شعار قسم مدونات

دور الدبلوماسية الثقافية في تطوير العلاقات بين الشعوب

تُصنف الدبلوماسية الثقافية على انها عنصراً من عناصر الدبلوماسية العامة، وهي شكل من أشكال تبادل المعلومات وترويج الفنون والجوانب الأخرى للثقافة بين الأمم، فمنذ بداية القرن التاسع عشر عملت معظم البلدان وبأساليب وطرق منظمة على انتهاج سياسة ثقافية خارجية واعية تهدف إلى تنفيذ مهام سياساتها الخارجية. أدى ذلك كله إلى ظهور شكل جديد من أشكال الدبلوماسية يعرف بالدبلوماسية الثقافية.

 

ويتم تعريف الدبلوماسية الثقافية من قبل الباحثين كامينغز على أنها تبادل للأفكار والمعلومات والفن وغيرها من جوانب الثقافة بين الأمم لتعزيز التفاهم المتبادل، وتشكل عنصراً هاما في الجهود الدبلوماسية الأوسع نطاقا، وتحتوي ببساطة على كل ما تفعله الأمة لتعريف نفسها بالعالم.

 

ونظرًا لجوهر الدبلوماسية الثقافية التي تسمح للدول أن تتقاسم أشكال التعبير الإبداعي الخاصة بها، فهي مرنة بشكل طبيعي، وبالتالي يمكن أن تكون واحدة من أكثر الأدوات الدبلوماسية فعالية، ومثال حقيقي لما يسمى باليوم بالقوة الناعمة، أي القدرة على الإقناع والتأثير عبر الثقافة والقيم والأفكار، بدلاً من القوة الصلبة، التي يتم اكتسابها وتنفيذها من خلال العمليات العسكرية.

blogs حديث، حوار، عمل

فعلى سبيل المثال يستخدم الاتحاد الأوروبي الثقافة لدعم إمكانات القوة الناعمة لديه، لتوليد حسن النية، وتأطير جدول الأعمال الدولي بطرق معينة، وإقامة أو إعادة تمثيل الحدود أو إنشاء روابط مجتمعية عبرها. وفقًا لـ J. Nye: الدبلوماسية الثقافية هي أفضل مثال على القوة الناعمة، أي إمكانية التواصل عبر القيم الثقافية والأفكار. علاوة على ذلك، إنها القدرة على تحقيق ما هو مرغوب فيه بدلاً من الجاذبية أو الإكراه. إنه نتيجة جاذبية ثقافة معينة، ومثل سياسية، وجوهر سياسة بلد معين. وبالتالي، فإن الدبلوماسية الثقافية الأوروبية هي عنصر مهم في علاقات الاتحاد الأوروبي مع بقية العالم، وبالتالي تلعب دورا في تشكيل سمعة الاتحاد الأوروبي وممارسة المصالح السياسية.

 

الدبلوماسية الثقافية يمكن أن تشمل برامج التبادل الأكاديمي والمهني والثقافي وبرامج الطلاب، والمؤتمرات والمحاضرات حول المشاكل الاقتصادية والاجتماعية، والأدب، وصناعة الأفلام، والفنون المسرحية، والمعارض الفنية والعروض، بالإضافة إلى حفلات الرقص والموسيقى.

أدوات وأساليب الدبلوماسية الثقافية

للإجابة على السؤال حول كيفية استخدام أدوات وأساليب الدبلوماسية الثقافية، ومدى المساعدة في تحقيق الأهداف الدولية وما هي وظائفها، يمكننا أن نخلص إلى أن أهمية الثقافة آخذة في الارتفاع في مجال الشؤون الخارجية، وإن دورها في هذا المجال لا يزال أحد أكثر جوانب السياسة التي لم تخضع للدراسة.

الإعلام

يعتبر الإعلام بما في ذلك الإعلام الحديث (وسائل التواصل الاجتماعي) الذي يُفهم على أنه وسيلة لنقل المعلومات هو عنصر أساسي في الاتصال السياسي، وأنه بمثابة حزام النقل في الحوار بين المحكومين والحكام ويستخدمه كلا الطرفين كأداة للتفاعل المتبادل، ويجب التأكيد على أن دوره لا يقتصر على البعد الداخلي للسياسة فحسب، بل يشمل أيضًا مجال العلاقات الدولية، ومن هذا المنظور، يمكن اعتبار وسائل الإعلام ككيان يقوم بتشكيل السياسة الخارجية للدول وأداتها. وترتبط الأهمية المتزايدة لوسائل الإعلام في العلاقات الدولية بشكل خاص بتطوير وسائل الإعلام.

الفنون

كأداة للدبلوماسية الثقافية أثبتت فعاليتها أيضاً حيث كانت الموسيقى والرقص أدوات قوية بشكل ملحوظ للدخول إلى قلوب وعقول الناس في جميع أنحاء العالم بفضل تفوقها على اللغة العادية وقدرتها على لمس مشاعر الإنسان العميقة. فهناك حتماً فرق كبير بين البيانات المباشرة من جانب الدبلوماسيين حول المشاكل الفعلية ذات الصلة واستخدام الفنون، والتي تنقل الفكرة مجازيا في هذه الحالة، ويستخلص الجمهور استنتاجاتهم الخاصة ويحول الظروف التي تم تصويرها في المسرحية إلى مجتمعاتهم.

BLOGS حوار

الحوار

تعتمد الدبلوماسية دائمًا على الحوار، عادةً بين البلدين، والحوار هو عنصر أساسي للنجاح على طريق حل النزاع، سواء كان الصراع متجذرًا في التاريخ أو نتيجة للظروف الحالية، فمن المهم التقريب بين الجانبين. في الحالات التي لا ترغب فيها الحكومات أو لا تستطيع الدخول في حوار، ومن المهم إشراك أطراف من القطاع غير الحكومي. يمكن للمشاريع الثقافية العامة التي يفهمها الجميع أن تكون طرقًا فعالة للتعاون بين البلدان وحل النزاعات، ومهما كان النزاع، فإن الاستثمار في الحوار يستحق كل جهد دائمًا.

برامج التبادل

الدولي أو الأكاديمي بين الدول والشعوب فعندما تسافر إلى دولة أخرى تمثل منظمتك أو مشروعك أو للدراسة، فأنت بالفعل دبلوماسي ثقافي، ويشكل المجتمع الجديد الذي تعيش فيه رأيًا في بلدك واستخلاص استنتاجات بناءً على تصرفاتك أفعالك.

 

خلاصة القول، تعتبر الدبلوماسية الثقافية، في عصرنا الراهن وبالرغم من أنها أداة دبلوماسية غير مدروسة بصورة جيدة، بشكل عام واحدة من أهم مكونات الدبلوماسية العامة وأكثرها تأثيراً، وعند فهمها بشكل أفضل، يمكن أن تصبح أداة أقوى بكثير لتحسين صورة البلد وعلاقاته مع البلدان الأخرى. وقد تساهم أيضًا في بناء الدولة المحلية.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.