شعار قسم مدونات

إبراهيم الترزي الذي حبب الإعلام والثقافة في مجمع اللغة العربية

blogs ابراهيم الترزي

الأستاذ إبراهيم الترزي (1927 – 2001) كاتب وقاص ومسرحي ولغوي من طراز متميز كان له الفضل الأوفى في توثيق روابط التعاون بين مجمع اللغة العربية كيانا وهيئة وبين المجتمع الثقافي والإعلامي متمثلا في أفراده ومؤسساته، وقد نجح بدأبه وإخلاصه ونبله في التغلب على عوامل الرهبة المعتادة من شباب الإعلام، والتعالي الاضطراري من أساطين المجمعيين فتمكن من تجسير العزلة المعتادة الفاصلة بين الرصانة والشعبوية، وقد أدى هذا الدور عن حب عميق للغة والرفعة وبإخلاص شديد للوطن ومؤسساته.

وهو واحد من الذين قامت على عاهلهم أنشطة مجمع اللغة العربية بالقاهرة محررا، ومديرا، وخبيرا، وعضوًا، وأمينا عامًا. عرف بدماثة خلقه، وإشاعة روح الألفة والتعاون، والقدرة على الإنجاز، والتوفيق، واكتساب المحبة، والثقة. ولم يقف دوره الاستشرافي والتتويجي المنصف عند حد ويكفي أن أذكر أن الفضل يعود إليه (في المقام الأول) في تقديم كثير من أعلام أساتذة الأدب والفكر العلمي للإذاعة والتليفزيون ولعضوية مجمع اللغة العربية، وللعمل كخبراء في لجانه، فقد كان ذا قلب كبير ونفس صافية، وكان عارفا بالقيمة، مشجعا لزملائه، حريصًا على إفادة الجماهير بكل ما ينمي إحساسها بدينها ولغتها وتاريخها.

 

وبالإضافة إلى هذا فقد عرفه جيلنا والجيل الذي رائدًا من رواد الدراما الإذاعية التسجيلية التي عرضت التاريخ الإسلامي على نحو موحٍ وشائق فيما قبل الازدهار الساحق لعصر الصورة. وبالطبع فقد تميز الأستاذ الترزي بحرصه على اللغة العربية الفصحى الراقية في كل إنتاجه الأدبي للإذاعة والتليفزيون. فيما قبل هذا كان الأستاذ إبراهيم الترزي أديبا طلعة، وكان وهو لا يزال طالبا في معهد الزقازيق الديني يراسل مجلة الرسالة مستدركا وصححا ومضيفا بما ينم عن ثقافة رائعة واطلاع واسع، وقد أفدت من تعقيباته وتنويهاته في كثير من بحوثي.

 

تكوينه الثقافي
كان الأستاذ إبراهيم الترزي من الذين تولوا الإشراف على تطوير مناهج اللغة العربية، وقد اختير عضوًا بلجنة تطوير تعليم اللغة العربية بوزارة التربية والتعليم التي كان يرأسها الدكتور محمد مهدي علام

ولد الأستاذ إبراهيم عبد المجيد الترزي في 15 فبراير 1927 في قرية بني عامر بمحافظة الشرقية، وتلقى تعليما دينيا تقليديا بدأ في الكتاب، ثم التحق بالأزهر وحصل على الشهادة الثانوية الأزهرية من معهد الزقازيق، والتحق بدار العلوم وحصل على شهادة الليسانس الممتازة بمرتبة الشرف من كلية دار العلوم سنة 1954، وهي الدفعة التي تخرج فيها الدكتوران السعيد بدوي عميد علماء اللغة، ومحمد كمال جعفر أستاذ الفلسفة الشهير. والتحق، شأنه شأن السواد الأعظم من أبناء جيله من الخريجين الدراعمة، بمعهد التربية العالي للمعلمين بجامعة عين شمس وتخرج فيه. وعمل مدرسًا للغة العربية بالمدرسة الإنجليزية بمصر الجديدة.

 

وبعد سنوات قليلة من العمل بالتدريس انتقل الأستاذ إبراهيم الترزي للعمل في مجمع اللغة العربية محررًا بالمعجم الكبير، وتدرج في مناصب المجمع حتى أصبح المدير العام للتحرير والشئون الثقافية، وتولى رئاسة تحرير مجلة المجمع، كما اختير خبيرا للجنة المعجم الكبير بالمجمع. وقد انتخب الأستاذ إبراهيم الترزي عضوًا بمجمع اللغة العربية عام 1990، فشغل الكرسي الثالث الذي كان قد خلا بوفاة الأستاذ محمد عبد الله عنان، وسرعان ما شغل منصب الأمين العام من عام 1993 وحتى وفاته في 2001.

 

دوره التربوي

كان الأستاذ إبراهيم الترزي من الذين تولوا الإشراف على تطوير مناهج اللغة العربية، وقد اختير عضوًا بلجنة تطوير تعليم اللغة العربية بوزارة التربية والتعليم التي كان يرأسها الدكتور محمد مهدي علام. كما اختاره المركز القومي للبحوث التربوية بوزارة التربية والتعليم للمشاركة في الدراسات التي يقوم بها في مجال تدريس اللغة العربية. كذلك أسهم الأستاذ إبراهيم الترزي في تأليف الكتب المدرسية للغة العربية للمرحلتين الإعدادية والثانوية.

