شعار قسم مدونات

اغتيال سليماني.. خيارات الرد وسيناريوهات الحرب!

BLOGS قاسم سليماني

نذر حرب تلوح في الأفق بعد قيام الجيش الأمريكي وبناء على تعليمات مباشرة من دونالد ترامب باغتيال الرجل الثاني في إيران الجنرال قاسم سليماني برفقة أبو مهدي المهندس وعدد من رجالاتهم في مطار بغداد. لا شك أن هذا الاعتداء لن يمر دون رد أيراني لا سيما أن الهجمات هذه المرة مست إيران ذاتها وليس محورها كما في السابق. نستعرض هنا بعض سيناريوهات الرد المحتملة من قبل إيران وكيف يكون شكلها في حال نفذت.

1- الرد العنيف: أو الانتقام الشديد كما سماه المرشد الأعلى للثورة الاسلامية علي خامنئي. الهدف الرئيسي وراء هذا النوع هو ايقاع ضرر كبير ومكلف بالدولة المعتدية يفوق بكثير حجم الضرر الذي لحق بالدولة المعتدى عليها وهنا نحن أمام حالتان: إما أن يلجم هذا الرد القاسي الدولة التي بدأت الاعتداء عن قيامها بتنفيذ أي هجمات مستقبلية بشكل مطلق، أو سيدفعها الى الرد بشكل أكثر عنفا وقسوة من المرة الأولى وهنا تكمن الخطور إذ يمكن أن يؤدي هذا السيناريو إلى اتساع رقعة الهجمات وتحولها من هجمات منفصلة إلى هجمات مستمرة بالإضافة لدخول أطراف أخرى على الخط وربما نشوب حرب عالمية ثالثة.

في الحالة الإيرانية واغتيال شخصية مهمة وفاعلة على مستوى الجنرال قاسم سليماني سيجعل خيار الرد بشكل يحفظ ماء الوجه خيارا غير مرجحا ومطروحا من قبل الإيرانيين

إيران ستفكر مليا قبل أن تختار هذا السيناريو لترد به على اغتيال سليماني لاسيما أن خصمها هو الولايات المتحدة الإمريكية الدولة الأكثر قوة قي العالم اليوم، شاهدنا وسمعنا التهديد باستخدام هذا السيناريو على لسان العديد من المسؤوليين الإيرانيين ولاسيما القائد الجديد لفيلق القدس إسماعيل قاآني وقائد الحرس الثوري الإيراني العميد حسن سلامي بأن العالم بأسره سيشاهد جثث الأمريكيين تملأ الشرق الأوسط والعالم. بالتأكيد اذا وقع هذا السيناريو فإن أمريكا لن تقف متفرجة وسترد بعنف وقسوة أكثر لربما تجر المنطقة لحرب شاملة وواسعة النطاق.

2- الرد المتناسب أو المتوازي: يهدف هذا النوع من الردود إلى ايقاع ضرر بالدولة المعتدية يوازي ويناسب الضرر الذي لحق بالدولة المعتدى عليها ويفرض هذا السيناريو معادلة الردع ويحد الدولة المعتدية نسبيا عن تكرار أي اعتداءات محتملة في المستقبل. إذا ما لجأت إيران لهذا السيناريو فإنها ستعمد إلى الرد على اغتيال الجنرال سليماني عن طريق اغتيال شخصية أمريكية رفيعة المستوى كسفير أمريكي أو ضابط كبير في المارينز وقد تكون العراق، سوريا، لبنان أو اليمن هي البيئة المناسبة للرد لاسيما مع وجود حلفاء وأصدقاء حقيقيين لإيران في هذه الدول.

3- الرد الجماعي (رد محور المقاومة): هذا النوع يوازي بخطورته السيناريو الأول ويمكنه أن يكون بيئة خصبة أيضا لاندلاع حرب شاملة في المنطقة ولكن مسرح العمليات سيكون بعيدا عن إيران هذه المرة لأن إيران لن ترد بنفسها بل ستلجأ لتحريك لاعبيها ممثلين بحزب الله في لبنان وأجنحة المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة والحوثيين في اليمن والحشد الشعبي في العراق لضرب المصالح الأمريكية والإسرائيلية معا دون أن تفصح بشكل مباشر أن لها يد في هذه العمليات لإبقاء شبح الحرب بعيدة عن أراضيها.

4- الرد الاستنزافي: يأتي هذا النوع من الردود على شكل هجمات متوسطة وصغيرة تمتد لفترات زمنية طويلة وغالبا يكون مسرح العمليات خارج أراضي الطرفين. أي أن إيران ستعمد على ضرب مؤسسات ترتبط بالمصالح الأمريكية في المنطقة عبر وكلائها وحلفائها بشكل ضيق وعلى دفعات ويمتد لفترة زمنية طويلة.

5- رد حفظ ماء الوجه: تدخل الوسطاء ووجود مفاوضات غير مباشرة بين الطرفين (الدولة المعتدية والمعتدى عليها) يسوق إلى هذا السيناريو حيث تعمد الدولة المعتدية بالرد على الاعتداء بشكل منسق ومدروس تكون الدولة المعتدية في الغالب على علم به عبر الوسطاء الذين تدخلو لنزع فتيل هذه الأزمة وتلتزم بعدم الرد على هجمات الدولة المعتدية وتعطيها الحق بحفظ ماء وجهها أمام جمهورها ومواطنيها.

في الحالة الإيرانية واغتيال شخصية مهمة وفاعلة على مستوى الجنرال قاسم سليماني سيجعل خيار الرد بشكل يحفظ ماء الوجه خيارا غير مرجحا ومطروحا من قبل الإيرانيين. برأيي أن إيران ستلجأ لاختيار إما سيناريو الرد المتوازي عبر اغتيال شخصية أمريكية رفيعة المستوى أو سيناريو الرد الجماعي عبر محورها وحلفائها في كل من سوريا فلسطين ولبنان لتنفيذ هجمات ضد أهداف إسرائيلية أو أمريكية تبقيها بعيدة نسبيا عن ساحة الحرب وتمكنها في الوقت نفسه من الوفاء بوعدها بالثأر لدماء سليماني.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.