لا شك أن العالم يعيش خوفًا مشتركًا بسبب انتشار الوباء القاتل المسمى «كورونا» في أنحاء العالم، وما كشفه أيضًا من خبث وصراعات خانقة بين الدول العظمى، رغم أن «الوباء»، وكما هو معروف، كانت أولى الإصابات به في دولة الصين. وهنا عدة أسئلة تطرح: هل «الفيروس» اختراع من طرف الدول العظمى؟ أم فعلًا هو مرض حقيقي طبيعي لا دخل للقوى الكبرى فيه؟ يبقى الإشكال مطروحًا عند الجميع حول الأسباب الحقيقية التي أدت إلى ظهور هذا المرض المستجد.
فوبيا كورونا العالمي
لكن، رغم كل ذلك، فالعالم يمكن القول إنه بات محاصرًا في «زجاجة واحدة» عنوانها العريض «هاجس الخوف من كورونا». فهل يتحد العالم ويترك جميع الصراعات، والحروب جانبًا، ويتصدى لهذا «الوباء» القاتل، الذي بات العنوان والإشكال المحوري المهدد للبشرية؟ أم أن القوى العظمى لديها خيارات أخرى، بعيدة كل البعد عن الهدف الإنساني؟ لا سيما وأن العالم لم يتخذ إجراءات وقائية مسبقة، عندما ظهرت أولى الحالات في ووهانا الصينية. وذلك بمساعدة هذه الأخيرة، بالإمكانيات البشرية والطبية الضرورية لمجابهة هذا الفيروس والقضاء عليه في المهد.
على النقيض من ذلك، اكتفت بعض الدول العظمى حينها بشعار «اللامبالاة» ورأت فيه (الفيروس) عنصرًا إيجابيًّا في صراعها السياسي والاقتصادي مع الصين، وهنا نعني الولايات المتحدة الأمريكية تحديدًا، التباين الظاهر بين الدول والتي افرزته الجائحة، ترتبت عنه خسائر بشرية جسيمة في انحاء العالم، وهو ما جعل جميع دول العالم تلجئ الى حالة الطوارئ وتغلق أبوابها جوا وبحرا، وفي ظل هذه الأزمة الصحية العالمية و تضرر جميع سكان العالم منها ،أصبح من الضروري اجاد لقاح لمواجهة فيروس كوفيد-19 ، وهذا ما اتجهت إليه البلدان الكبرى ليطرح السؤال الشائك؟
هل تستغل أمريكا الفيروس لطموحات اقتصادية؟
هذا السؤال وجيه، مع الإدارة الأمريكية الحالية التي يتزعمها ترامب، والذي منذ وصوله إلى البيت الأبيض، يخلق المفاجآت، والقرارات السياسية والاقتصادية المنفردة، والمخالفة لتوجهات السياسات السابقة للولايات المتحدة الامريكية، لذلك، بينما العالم يعيش لحظة تاريخية مع الإدارة الأمريكية الحالية، والتي هي مبنية على مزاجية ترامب، يخاف من أن تستغل الدولة العظمى الفيروس، وتقوم باستثماره اقتصاديًا، وتراكم الأموال، من خلال اختراع أدوية يكون الهدف منها هو استغلال «الوباء المستجد»، وفتح قنوات ومصانع للبيع في جميع بقع العالم للكسب خاصة في دول العالم الثالث التي ما زالت تعاني من ويلات الحروب، والصراعات الداخلية والفقر.
هل تتحمل القوى العظمى مسؤولياتها؟
البشرية تعيش مرحلة إنسانية صعبة، فرغم أن المنظمة العالمية للصحة، قد اتخذت عدة خطوات للحد من انتشار هذا الوباء، في كافة ربوع المعمورة لكيلا تكون هناك حالة «طوارئ صحية عالمية»، إلا أن ذلك لم يمنع من انتشاره في جميع قارات العالم، ونحن نرى كيف هي الأوضاع بعدة دول انتشر فيها الوباء، فالوفيات فيها تخطت الآلاف، بشكل يؤكد أن المنظمة سترفع راية الطوارئ العالمية لا محالة.
غير ذلك لن يجدي نفعًا، ما لم تتحل القوى العظمى بالإنسانية، والشجاعة، وتبتعد عن الأنانية، وصراعات الأقطاب المتعددة، لا سيما وأن لديها جميع الإمكانيات البشرية، والطبية التي يمكن أن تساعد العالم في الحصول على العلاج الفعال لمكافحة هذا الفيروس القاتل، أما إذا لم تتحمل القوى العظمى هذه المسؤولية الإنسانية، فالعالم وسط خطر كبير، خاصة في القارة الأفريقية التي تعتبر الحلقة الأضعف بين القارات، فهي لا تمتلك القدرات والإمكانات الصحية الضرورية لمواجهة هذا الفيروس المستجد، وهذا بالتالي يحتم عليها مساعدة بشرية وصحية من الخارج لمواجهة الخطر.
في الختام، وإلى حين تحقيق توافق عالمي، وخاصة بين الدول العظمى، والابتعاد عن الصراعات، والخلافات السياسية، والاقتصادية الطاحنة بينهم، وطرح كل ذلك جانبًا للتصدي لهذا «الفيروس المستجد»، يبقى العالم يواجه خطرًا متصاعدًا كل يوم، إذا لم تراع فيه الدول الكبرى حاجيات الدول النامية والفقيرة لمواجهته، وتبتعد بذلك عن «المنفعة» واستغلال الفيروس لأغراض اقتصادية.
الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لشبكة الجزيرة.