شعار قسم مدونات

سرقة القرن وشطب قضية اللاجئين

blogs ترمب

منذ نكبة فلسطين عام 1948، وويلاتها القاسية المتلاحقة لملايين اللاجئين الفلسطينيين، في أماكن لجؤهم، تواصل سلطات الاحتلال دون كلل أو ملل التضييق عليهم، والتحق بهم الإدارة الأمريكية ضمن خطة ترامب التي يمكن تسميتها سرقة القرن، وتحاول بكل الطرق إضاعة حقهم في العودة للوطن الذي بات حلمًا مزعجًا لدولة الاحتلال ويُشكل عبئًا ثقيلاً عليها.

 

أظهرت قرارات الادارة الأمريكية أن الحديث لا يدور عن تسوية سياسية تستند إلى قرارات الأمم المتحدة، بل عن مسعى أمريكي (إسرائيلي) لحسم القضايا العالقة في المفاوضات "قضايا الحل النهائي" لصالح المشروع (الإسرائيلي)، تمهيدًا لتمرير "الحل الإقليمي" وتطبيع علاقات (إسرائيل) مع الدول العربية.

  

  

المشاريع الأمريكية في عدة عقود لتصفية قضية اللاجئين

– خطة جورج ماك جي نائب وزير الخارجية الأمريكية دمج اللاجئين في هياكل سياسية واقتصادية في الشرق الأوسط على أساس العمل وليس الغوث، ولذلك يجب أن تقبل (إسرائيل) 200 ألف لاجئ كشرط سابق لنجاح ذلك المخطط، وبالمقابل تقبل الدول العربية 500 ألف لاجئ.

 

– مدير وكالة الغوث الأمريكي "جون بلاندفور" بين عامي 1951 -1953 تمرير مشروع لتوطين اللاجئين، بكلفة 200 مليون

  

– 16/10/1952 مشروع جونستون: الرئيس الأمريكي أيزنهادر في خطاب ألقاه يوم 26/أغسطس 1955، قائلاً" إن تنفيذ مشروع جونستون هو خطوة عملية نحو حل كل المشكلات المتعلقة بالقضية الفلسطينية " ويقصد هنا مشكلة اللاجئين وعملية توطينهم، وتحدث عنه أيضاً مدير وكالة الغوث التابعة للأمم المتحدة في خطاب ألقاه بتاريخ 14/ نوفمبر 1955 قائلاً" إنه يساعد على حل المشكلات القائمة ويؤدي إلى تحقيق أهداف التأهيل والتوطين للفلسطينيين خاصة لاجئي قطاع غزة والذي يقترح المشروع توطينهم في سيناء كحل لمشاكلهم.

 

– وفي عام 2012 تقوم الإدارة الأمريكية في واشنطن بتحديد عدد اللاجئين الفلسطينيين، وكيف ارتفع العدد من 750 ألف لاجئ في العام 1950 إلى 5 ملايين لاجئ

 

– عرضت روس ليهنتن عام 2015 المذكرة رقم 3829 التي جرى تحويلها إلى لجنة الشؤون الخارجية الأميركية، توجهات الكونغرس إزاء "أونروا"، وجاء فيها: تجب ازالة مواطني الدول المعترف بها من وصاية "أونروا". يجب تغيير تعريف "أونروا" للاجئ الفلسطيني، ليتماشى مع تعريف المفوضية العليا لشؤون اللاجئين. من أجل متابعة معاناة اللاجئين الفلسطينيين، ينبغي تحويل مسؤولية هؤلاء لتصبح من مسؤولية المفوضية العليا لشؤون اللاجئين.

 

– 30/7/2017 الكيان (الإسرائيلي) والولايات المتحدة الأمريكية مارستا ضغطا أسفر عن إحباط مشروع في الأمم المتحدة لزيادة موازنة (أونروا).

 

– 2018/8/31 أعلنت وزارة الخارجية الأمريكية، قطع المساعدات الأمريكية لوكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا"، بالكامل.

