تمتلئ منصات التواصل الاجتماعي والمجلات بالشكل النموذجي الذي يجب أن تبدو عليه المرأة، الألوان التي علينا ارتدائها والكلمات التي يجب أن نقولها، نمضي حياتنا بأكملها ونحن نتبع الخطوات المكتوبة لنا والتعليمات التي تم تلقينها ووضعه في رؤوسنا.
نحاول جاهدين أن نطابق تصورات المجتمع وأن نحقق رؤية الفتاة اللطيفة، تلك الفتاة التي لا تعترض، تتكلم بصوت منخفض، تلتزم الصمت عن حديث الرجال ولا تمتهن سوى المهن التي تحافظ على انوثتها وتحافظ على رونقها وجمالها والابتسامة على وجهها بغض النظر عما يحصل لها، تلك المرأة التي تبقي على زواج فاشل كي لا يقال انها متمردة وذات شخصية قوية، الفتاة المطيعة التي لا تكسر القواعد وتطلب الإذن قبل أن تتصرف وتطلب المساعدة في كل شيء، تلك الفتاة التي نجدها في أغلب القصص والأفلام وفي الشخصيات المحيطة بنا، تلك الفتاة التي يجب أن تتوافق مع المتطلبات والقواعد حتى يتم اختيارها من قبل أحد الرجال للزواج.
لم تتغير صورة المرأة كثيراً على الرغم من تتطور القوانين الداعمة لها وخوضها الكثير من معتركات الحياة والعمل ولكنها لا تزال تواجه الكثير من الانتقادات، فالمرأة التي تضطر لرفع صوتها والحديث بصوت مرتفع والتي تحاول أن تكون مسيطرة خاصة إذا كانت في موقع سلطة أو في مركز وظيفي مهم يتم انتقادها بأنها تعاني من مشاكل أسرية أو أنها لا تمتلك الثقة بالنفس ولكن الرجل الذي يستخدم ذات الأساليب يصنف بأنه رجل ذي شخصية قوية وواثقة، أن الغضب مرفوض للنساء ومبرر للرجال وإن كان مرفوض بغض النظر عن النوع الاجتماعي.
ألم يحن الوقت كي نغير نظرتنا للأعمال الموزعة بيننا وأن نؤمن بأن هذه مهام لا ترتبط بالجنس وأنه من الخطأ أن نحكم على الشخص فقظ لأنه خلق لنوع معين |
لا انكر انني في كثير من الاحيان أخضع لهذه التصنيفات واستنكر مظهر الفتيات اللاتي لا يفضلن ارتداء الفساتين والملابس المصممة للنساء والألوان الفاتحة ووضع مستحضرات التجميل أو النساء اللاتي يرفضن الزواج ولكن هذا نابع من التربية والمجتمع الذي نشأت فيه وأحاول جاهدة أن اسيطر على انتقاداتي وأن اتقبل غيري بصدر رحب وأن أغير هذه المعتقدات الموجودة في رأسي وعلينا جميعاً أن نحاول ذلك وأن نعي أننا لم نخلق لنوضع في قوالب جاهزة وأن كل شخص فينا خلق مختلفاً بمعتقدات وصفات مختلفة وإن اللون الذي أحب أو نوع الأفلام المفضل لدي ليس بسبب انوثتي أو بسبب كوني فتاة وإنما هو تفضيل شخصي لدي .
إن هذه التصنيفات لا تحرم الفتاة فقط من ممارسة إنسانيتها وإنما تحرم الذكور كذلك من ممارسة هواياتهم أو متابعة شغفهم دون أن يتعرضوا للانتقاد فكثير من الشباب اليوم يفضلون الاعتناء بالأطفال والمكوث في المنزل عوضاً عن العمل في الخارج أو يفضلون العمل في المهن التي تعتبر حكراً على الرجال كتدريس المرحلة الأساسية في المدارس وهناك من يفضلون الأعمال المنزلية وغيرها من المهام.
ألم يحن الوقت كي نغير نظرتنا للأعمال الموزعة بيننا وأن نؤمن بأن هذه مهام لا ترتبط بالجنس وأنه من الخطأ أن نحكم على الشخص فقظ لأنه خلق لنوع معين وأن الفتاة ليس من المفترض عليها أن تحب أعمال المنزل فقط لأنها خلقت فتاة وأن بعض الرجال لا يتحملون ضغط العمل ولا يستطيعون أن يقوموا بالمهن الصعبة التي تتطلب قوة جسدية كبيرة، ألم يحن الوقت لنعطي الذكور الفرصة للبكاء أن نمنح أطفالنا الذكور حقهم في التعبير عن طفولتهم ببراءة دون أن نفرض عليهم مفاهيم الرجولة وأن نكبت دموعهم كي نرضي مجتمعاتنا.
ألم يحن الوقت كي نسمح للفتيات بأن يمارسن المهن التي يردن وأن يمارسن هواياتهن دون خوف أو تردد، أن نمنح كل فرد منّا أن يمارس إنسانيته دون نقد أو جلد وألا نكون الحكام على حياة غيرنا، أن هذا التغيير يأتي من خلال التربية السليمة لأبنائنا وأن نعلمهم القيم والأخلاق السليمة لا أن يكونوا نسخ من بعضهم البعض وألا نتعامل معهم على أسس جاهزة وعادات متوارثة.
الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لشبكة الجزيرة.