شعار قسم مدونات

التقصیر الكُردي مع الإعلام العربي

blogs الأكراد بالعراق

عندما دعيت لإلقاء مداخلة في ندوة حول نقد الإعلام العربي في تغطية الشأن الكُردي، في مركز باشكجي للدراسات الإنسانية في جامعة دهوك، تعمدت في أن تأخذ مداخلتي اتجاها مغاييرا لما سيتطرق له المشاركون الآخرون، من منطلق أن توجيه النقد للإعلام العربي وسط غياب أصحاب هذا الإعلام لا يجدي، وإلا فان فرص تواجدنا بين أصحاب الإعلام العربي دائما ما استغلت من قبلنا لتوجيه نقدنا بل عتابنا له، أما هنا فجعلت عنوان مداخلتي: التقصير الكُردي في التعامل مع الاعلام العربي، ووزعت محاور المداخلة الى التالية:

1- حقيقة التقصير في الإعلام العربي تجاه القضية الكُردية..

2- ماذا بشأن التقصير الكُردي تجاه الإعلام العربي؟

3- تجربتي مع الإعلام العربي

4- كيفية التدارك (مشاريع مقترحة)

 

1- التقصير العربي:
المؤسسات الكُردية لم تتمكن من امتلاك إعلام يخاطب العرب، إعلام ينافس الإعلام العربي وبلغته.. لا كمحطات فضائية، ولا إذاعات ولا جرائد بل حتى مواقع الإنترنت

لا يمكن إخفاء هذا التقصير، ولا يمكن بأي حال من الأحوال تبرئة الإعلام العربي من تقصيره في تغطية الشان الكُردي، بل إسائته لهذه القضية، وتناوله على أسس غير مهنية، والانحياز إلى عكس مصلحة القضية وأرجع أسباب ذلك إلى:

– الموقف العربي العام من القضية الكُردية، وهو موقف سلبي كونه يفهم القضية الكُردية على أنها تسيء إلى أصل الشأن العربي، ويقتطع أجزاء من الوطني العربي خاصة إذا علمنا ان القضية تمس أهم وأكبر دولتين عربيتين وهما (العراق وسوريا) ومن هذا المنطلق شبهت القضية الكُردية بإسرائيل والأصل هو أن القضية الكُردية أقرب إلى فلسطين وليس إسرائيل..

– ناقلوا القضیة‌ الكُردية‌ إلى العالم العربي كانوا هم المعادون للقضية من أنظمة ومن يمثلونها.

– الكُرد ولفترة طويلة لم يتمكنوا أن يكونوا هم من ينقلون قضيتهم للجمهور العربي، إلا مؤخرا لكن بجهود فردية وليس جهود مدروسة ومؤسسية ومخططة لها..

– ضعف الإعلام العربي أساسا، وهو أن الإعلام العربي تشكل على أسس غير صحيحة ومهنية، ولم تُكلف نفسها كي تغطي أية قضية كانت على أسس مهنية محايدة وصحيحة، لهذا لم تثقل كاهلها بأن ترسل وفودها لأماكن تواجد القضية الكوردية ونقلها على لسان أصحابها لا على لسان أعدائها.. كُردستان العراق كمثال سابقا، وحاليا كُردستان تركيا وسوريا وإيران، لا نجد إعلاما عربيا يجعل من مهامه الوصول إلى هذه المناطق ونقل القضية الكُردية للجمهور العربي من هناك..

 

2- التقصير الكُردي:

علينا نحن الكُرد الانشغال الأكثر بتقصيرنا في التعامل مع الإعلام العربي، وعدم تمكننا من الوصول إلى هذا الإعلام والعمل على تغيير موقفه السلبي من القضية الكُردية مثلا:

– في كُردستان العراق منذ عام 1991 صرفت أموالا طائلة على الإعلام إلى درجة إحداث ثورة في الإعلام الكُردي لكن للأسف أفقيا لا عموديا! كماً لا نوعاً.. عليك أن تتصور أن نقابة صحفيي كوردستان تملك أكثر من 8 آلاف عضو، أي من المفترض أن يكون لنا ككُرد 8 آلاف صحفي لو نبحث عن دور هؤلاء خارج كُردستان سنرى أن النتيجة تقترب من الصفر! أي لم يتمكن هؤلاء الصحفيون أن يكون خطابهم للآخر الذي لنا مشكلة معه بل اكتفوا أن يتحدثوا لأنفسهم ويتحدث الكُردي للكُردي فقط..

– المؤسسات الكُردية لم تتمكن من امتلاك إعلام يخاطب العرب، إعلام ينافس الإعلام العربي وبلغته.. لا كمحطات فضائية، ولا إذاعات ولا جرائد بل حتى مواقع الإنترنت..

– لم يستطع إعلاميو الكُرد ولا مؤسسات كُردية من الوصول إلى المحطات الإعلامية العربية الشهيرة والمؤثرة على الجمهور العربي، ليكونوا كصحفيين أو منتجي أخبار، أو مراسلين أو مذيعين.

– لم تهتم الجهات الكُردية المسؤولة بعدد من الإعلاميين والذين لا يصل عددهم لعدد أصابع اليد الواحدة والذين تمكنوا بجهود ذاتية وفردية الوصول إلى بعض من الإعلام العربي، وذلك لإشعارهم باهميتهم واهمية مواقعهم وتسهيل آداء أعمالهم سواء في هذه المحطات أو كمراسلين على أرض الواقع في كُردستان.

 

3- تجربتي من 20 سنة في الإعلام العربي:

من خلال عملي مع الإعلام العربي لمدة 20 سنة في موقع إسلام أون لاين، إذاعة صوت ألمانيا باللغة العربية، مجلة مجتمع الكويتية، عشرات المنتديات عربية، إضافة إلى قناة الجزيرة، وصلت إلى قناعة أن الغياب الكُردي في الإعلام العربي كان أحد أكبر الأسباب في تقصير الإعلام العربي تجاه القضية الكوردية، وخلال عملي في هذه الفترة واحتكاكي بالإعلاميين العرب تغيير مواقف الكثيرين من هؤلاء من القضية الكُردية ونجحنا في تصحيح مسار الكثير من التغطيات الإعلامية، وتمكنا من إنجاز تغطيات إعلامية كبيرة لصالح القضية الكُردية سواء كتقارير خبرية، أو برامج حوارية، أو افلام وثائقية أو تغطيات خاصة، أو نوافذ من موقع الأحداث، تمكنا من أن تصب نتائج كل التصويتات التي أجريت في الأوساط الذي كنا فاعلين فيها لصالح القضية الكُردية، وفي كل أجزاء كردستان سواء في الإقليم أو في تركيا أو سوريا، خلاصة القول لو كان هناك جهدا كُرديا مؤسساتيا منتظما في اتجاه التأثير على الإعلام العربي لكان له نتائج كبيرة لصالح القضية الكُردية.

 

4- كيفية التدارك (مشاريع مقترحة):

یجب الالتفات إلی هذا الخلل ومعاجلته، وذلك من خلال:

– تسخير جزء من الاهتمام الإعلامي الكُردي الداخلي نحو الخارج..

– فتح مؤسسات إعلامية كُردية ناطقة باللغة العربية موجهة للجمهور العربي..

– ارسال إعلاميين كُرد نحو المؤسسات الإعلامية العربية..

– دعم الإعلاميين الكُرد الموجودين في المؤسسات الإعلامية العربية وتسهيل أداء مهامهم داخل كُردستان.

– دعم الإعلاميين العرب المتعاطفين مع القضية الكُردية.

– تشكيل شبكة للدفاع عن القضية الكُردي في الإعلام العربي.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.