تنص وثيقة سرقة القرن على إنهاء والتحرر من جميع المطالبات المتعلقة بوضعية اللاجئ أو الهجرة. لن يكون هناك أي حق في العودة أو استيعاب لأي لاجئ فلسطيني في دولة (إسرائيل).

  

خيارات للاجئين الفلسطينيين الذين يبحثون عن مكان إقامة دائم

 

– الاستيعاب في دولة فلسطين (مع مراعاة القيود الواردة)، (لم الشمل) وفق الشروط (الإسرائيلية).
– الاندماج المحلي في البلدان المضيفة الحالية أو(التوطين).
– قبول 5000 لاجئ كل عام، لمدة تصل إلى عشر سنوات (50000 لاجئ إجمالي)، في كل دولة من الدول الأعضاء في منظمة التعاون الإسلامي الذين يوافقون على المشاركة في إعادة توطين اللاجئين الفلسطينيين.

   

    

فلسفة سرقة القرن في قضية اللاجئين

تقوم فلسفة سرقة القرن في مشروعها الخطير في قضية اللاجئين على أساس لا تخطئهُ اللغة في إلغاء كامل لحق العودة الفردي والجماعي بإلغاء مسمى "" لاجئ "" وحشره ضمن مجموع 70 مليون لاجئ في العالم (عموم اللاجئين في العالم)، وتحاول سرقة القرن خلق انطباع بالمساواة بين اللاجئ الفلسطيني وما أسمته وثيقة سرقة القرن "" اللاجئ اليهودي"" والدخول فيما يشبه المقايضة الرخيصة مع عدة دول عربية فيما يشبه ابتزاز مفضوح.

 

وتتعمد سرقة القرن إلغاء واضح للبعد الدولي والقانوني لقضية اللاجئين عبر استهداف " الأونروا" وإلغائها بشكل كامل كغطاء أممي وقانوني للاجئين الفلسطينيين، وبذلك تحويل القضية من سياسية وحق انساني في التحرر الوطني والعودة إلى مسألة اقتصادية خاضعة لـ (صندوق اللاجئ) الذي تسيطر عليه أمريكيا من مال عربي ومسلم ويخضع اللاجئ فيه إلى الابتزاز والمساومة يدفع قروش له، وتتجسد في سرقة القرن عقلية الكابوي الأمريكي بثوبه الاستثماري حتى للنكبات بتفردها بمشروع تصفية قضية اللاجئين وإدارة الصراع وتحويله إلى صندوق مال عربي بإدارة أمريكية يلقي الفتات بالقراءة الأمريكية لحالة اللاجئ الفلسطيني الفردية.

 

وعلاوة على ذلك تعمل وثيقة سرقة القرن على إبقاء العودة الفردية رهينة بيد (إسرائيل) عبر مشروعها المعروف بـ (لم الشمل) المعمول به طوال عمر الاحتلال ضمن قراءة إنسانية بزاوية (إسرائيلية) بحتة، وتقوم ايضاً الوثيقة الظالمة على إدراج الدول المسلمة والعربية في مشروع التوطين الكبير سواء بتوطين اللاجئين حيث إقامتهم أو بصناعة الشتات الجديد وتقسيم اللاجئين زرافات 5000 نسمة سنوياً لكل دولة ولعشر سنوات وكأن تفريغ فلسطين لصالح دولة يهودية مسؤولية الدول الإسلامية، وكذلك تعتمد فلسفة سرقة القرن على أساس تفريغ أكبر مساحة جغرافية من الفلسطينيين في الضفة وضمها وحشر الشعب الفلسطيني في كنتونات متواصلة مواصلاتياً وليس جغرافياً وهذا ينعكس على تمركز اللاجئين في مخيماتهم ومن ثم تحويلها إلى مدن عمرانية مع سحب وثيقة اللاجئ وشطب حتى مسمى (مخيم لاجئين) بما يحمله ضمناً من إحياء قضية اللجوء.

