الله منزل صدق.
الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لشبكة الجزيرة.