"المرء عدو ما يجهل".. وعلاقتنا في العالم العربي بصناعة التسويق الشبكي تثبت هذه القاعدة!
فهذه الصناعة التي تحظى بزخم واحترام عالمي، تتعرض في بلادنا لحملات تشويه وتسطيح بالغة الغرابة معتمدة على معلومات مبتورة، ونماذج مشوهة محدودة لا يصح القياس العام عليها، الأمر الذي يفرض عرض الوجه الآخر الذي لا نراه ولا يحدثنا عنه أحد.
وبفرض حسن النية فإنه من الملفت للنظر أن أغلب القائمين على التشويه لم يبذلوا أقل الجهد في البحث رغم أن نتائج البحث لا تبعد عنهم أكثر من ضغطتين أو ثلاثة عند أطراف أصابعهم، كما أن هذه الحملات تغذّت على مفردات ألصقتها بهذه الصناعة لا سند لها من قبيل "منتجات تافهة – أرباح وهمية – دخل بلا عمل – إشترِ وسوّق فقد تربح -، كل ما عليك هو أن تقنع اثنين يقنع كل منهما اثنين وستتدفق الأموال إلى جيبك" وكأنها إما جريمة نصب مكتملة الأركان أو لعبة الحظ وكروت اليانصيب، في حين أن نظم العمل في هذه الصناعة – التي حققت نتائج فاقت التوقعات المرئية – وشروط النجاح فيها هي النقيض الكامل لهذه الأفكار! وبسبب الاندفاع وراء تحقيق أرباح سريعة ومدخولات كبيرة مدفوعة بمثل هذه المعلومات المغلوطة فشل كثير من العاملين بالتسويق الشبكي في الوصول لأي نتيجة مما عزز كل الأفكار الخاطئة.
لنستعرض هذه الأرقام:
– خلال الفترة من 2012 إلى 2019 وصل إجمالي إيرادات الشركات التي تعمل بالتسويق الشبكي في العالم واحد ونصف تريليون دولار (1500 مليار دولار)، كان نصيب العام الأخير منها أكثر من 180 مليار دولار وهي أكبر من إيرادات السينما والموسيقى وكرة القدم مجتمعين (المصدر: موقع ستاتيستا المتخصص في تقديم المعلومات السوقية)*.
– في عام 2019 تجاوزت الأجور التي دفعتها الشركات العاملة بالتسويق الشبكي للموزعين المستقلين (أفراد منظومة التسويق الشبكي) 41 مليار دولار وهو إجمالي الدخل الذي تم توفيره لأكثر من 100 مليون شخص (المصدر: موقع بيزنس فور هوم المتخصص في رصد متغيرات العمل في مجال التسويق الشبكي)**.
– في أميركا تستحوذ إحدى أكبر الشركات العاملة بالتسويق الشبكي على 62% من حجم سوق المنتجات المعنية بالتحكم في الوزن في حين تستحوذ شركة أخرى على 54% من حجم سوق المنتجات الغذائية (المصدر: موقع ستاتيستا)*.
تقوم هذه الصناعة على أساسيات ثلاثة: إنشاء قائمة عملاء – توظيف شركاء – تدريب وإدارة فريق العمل ويرتبط النجاح فيها بالقدرة على امتلاك هذه الأساسيات وتطويرها.
بالنسبة للشركات فإن التسويق الشبكي (البيع المباشر) هو الطريقة التي تحقق أفضل نتيجة بأقل تكلفة، لأنها باستخدام هذا النظام لا تهدر أموالاً في عمليات التسويق والمبيعات ولا تخاطر بأجور موظفين لا يحققون نتائج لأنها لا تدفع الأجور إلا عند إتمام البيع، بالإضافة إلى اعتماد فكرة الانتشار على التأثير الكبير للتوصية الشفهية في مقابل وسائل التسويق التقليدية.
أما بالنسبة للأفراد فإن العمل ضمن هذه المنظومة باستخدام آلياتها الصحيحة يضمن تحقيق كل خصائص العمل المطلوبة في الوظيفة (دخل غير محدود – مرونة في ساعات العمل – حوافز مرتبطة بالأداء – مجال خصب للتعلم – تدريب من قِبَل أصحاب الخبرة – شبكة علاقات واسعة – مناخ إيجابي بلا منغصات.. واختر ما شئت)، مع اعتبار أنك تدير عملك الخاص دون الحاجة لدفع تكاليف أولية مطلوبة لإنشاء أي عمل آخر ودون الحاجة لدفع مصروفات تشغيل ورواتب وذلك من خلال منتج مجرّب له حصة سوقية معلومة مع الاستفادة بكل ما تقدمه الشركة من وسائل دعم مجانية لأفراد منظومة التسويق.
وعلى عكس الصورة النمطية السلبية العالقة في أذهان العامة من جرّاء هذا العبث (نصب – حظ – بلادة – استغلال) فإنه من الواجب تغيير النموذج الإدراكي عند الجماهير لرؤية حقيقة ما تقدمه هذه الصناعة من إسهامات للبشرية سواءً ما صبّ منها في صالح المجتمعات من حل لمشكلة البطالة وما كان منها في صالح الأفراد من توفير فرص للعمل وزيادة الدخل وتعزيز شبكة العلاقات بالإضافة إلى تطوير المهارات الشخصية.
الحقيقة أن استقرار الدخل في التسويق الشبكي كما عرّفه إيريك ووري (أحد أشهر الأيقونات في هذه الصناعة) مرتبط بالقدرة على "حثّ مجموعة كبيرة من الأشخاص على القيام بأشياء بسيطة باستمرار على مدى فترة زمنية طويلة" بما يؤشر إلى حجم الجهد المطلوب وطبيعة الفترة الزمنية المنشودة.
الصحيح أن نتائج العمل بالتسويق الشبكي في مقابل "الجهد الصحيح" تخضع بشكل كامل للمنطق وكأي عمل تجاري آخر لا تعتبر الحظ من مكونات النجاح، إلا أنك حين تنخرط في هذه الصناعة وتلتزم بمتطلباتها فإنك تفتح باباً لآفاق بعيدة.. ليست وهماً ولا تحايلاً وإنما طريقاً واضحاً ومجرّباً على مدار قرن من الزمان.
_________________________________________________________________________
مصادر:
* Global Direct Selling Market – Statistics & Facts
الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لشبكة الجزيرة.