 

في مجال التحقيق

تولى الأستاذ إبراهيم الترزي تحقيق:

– الجزء الرابع من كتاب «سبل الهدي والرشاد في سيرة خير العباد»، للصالحي، بالاشتراك مع الأستاذ عبد الكريم العزباوي عضو المجمع.

– تولى تحقيق الجزء العاشر من معجم «تاج العروس» (وزارة الإعلام بالكويت).

– اشترك في تحقيق تحقيق الجزء الخامس عشر والجزء الثاني والثلاثين من «تاج العروس».

 

أعماله المجمعية:

– التراث المجمعي في خمسين عامًا.

– مجموعة القرارات العلمية في خمسين عامًا (بالاشتراك مع الأستاذ محمد شوقي أمين عضو المجمع).

– مجموعة قرارات الألفاظ والأساليب (من عام 1934 إلى عام 1987) (بالاشتراك مع الأستاذ محمد شوقي أمين عضو المجمع).

– مراجعة محاضر المجلس والمؤتمر من عام 1969، حتى عام 1988.

– المساعدة في إصدار المعجم الكبير.

 

نشاطه في الأدب

كانت باكورة أعماله الأدبية:

– الحلم الكبير (قصة طويلة فازت بجائزة وزارة التربية والتعليم عام 1962).

– في أرض السدود (قصة طويلة فازت بجائزة وزارة التربية والتعليم عام 1963).

 

نشاطه في الدراما الإذاعية

تميز الأستاذ إبراهيم الترزي، كما ذكرنا، بحرصه على الفصحى في كل إنتاجه الأدبي للإذاعة والتليفزيون، ويمكن تلخيص إنتاجه الأدبي الدرامي في الكتابة للإذاعة والتليفزيون على النحو التالي: المسلسلات الإذاعية الطويلة التي تناولت سير أعلام الإسلام (وكان كل مسلسل من هذه المسلسلات يكتب ويؤدى في 30 حلقة):

– الرسول ﷺ في مرآة الغرب.

– الإمام أبو حنيفة.

– الإمام مالك.

– الإمام الشافعي.

– الإمام أحمد بن حنبل.

– الإمام البخاري.

– الإمام الغزالي.

– الخليل بن أحمد.

– أبو الحسن الماوردي.

– شيخ الإسلام ابن تيمية.

 

مسلسلات إذاعية طويلة تناولت الحياة العقلية والأدبية في تاريخ العرب:

– الوادي المبارك.

– طوق الحمامة، عن ابن حزم الأندلسي.

– شخصيات ضاحكة من الأدب العربي.

– سيد التابعين (سهرة تليفزيونية أدبية عن سعيد بن المسيِّب).

– شاعرات عربيات (مسلسل إذاعي عن ثلاثين شاعرة عربية).

– شخصيات تحت الأضواء. (مسلسل إذاعي عن ست وعشرين شخصية أدبية وعلمية).

– ليالي أبي حيان التوحيدي (مسلسل إذاعي في ست وعشرين حلقة).

– ظرفاء من مصر (مسلسل إذاعي في تسع وثلاثين حلقة).

 

المسلسلات الإذاعية الطويلة التي تناولت وقائع تاريخية:

– الرسالة (مسلسل إذاعي في خمس عشرة حلقة عن عهد الرسول ﷺ).

– موقعة حطين.

– معركة دمياط والمنصورة (عن حملة لويس التاسع على مصر).

 

برامج أدبية إذاعية، منها:

– الهجرة إلى النصر.. سهرة رمضانية في العصر المملوكي.

– ذات الصواري.

برامج أدبية إذاعية من أعلام الأدب العربي:

– الأديب الساخر (الجاحظ).

– أبو الضعفاء (الكواكبي).

– صوت العراق الثائر (الرصافي).

 

برامج ومسلسلات تليفزيونية:

– ابن تيمية (مسلسل تلفزيوني في ثلاث وعشرين حلقة).

– سوق عكاظ. (مسلسل تلفزيوني في ثلاثين حلقة).

– مجالس الخليفة الرشيد. (مسلسل تلفزيوني في ثلاثين حلقة)، وفيها عرض لمواقف قاضي القضاة أبو يوسف، وشيخ الرواة الأصمعي، والشاعر أبو العتاهية، وإسحاق الموصلي.. وأعلام الأدب والفكر في عصر الخليفة الرشيد.

– عتيق شعره (سهرة تليفزيونية أدبية عن ابن رباح الشاعر الأموي).

– الجزار الشاعر (مسلسل تلفزيوني في إحدى وعشرين حلقة).

– القاهرة مدينة كل العصور (برنامج تلفزيوني).

 

وفاته المفاجئة

توفي الأستاذ إبراهيم الترزي بعد اكتشاف مفاجئ لمرضه بالكبد في 2001.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.