شعار قسم مدونات

على أبواب عصر جديد

 

وأخيرا انتهت 2020 بعدما ابتسمت للبسطاء وتوصل عالمان مهاجران لعلاج كوڤيد-19 وتخلص العالم من دونالد ترمب واقترب من الخلاص من حقبته بعنصريتها وشعبويتها. والسؤال هو وماذا بعد؟!

مع نهاية 2020 توصل عالمان مسلمان تركيان مهاجران للقاح لمعالجة الجائحة يثبت أن المشكلة في الحكومات المستبدة ومن يساندون هذه الحكومات من ساسة الغرب الذين يكيلون بمكاييل عدة وليست في الإسلام أو المسلمين.

تكاتف الديموقراطيين التقدمين والأمريكيين من أصول لاتينية وأفريقية وأسيوية ضد اليمين الشعبوي العنصري يثبت أنه نعم بأمكاننا عمل المزيد والمزيد والوقوف ضد اللامساواة والعنصرية وتغيير الواقع الغير عادل ونتيجة الانتخابات الامريكية 2020 -الانتخابات الرئاسية ومجلس الشيوخ- خير مثال.

يقول المفكر نعوم تشومسكي:

كل من يحلم بالعودة للوضع الطبيعي الذي كان سائدا قبل الجائحة مخطأ..

ببساطة لأن الوضع لم يكن طبيعيا قبل ذلك..

ما كشفته الجائحة هو ضعف ذلك الوضع غير الطبيعي الذي يتمنى ويحلم البعض بالرجوع إليه. العالم الآن أصبح أكثر واقعية والتغيير الجذري قادم لا محالة ليس فقط في محاذير السفر وصناعة الطيران والفندقة والصناعات الترفيهية فحسب، بل هناك تغييرات هيكلية في سوق العمل والتخصصات الدراسية والاستثمار وأولويات الانفاق على البحوث والتطوير والطاقة النظيفة.

نعم نستطيع

شعار حملة الرئيس باراك أوباما

نحتاج جميعاً إلى وجود بدائل تركز على ضرورة إنتاج كل دولة للمستلزمات الأساسية من الغذاء والدواء والسلاح وأغلب السلع الرئيسية. إن الاعتماد على الدول الأخرى في إنتاج السلع الأساسية أثبت فشله في حالات الطوارئ مثلما حدث مؤخراً أثناء اشتداد الجائحة. لابد من تكثيف عمليات الإنتاج المحلية وتشجيع الصناعات الوطنية. هناك تغييرات هيكلية في آليات التجارة الدولية وتعديلات في نظم وقوانين الحماية الجمركية التي ستحمي الصناعات الوطنية والتي بدورها سترفع معدلات التشغيل المحلية إلى الحد الأقصى وتقلل من معدلات البطالة التي تمثل خطراً حقيقياً على الأمن والسلم الدوليين.

 

إن فوز جو بايدن والديموقراطيين برئاسة الولايات المتحدة وأغلبية مجلسي الشيوخ والنواب يعطي أملا ممزوجا بتفاؤل أنه يمكن للبسطاء والمهمشين الاعتراض والتغيير. من المعلوم من المنطق بالضرورة أن جو بايدن-كاملا هاريس ليسوا بيرني ساندرز- إليزابيث وارين ولكن بداية الغيث قطرة والتغيير قادم لا محالة فالتيار التقدمي للحزب الديموقراطي بوجهه التواق للعدالة الاجتماعية والمساواة (إلهان عمر-توم مالينوسكي- الكساندرا أوكاسيو-كورتيز) سيقودون التغيير على المدى المتوسط والطويل. فكما أستطاع التيار التقدمي اقناع طلاب الجامعات والمهاجرين العازفين عن المشاركة في الحياة السياسية بالمشاركة والتصويت فجو بايدن حصل على أكثر من 15 مليون وأربعمائة ألف صوت أكثر مما حصلت عليه هيلاري كلينتون في انتخابات 2016.

 

من المتوقع أن تدور معركة كبرى وصراع شديد خلال الشهور القادمة بعد انقضاء الجائحة وعودة الحياة تدريجياً بين أنصار الديموقراطية الاجتماعية والمدافعين عن البيئة والعدالة الاجتماعية والحرية -لكل الأعراق والأديان وليس لعرق محدد- ضد منظري النيوليبرالية المتوحشة ومروجي العولمة واليمين الشعبوي والديكتاتوريات السلطوية ورعاة الانقلابات العسكرية والشركات العابرة للقوميات والمؤسسات المالية الدولية -البنك الدولي وصندوق النقد مثالا- وباقي منظومة الفساد الدولي.

 

إن العملية التوعوية التي تقود الى تعليم حقيقي -مجاني- وبحث علمي لحل المشاكل الملحة والآنية والرعاية الصحية -المجانية أو بتكلفة يستطيع كل شخص الحصول عليها بكرامة- حق لكل البشر والنضال والتكاتف بين فئات المجتمعات المختلفة هو السبيل الوحيد للانتصار على الرأسمالية المتوحشة التي تعتبر البشر مجرد أرقام، وتتعامل مع البحث العلمي على أنه وسيلة لإنتاج سلع وخدمات ينبغي زيادة الطلب عليها حتى تزداد ثروات مالكي الشركات العابرة للقوميات وأباطرة المال والسياسيين الفاسدين. يمكننا أن نحلم بعالم لا يوجد به مسؤول يتخلص من معارضيه بطرائق مشينة، يمكننا أن نحلم بعالم أكثر عدلا لا مكان فيه لشركات المرتزقة التي تقتل الابرياء وتقود الثورات المضادة تحت رعاية دول بها وزراء متحرشين.

 

إن المدافعين عن البيئة ومناهضي العولمة والحكومات -القليلة- التي تقف مع الشعوب المقهورة وتدعم حركات التحرر والربيع العربي وقضايا حقوق الانسان والعدالة الاجتماعية لديها الكثير وتستطيع توحيد جهودها -وهو واجب الوقت- حتى تنتصر قيم العدالة والمساواة.

 

الرحلة طويلة وليست سهلة ولكن الغاية هي الحق والخير والمساواة وهذه الغايات تستحق البذل، الآن نستطيع أن نبذل جهودنا المخلصة مع كثير من التفاؤل لأن القطار انطلق وقديما قالوا إن النصر مع الصبر.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.