صعدت الإمارات الدرجة الأولى من سلم التطبيع بينها وبين "إسرائيل" بإعلان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب اتفاق تطبيعي صريح سماه "اتفاق السلام" ، كما الشمس في الصباح لا تشرق دفعة واحدة كذلك "اتفاق السلام" لم يكن ذلك الاتفاق وليد أسابيع وأشهر بل كان بتخطيط وتدبير ومعاينة ووضع استراتيجيات على مدار سنوات، إذ شهدت بعض الدول الخليجية سباقًا حقيقيًا في التطبيع مع كيان الاحتلال الاسرائيلي، وعلى رأس هذه الدول الإمارات العربية .
بدءًا بلقاء رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو وزير الخارجية الإماراتي في 2012 كما صرحت صحيفة "هارتس العبرية"، وكذلك سمحت الإدارة الإماراتية للرياضيين الإسرائيليين المشاركة في بطولة الجودو ورفع علمهم في أكتوبر/2018، وتتوالى الأحداث عبر الأشهر والسنوات بطابع مبطن يسري من تحت أقدامنا وصولًا إلى التعاون المشترك لمكافحة أزمة كورونا بإرسال طائرة إماراتية تحمل 100 ألف عبوة تشخيص كورونا كما كشفت صحيفة "يديعوت أحرنوت" .
وعلى الضفة الأخرى من التطبيع ذاته، الحملات الإعلامية التي تشنها بعض وسائل الإعلام الخليجية ضد المقاومة الفلسطينية، من عرض لبرامج قائمة على أكاذيب وافتراءات مستندة إلى أجهزة مخابرات الاحتلال، وبعض الكتاب السعوديين في تذبذب حديثهم عن تطبيع إعلامي صريح وعرض منمق لكلماتهم وغزلهم السياسي التطبيعي، وكذلك المسلسلات كـ"مخرج7، وأم هارون" التي يحوى مضمونها على ضرورة إقامة علاقات قوية بجوانب الحياة كافة مع "إسرائيل"، وإساءة للشعب الفلسطيني ووصفه بالعدو، وقلب الحقائق التاريخية والثقافية المتعلقة بـ"إسرائيل".
مَن التالي؟
"سيكون هناك دولًا أخرى ستنضم إلى اتفاق السلام وسنجلب السلام للشرق الأوسط" هذا ما قاله ترامب في مؤتمره الصحفي بعد رعايته للإعلان عن الاتفاق، فمَن الدولة التالية التي ستصعد سلم التطبيع؟ بين السعودية والبحرين والسودان وسلطنة عمان تتأرجح الآراء، لكن تصريح صحيفة "وول ستريت جورنال" جعل من السعودية الخطوة الأقرب للتطبيع الكامل مع "إسرائيل".
السعودية ليست بعيدة جدًا عن هذه الخطوة، كونها في البداية وضعت الفلسطينيين على مفرق بطريقين إما الخضوع لعملية السلام المعروفة بـ"صفقة القرن" أو التوقف عن الشكوى والبكاء، كما تعد السعودية اليد اليمنى لأمريكا في الترويج لصفقة القرن وتسوية القضية الفلسطينية لحماية "إسرائيل" ، بذلك فقد توجت الإمارات بتاج الخيانة كأول دولة خليجية خرجت من تحت طاولة الاحتلال لتعلن تعاونها وتنسيقها المتبادل فيما بينهم على مدى عقود، فهل ستخرج باقي الدول المطبعة من تحت الطاولة لترضى عنها أمريكا وإسرائيل؟ أم أن هذه الدول ستنتظر معرفة صدى هذا الاتفاق، بعدها تقرر الإفصاح والصعود فوق الطاولة أو الاستمرار في الكتمان .
الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لشبكة الجزيرة.