شعار قسم مدونات

كيف زادت قرارات إسرائيل بشأن كورونا من عزلتها الدولية؟

blogs كورونا

على مدى اثنان وسبعون سنة ودولة الكيان الصهيوني المحتلة تعتدي على الأعراف الدولية وتتنصل من كل الاتفاقيات، وتمارس بلطجيتها على القانون الدولي، ومُذَّاكَ والمجتمع الدولي يدعم هذه البلطجة بوقاحة وغباء منقطع النظير.

اليوم وحتى بعد جائحة كورونا التي ربما تجعل من المجتمع الدولي أخيراً ولأول مرة كمجتمع يعادي كل أشكال الظلم والاستبداد والقهر، حتى أنه قد يعادي مسألة قيام دولة الاحتلال الصهيوني برمتها، اليوم تابع المجتمع الدولي ومنظمات حقوق الإنسان بقلق شديد واستهجان كيف وزّعَت حكومة الاحتلال الصهيوني نشرات توعية بشأن فيروس كوفيد-19 باللغة العبرية دون أية معلومات باللغة العربية، الأمر الذي أظهر كمية العنصرية والإجرام التي ما زالت تعشش داخل عقلية المسؤول اليهودي في دولة الاحتلال الصهيوني رغم هذه الجائحة التي لم تسمح لأي مجتمع بأن ينأى بنفسه عن باقي المجتمعات فيما يتعلق بمعلومات الوقاية من هذا الفيروس.

خلال هذه الظروف فمن البديهي أن تقوم سلطة الاحتلال بتحمل واجب توفير كل الخدمات الطبية الأساسية واتخاذ كل الإجراءات الصحية الوقائية للشعب الفلسطيني صاحب الحق حتى داخل أراضي 67 التي تسيطر عليها سلطة عباس، كون سلطة الاحتلال هي السلطة الوحيدة التي تتحكم بكل المنافذ الحدودية لكامل فلسطين المحتلة وتتحكم أيضا بكل أشكال الحياة هناك حتى داخل أراضي 67، هذه البديهية صراحة تنبُع ليس من كون الاحتلال هو السلطة الفعلية هناك، وبأن القوانين والمواثيق الدولية تُلزمها بذلك، لا، بل تنبع من خطورة فيروس كورونا وسرعة انتقاله وانتشاره بين البشر والذي لا يميز بين فلسطيني ويهودي، ورغم ذلك نجد سلطة الاحتلال تتعامل مع الفلسطيني أثناء جائحة كورونا وكأنه لو حدث وأصيب بالفيروس لن ينقله بدوره إلى اليهودي، أمر أغرب من الخيال، لقد زاد كورونا من عنصرية وغباء مسؤولي دولة الاحتلال وعرَّاهم تماما أمام المجتمع الدولي الذي بات يلمس أطوار جديدة من الإجرام الذي تمتاز به هذه السلطة بيهوديتها.

المشكلة الكبرى أعزائي أن إسرائيل رغم ذلك ما زالت تعتبر ممارستها لعنجهيتها وإجرامها بحق الفلسطينيين كحق مكتسب لها أمام المجتمع الدولي، منذ جائحة كورونا فقد زادت الاعتقالات بحق الفلسطينيين والهدف هو زيادة الاختلاط بين الفلسطينيين في المعتقلات

سوف تزداد دولة الاحتلال الصهيوني عُزلةً على عزلتها التي بدأت بشكل واضح منذ انطلاق مسيرات العودة الغزية، وبعد نجاح حملات حركة المقاطعة وسحب الاستثمارات وفرض العقوبات الفلسطينية الدولية BDS منذ 2005، ستزداد هذه العزلة نتيجة تصرفات مسؤوليها الغبية والأشد عنصريةً وإجراماً هذه المرة أكثر من أي وقت مضى، حين فرضت المزيد من القيود على حقوق الإنسان الفلسطيني حسب تقرير لمنظمة الأمم المتحدة صدر مؤخرا، أشار إلى أن دولة الاحتلال انتهكت حقوق الإنسان الفلسطيني بشكل صارخ وغير مسبوق حين فرضت المزيد من القيود على حرية الحصول على الرعاية الصحية وخدماتها، وقيود إضافية على حركة التنقل بما لا يتناسب من حيث التوقيت وطول المدة وجائحة كورونا، لقد قوضت دولة الاحتلال هذه المرة كل التزاماتها الدولية فيما يتعلق بحق الفلسطينيين في الحصول على الرعاية الصحية كونهم يعيشون تحت سلطتها المحتلة كما لم تقوضها من قبل.

لقد تناقلت وسائل إعلام غربية وعالمية لهذا التقرير الأممي الذي ذكر أيضا أن أوضاع المرضى الفلسطينيين باتت مميتة في ظل ظروف فيروس كورونا جراء قرارات مسؤولي دولة الاحتلال الإجرامية والمريضة، الأمر الذي سيزيد من عزلتها دوليا أكثر فأكثر.

المشكلة الكبرى أعزائي أن إسرائيل رغم ذلك ما زالت تعتبر ممارستها لعنجهيتها وإجرامها بحق الفلسطينيين كحق مكتسب لها أمام المجتمع الدولي، منذ جائحة كورونا فقد زادت الاعتقالات بحق الفلسطينيين والهدف هو زيادة الاختلاط بين الفلسطينيين في المعتقلات، ولم تكتفي بذلك بل نشرت بين المعتقلين داخل المعتقلات المكدسة المزيد من السجانين اليهود المصابين بكورونا كي ينقلوا الفيروس إلى المعتقلين، كما ومنعت أهالي المعتقلين من زيارة أبنائهم في المعتقلات بذريعة الحد من انتشار فيروس كورونا، لقد فعلت سلطة الاحتلال ما هو أبشع وأفظع من ذلك بكثير حين قامت بنشر عشرات المستوطنين المصابين بفيروس كورونا في كثير من مناطق 67 ليلا ليلوثوا مقابض المنازل والسيارات، وأقفال المحال التجارية، ولوحات مفاتيح الصرافات الآلية بلعابهم تحت حماية من جيش الاحتلال، كما أن عناصر من جيش الاحتلال أجبر مواطنين مقدسيين في القدس المحتلة على ارتداء كمامات مستعملة وملوثة بالدماء تحت تهديد السلاح.

لا يمكن أن تصدر مثل هذه الأفعال المشينة إلا من خلال كيان شيطاني مجرم نمى بشكل غريب ونمى بفضل خطأ بشري تاريخي سَيُصار إلى تصحيحه لا محالة حسب الطبيعة البشرية والإنسانية، ويبدو أن هذا اليوم بات قريباً جداً وأقرب مما كنا نتصور يوماً.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.