 

وفي سياق منفصل فك الارتباط بين الشعب الفلسطيني في قضيته المركزية كلجوء وعمقه العربي والإسلامي وذلك بترسيخ تطبيع رسمي مع الاحتلال دون حتى ادراج قضية اللاجئين حتى بالحد الأدنى وفق المبادرة العربية للسلام فضلا عن التمسك بحق العودة وفق المواثيق والقرارات والشرعية الدولية، والذهاب بعيداً في ذلك بحل مشكلة اللاجئين الفلسطينيين من ميزانية العرب عبر استيعابهم التوطيني القسري!!! وحتى الذهاب بعيداً في الفجاجة بمطالبة العرب بالمساهمة في تعويض اللاجئين اليهود الذين خرجوا من هذه الدول!!!

 

والسؤال الآن؟ هل يفلح كوشنير وترامب في فرض سرقة القرن بشكلها القمعي التعسفي وتنفيذها قسراً وقد بدأت الأصوات تتعالى في ذلك وخاصة بما يخص الشروع في التنفيذ في الضفة وصولاً إلى إعلان الضم الرسمي بعد استقرار الحالة السياسة لدى دولة الاحتلال بالانتخابات المقبلة، والأمر مناطه أيضاً مستوى تجاوب الأعراب لتحقيق ذلك بالشروع في استيعاب اللاجئين توطيناً أو استيعاباً وفق ما طرحته سرقة القرن، أم تنجح مقاومة الشعب الفلسطيني على وهنها ومعه كل هذا الصوت الرافض لهذا المشروع العنيف في استهانته بإمة كانت لا تغيب شمسها في مواجهة سرقة القرن الوقحة.

  undefined

    

سرقة القرن واللاجئين إلى أين؟

سرقة القرن بين إنفاذ وإيقاف ؛ وحال الانفاذ يكون عبر خطوات أحادية الجانب بفرض الأمر الواقع وتنفيذ السرقة بالاستمرار في استهداف الاونروا وصولاً إلى إغلاقها وإنهاء دورها على طريق شطب قضية اللاجئين الفلسطينيين وكذلك استمرار الضغط على عديد الدول لتنفيذ التوطين واستيعاب الأعداد التي تفرضها سرقة القرن من نقل اللاجئين واستيعابهم في دول الشتات الجديدة. وفرض صندوق اللاجئين أمريكياً فضلاً عن فرض فلسفة سرقة القرن في قضية اللاجئين بإدراج ما أسمته الوثيقة اللاجئين اليهود ودمج اللاجئين الفلسطينيين في مسألة اللاجئين عموماً في العالم.

 

يبدو هذا السيناريو محتملاً في بعض جوانبه وهذا الأمر مناطه مستقبل ترمب في البيت الأبيض والذي يبدو متصاعداً بعد سقوط اتهامه، وكذلك نتنياهو الذي تصاعدت أسهمه بعد إعلانه سرقة القرن، وخيار محتمل آخر باستمرار الحالة كما هي وبقاء قضية اللاجئين دون إجراء خطوات أحادية مع بقاء حالة الانتظار وبقاء الحالة الراهنة المترقبة والمتوترة على حالها، وربما تذهب الأمور باتجاه التراجع في كل هذه الخطوات عبر سلوك ميداني فلسطيني مقاوم خاصة في الضفة والقدس تربك خطوات سرقة القرن مع تصلب الحالة العربية والإسلامية وتوظيف للرفض المتواضع دولياً لصالح إسقاط سرقة القرن وإبطال حتى خطوات التطبيع المتسارعة والتي قد تساعد حال استمرارها في تنفيذ بنود خاصة بقضية اللاجئين

 

سبل مواجهة سرقة القرن

ستفشل صفقة القرن لأنها ليست محل إجماع كل أركان الإدارة الأمريكية وهي مرتبطة أكثر بشخص ترمب، وهم يعلمون استحالة إنهاء الصراع في الشرق الاوسط وخصوصا الفلسطيني (الإسرائيلي) دون موافقة الفلسطينيين.، قد تستطيع الإدارة الأمريكية الحالية أن تغيِّر بعض الشيء من طبيعة الصراع وتفكيك وإعادة تموضع بعض أطرافه، ولكنها لا تستطيع إنهاء القضية الفلسطينية أو تجاوز الأمم المتحدة وقراراتها إلا بسقوط منظومة الرعية الدولية وقراراتها.

