شعار قسم مدونات

كيف ستغير أزمة كورونا سلوك المستهلك مستقبلاً؟

blogs التسوق

في ظل ما يعيشه العالم، شاهدنا أجمع سلوكيات التسوق لشعوب مختلفة في فيديوهات تناقلتها وسائل التواصل وقنوات الإعلام. بعضها كان مثير للاشمئزاز، للسخرية. وبعضها الآخر كان مطمئن، مبهج، يظهر أسمى معاني الإيثار والشعور بالغير.. بنظرة مختلفة أكثر تمعن شاهدنا نمو ثقافة جديدة موحدة حول العالم، لم يكن يألفها إلا من عاش تجربة حرب أو أزمة، أو حتى شاهد آثارها على أبائه أو أجداده. ثقافة ارتبطت بما تعرضت له بلدان عبر التاريخ، أجبرت الناس على أخذ الاحتياطات والتأهب بالتخزين والتموين، وهي ثقافة المونة.

1- ثقافة المونة هي أول ما يلاحظ في بيانات التسوق اليوم، أي أحد يدرك الأمر. حالة الحجر الصحي المنتشرة حالياً تقوم بخلق فكر استهلاكي جديد للمتسوق، فكر الشراء بالجملة. وهذا ما يدركه المسوقين وما يتوقع أن يظل يمارس -ولو بطريقة أبسط- مستقبلاً. ربما شاهدت إعلانات إغلاق المتاجر واستمرار عملها إلكترونياً، أو حتى شاهدت موظف توزيع البريد حول منزلك، أو كنت أنت أحد المتسوقين عبر الإنترنت.

يعتقد أن المستهلكين سيعودون إلى المتاجر ومراكز التسوق وأماكن التجمعات الاجتماعية بعد مرور الأزمة. ومع ذلك، ستجعل الأزمة الشركات تبحث عن المزيد من الطرق لتقديم تجارب افتراضية، والتفاعل مع المتسوقين عبر الإنترنت

2- التحول المتسارع من المتاجر إلى التجارة الإلكترونية، يؤول أنه من المتوقع أن ترتفع مبيعات التجارة الإلكترونية بشكل عام، خاصة في محلات البقالة، وهي المكان الذي يمكن أن يحدث فيه أكبر تأثير على المدى الطويل. هنا يوجد تعارض، قد يتساءل عنه المتسوق الإلكتروني الحالي: مع ازدهار التجارة الإلكترونية التي تتيح لك الطلب الفوري هل ستحتاج للتخزين؟ والرد من منظور اليوم، هو أن ازدياد الطلب على المنتج يجعل توفيره يستغرق بعض الوقت. كما أن الوعي الصحي سيدعم الوعي البيئي الذي يحث على تشجيع المستهلك على عدم الطلب الفوري وعياً بأن إرسال بريد واحد فضلاً عن إرسال عدة معاً يهدر الطاقة وعلى منظور واسع يضر بالبيئة.. في ظل الظروف تبين فائدة ثقافة أخرى ملخصة في مثل شامي يقول: "خبي قرشك الأبيض ليومك الأسود". ستنشأ ثقافة ادخار من دافع الوعي بجانب -وللأسف- نتيجة الضرر المادي الذي لحق بكثير من أصحاب الأعمال أو فقدان العديد لوظائفهم.

3- اتجاهات الشراء تغيرت. على حسب إحصائية لم يعد 54 في المائة من المستهلكين يفكرون في شراء سلع باهظة الثمن (المنازل والسيارات والرحلات والسلع الفاخرة) خلال الأشهر الثلاثة المقبلة. بدلاً من ذلك، يركز المستهلكون على مستويين من المنتجات الاستهلاكية اليوم: المنتجات الغذائية، والمنتجات الوقائية والصحية. من لم يدفعه الحجر الصحي على اكتشاف الشيف الذي يكمن داخله؟ الالتزام المنزلي خلق فرصة تنمية مهارات للعديد منا. ومع اشتياق الكثيرين للخروج مع الأصدقاء والذهاب لمطاعمهم وأماكنهم المفضلة، يوجد تحدي أمام المتاجر بالتحضير لإعادة الثقة وتوطيد صلة المستهلك بالمنتج، الأهم بالمتجر.

4- يعتقد أن المستهلكين سيعودون إلى المتاجر ومراكز التسوق وأماكن التجمعات الاجتماعية بعد مرور الأزمة. ومع ذلك، ستجعل الأزمة الشركات تبحث عن المزيد من الطرق لتقديم تجارب افتراضية، والتفاعل مع المتسوقين عبر الإنترنت، بدلاً من التركيز بشكل أساسي على جذب الحشود إلى متاجرهم. كتب أحدهم معلقاً على صندوق كمامات كتب عليه "صنع في الصين": أنت الداء والدواء. وكان هناك عدة دعابات حول الأمر.

5- مع التخوفات المتصاعدة، بدأت مجموعة متزايدة من العملاء التعبير عن القلق بشأن شراء المنتجات المصنوعة في الصين بسبب انتشار الفيروس، والمخاوف الصحية من انتقاله. مع أن إجراءات الوقاية اللازمة كفيلة بصد هذا التخوف إلا أن الموضوع ينظر له من زاوية مختلفة بخصوص الاستيراد. الأزمة هذه سلطت الضوء على أهمية الاكتفاء الذاتي لكل بلد بالحاجات الأساسية كانت غذائية أو طبية. الأزمة هذه نقطة تحول برأي الكثير من الخبراء ولا يتوقع أن يعود الأمر كما كان. البعض يظن بأن الأمر سيتحسن وينجلي في ثلاث أشهر، البعض يرجح أنها ستستغرق ستة أشهر أو اكثر، والله أعلم.. لا نقول إلا أن فهم المجريات والتغيرات التي تتشكل اليوم تعطي توقع قد يصيب في الغد.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.