شعار قسم مدونات

بعد فشل عزل ترامب.. ما لا يقتلنِي يقَوِّينِي!

BLOGS ترامب

ما لا يقتلني يقويني تعلمته في مدرسة الحياة الحربية
– فريدريش نيتشه

فشلت تحقيقات عزل الرئيس الأمريكي دونالد ترامب وصوت أغلبية أعضاء مجلس الشيوخ الذي يسيطر عليه الجمهوريون ضد عزله، وكانت النتيجة النهائية بأن الرئيس لم يرتكب أية مخالفة، هذه الإجراءات جاءت بعدما اتهمه الديمقراطيون بالضغط على أوكرانيا من أجل فتح تحقيق ضد ابن منافسه (هنتر بايدن) المحتمل جو بايدن من أجل قضايا فساد، دعوة اعتبرها منافسوه شططا في استعمال السلطة وخرقاً دستوريًا واضحًا.

بعد خروجه من عنق الزجاجة أصبح دونالد ترامب أشبه بالرياضي الذي ضمن التأهل للمقابلة النهائية وينتظر منافسه في نصف النهائي الآخر الذي لم يحسم بعد، هذا النهائي هو الانتخابات الرئاسية التي ستجرى نوفمبر/تشرين الثاني المقبل. وبعدما كان جو بايدن منافسًا قويًا لدونالد ترامب في الانتخابات صار أبعد ما يكون منافسًا حتى في تمثيل الحزب الديمقراطي بفعل النتائج السلبية التي حققها في ولايات عديدة وصعود نجم الشيخ "بيرني ساندرز" الزاهد الذي يعادي الرأسمالية المتوحشة.

بعدما كان يمتلك بروفايلاً قويًا وكاريزما سياسية، سقط جو بايدن في السفح ومن غير المؤكد أن باستطاعته النهوض مجددا وتمثيل الحزب الديمقراطي ويظهر بوضوح أن القضية التي عول عليها بايدن لتدمير ترامب قد دمرته هو وقربت عدوه اللدود إلى رئاسة البيت الأبيض لولاية ثانية. وبعدما كان الديمقراطيون يهاجمون ترامب بكل قواهم من اجل عزله، أصبحوا الآن يهاجمون بعضهم البعض والتشكيك في قدرات بعض المرشحين في إمكانية هزم الرئيس الحالي في الانتخابات المقبلة، فإليزابيت وارن تعتبر أن مايكل بلومبيرغ أسوأ من دونالد ترامب في احتقاره للنساء وعنصريته وعجرفته، وهذا الأخير يعتبر أن فوز بيرني ساندرز بتمثيل الحزب الديمقراطي سيكون لقمة سائغة في فم ترامب خلال الرئاسيات، ووصف ساندرز سياسات بلومبرغ بـ"الفظيعة" وقال إن اختيار مثل هذا المرشح "المثير للانقسام" لمعركة ترامب في انتخابات نوفمبر "ليس طريقة لزيادة إقبال الناخبين".

undefined

تغريدات مستفزّة:
في الجهة المقابلة ينتشي دونالد ترامب بتغريداته المستفزة فتارة يشجع بيرني ساندرز على المضي قُدُماً من أجل نيل ترشيح حزبه، وتارة يهاجم مايكل بلومبيرغ الذي يسميه "ميني مايك" في إشارة إلى قصر قامته، وقال في تغريدة: "ميني مايك كتلة من الطاقة الميتة طولها 1،63 متر ولا يريد الصعود على منصة المناظرة مع سياسيين محترفين".

ويظهر أن ترامب متابع جيد لمناظرات مرشحي الحزب الديمقراطي حيث قلل من إمكانية فوز بلومبيرغ بعد أدائه السئ في المناظرة الأخيرة، لكن تمنى له الفوز من أجل منافسته في نوفمبر القادم. ويبدو أن بيرني ساندرز لا يستلطف ترامب في المقابل، حيث يعتبره أخطر رئيس أمريكي في التاريخ الحديث وقال أيضا إن تحقيقه لنتائج جيدة في الانتخابات التمهيدية هو بداية "النهاية" للرئيس الحالي. يلاحظ من خلال تغريدات ترامب انه يخوض حرباً نفسية ضد منافسيه الديمقراطيين محتقرًا ومقللا من إمكانية هزمه، هو الذي خرج من محاولة عزل يعتبرها مجرد "مؤامرة" من الديمقراطيين وانقلاباً عليه.

تستمر الحرب المستمرة بين المرشحين الديمقراطيين لنيل ترشيح الحزب للانتخابات الرئاسية فيما شكل فشلهم في عزل الرئيس الحالي صدمةً نفسية لهم أدخلتهم في متاهات ربما تكون لها تداعيات على فرص نجاحهم في هزم دونالد ترامب، في المقابل يتمتع الجمهوريين بنقط إضافية تخول لهم مساندة رئيسهم الحالي للفوز بولاية ثانية.

ليس الديمقراطيون وحدهم من يريدون هزم ترامب بل هناك العديد خارج الولايات المتحدة من ينتظر سقوط الرئيس الحالي دولٌ ومنظمات لأن فترة حكمه شكلت كابوسا حقيقيا لهم بقراراته غير المحسوبة والمجانبة للصواب احياناً كثيرة، دونالد ترامب جعل من الولايات المتحدة عدوا للجميع حتى مع أولئك الذين كانوا يُعتَبرُونَ حلفاء الى الامس القريب وخاضوا حروباً ومصيرا مشتركًا (الأوروبيين)، ترامب جعل أمريكا ضد الجميع سوى مع إسرائيل فعلاقته مع هذا الكيان هي أوثق علاقة في تاريخ الولايات المتحدة.

تشير الاستطلاعات إلى أن الرئيس دونالد ترامب سيتمر لأربع سنوات إضافية وليس بوسع اَي مرشح ديمقراطي إسقاطه على الأقل في الظروف الحالية إلا إذا وقعت مفاجئة كالتي خلقها هو نفسه عندما فاز على هيلاري كلينتون سنة ٢٠١٦ التي كانت مرشحة فوق العادة لرئاسة البيت الأبيض لكن الشعبوية فرضت منطقها.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.