 

نجاح سرقة القرن في حل الصراع الفلسطيني (الإسرائيلي) شبه مستحيل، فواشنطن تُدرك أنها لن تخسر شيئا من طرح مشروعها الجديد لتصفية القضية الفلسطينية، فإن نجحت جهودها في حل الصراع أو تغيير طبيعته فهذا إنجاز مهم لها، وإن لم تتمكن من حله، فعلى الأقل تأمل أن تًعيد سيطرتها على إدارة الصراع بما يخدم مصالحها ومصالح حلفائها وخصوصا (إسرائيل)، ومقياس النجاح والفشل في الحالتين يرتبط بردود فعل الفلسطينيين والعرب والمجتمع الدولي وكل من يناوئ السياسة الأمريكية، واستمرار تصديهم للسياسة الأمريكية.

  

بعض الخطوات العملية لإسناد حق العودة

– أن مسؤولية الاحتلال عن نكبة الفلسطينيين وطردهم من أراضيهم مسألة لا خلاف فيها وهي أصل ومنطلق العمل على اسقاط سرقة القرن بما يخص قضية اللاجئين.

– اعتماد تعريف اللاجئ الفلسطيني والمقترح الصادر عن المجلس التشريعي الفلسطيني ملائم.

– العمل على بتوسيع ولاية الاونروا الشخصية على اللاجئ من خلال تعديل تعريفها للاجئ الفلسطيني ليشمل كل فلسطيني تنطبق عليه صفة لاجئ بموجب القانون الدولي وغير مسجل لدى الاونروا.
 
– العمل على إبطال سرقة القرن بإفشال الشرعنة الأميركية أحادية الجانب التي تنتمي إلى شريعة الغاب، وتنتهك القانون الدولي، ولا تحظى بموافقة دولية، وأن فيها ما يهدد الأمن والسلم الدوليين, والتحشيد الدولي والإنساني لصالح قضية اللاجئين عبر تكثيف الزيارات الثنائية الدبلوماسية والرسمية والأهلية الداعمة لقضية اللاجئين والتوضيح لكافة المكونات الإنسانية ذلك مع توضيح مخاطر إنهاء عمل الأونروا على اللاجئين والدول المضيفة وهذا يشمل دولا عربية وإسلامية وأجنبية وسفارات، سواء من قبل فلسطينيين أو عرباً أو أجانب متضامنين.
 
– توسيع نطاق الحضور الشعبي الضاغط والفاعل داخل أروقة المنظمات الأممية وتنظيم فعاليات شعبية في شتى الميادين المعنية ففيها نُسمع صوتنا كفلسطينيين للمستهدفين من صناع القرار والدبلوماسيين مباشرة دون أي وسيط.

– التواصل الدائم على المستوى السياسي والأهلي والدبلوماسي. مع الدول المضيفة للاجئين 

– الفلسطينيين تحت عنوان "مخاطر إنهاء عمل الأونروا على اللاجئين والدول المضيفة".

– كذلك العمل على انتظام الدول المانحة للأونروا بضرورة الوفاء بتعهدات المالية وبتمويل إضافي جديد يسهم في تغطية العجز المالي في ميزانية "الأونروا ".

– التمسك بالقرارات الدولية التي تخدم قضية اللاجئين وحق العودة مثل القرار 194 والقرار 242.
 
– الرد على الشبهات التي يروجها الإعلام الأمريكي والصهيوني لشطب وكالة الأونروا، والعمل على استمرارية عمل الأونروا والتصدي لكافة المحاولات التي تهدف لإنهاء عملها.

– إطلاق حملات إعلامية مكثفة وبلغات عدة وبشتى الوسائل حول معاناة اللاجئين الفلسطينيين والتزام المجتمع الدولي بالوقوف إلى جانب قضيتهم.

– توجيه الكتاب والأدباء والشخصيات الاعتبارية الدولية لتبني هذه القضية الإنسانية.

– تشكيل غرفة عمليات فلسطينية من الداخل والشتات لمواجهة محاولات اسقاط حق العودة وإفشال سرقة القرن.

 

" وَاللَّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ" (يوسف: 21)

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.