شعار قسم مدونات

نالت الأوسكار وأحبها أينشتاين وتزوجت مصريا!

blogs لويز رينر

هذه قصة طريفة تجمع بين السينما والمخابرات بطريقة مقامرة لا تزال في حاجة إلى كشف الأسرار وهتك الأستار، يرجع الفضل فيها للقطن المصري، كما أن الفضل في كتابة روايتها يرجع إلى حفيد من أحفاد الأستاذ محمد حسنين هيكل، وكنت قد كتبتها على هذا النحو في حياته ولم أنشرها، واليوم أنشرها بتعديل بسيط هو إضافة لقب الأستاذ قبل اسمه على النحو الذي التزمت به منذ وفاته خلافا لما كنت أفعل في حياته وسطوته.

   

كان الأستاذ محمد حسنين هيكل قد كتب فصولًا عن لندن في كتابه "قضايا ورجال" استعرض فيها معارفه (ومعارف غيره) وعن بعض شخصياتها المؤثرة، وكان من حسن حظ القارئ العربي أنه دلنا في هذا المقال على مفاتيح العلاقات التي كان قد صورها فيما مضى من الزمان وكأنها سر من الأسرار المقدسة التي خصته بها الآلهة، على حد تعبيراته الحداثية التي يتنكر بها للتراث الإسلامي الذي بدأ حياته في رحابه سواء في دراسته في الأزهر، أو في حي الحسين والأحياء الإسلامية المجاورة له.

 

قد لا يعرف القارئ لمعلقات الأستاذ محمد حسنين هيكل عن نفسه، أن هناك رجلًا ولد في مصر لسلالة من تجار القطن الأجانب في الإسكندرية، وأن اسم هذا الرجل هو روبرت كنيتل، يكثر الأستاذ محمد حسنين هيكل من الحديث عن لقاء هذا الرجل والإشارة إليه بمنصبه كمسئول (أو مدير) للنشر في مؤسسة كوليتز المنسوبة إلى ناشرها العظيم السير ويليام كوليتز، وقد أصبحت فيما بعد الاستحواذ عليها جزءًا من مؤسسة هاربر كوليتز، كان هذا الرجل الذي هو روبرت الإسكندراني حسب تعبيرات الجوادي المختصرة، قد تزوج من ممثلة أمريكية مشهورة نالت الأوسكار مرتين، وهي السيدة الفنانة لويز رينر، وكانت تكبره بعشرين عامًا، ومع هذا فقد توفي هو قبلها.

 

بيت القصيد أن الأستاذ محمد حسنين هيكل حريص على الافتخار بالانتصار المتمثل في أنه كان يزورها في بيتها في لندن في "آيتون سكوير"، وهو بالطبع إنجاز جميل من قبيل الوجاهة الاجتماعية، التي يوظفها الأستاذ هيكل في كل سطر من أجل رفع شأن نفسه، لكنه يسرب لنا في ظل هذا الحديث الهيكلي معلومة مهمة، وهي أن هذه الحائزة على الأوسكار مرتين كانت هي نفسها التي ذهبت إلى الاتحاد السوفيتي وحصلت على مخطوطة أول رواية كتبها المنشق سولجينستين عن معسكرات الاعتقال الشيوعية.

   

 

هذه السيدة ألمانية الأصل، وقد بلغت مجدها الفني في أمريكا واعتزلت في لندن، والأستاذ محمد حسنين هيكل بما عرف عنه من إجادة الاستثمار في الراحلين حريص على أن يوظفها ويصورها جزءًا من ديكور حياته! وهو يفعل هذا من دون أن يعنى أحدٌ من حوارييه الجدد (الذين لا يقرأون) باستثمار القصة مرة أخرى على نحو يضيف إلى عظمة أستاذهم، ودون أن يعنى أحد من أعدائه باستثمار القصة على نحو يثبت أنه كان عضوًا في شبكة مخابرات عالمية! ولو أن الأستاذ محمد حسنين هيكل قرأ هذه الفقرة من مقالي لاستدعى تلاميذه (الذين ينفق عليهم) ووبخهم وقال لهم هل رأيتم ما فعله الدكتور، هذا ما كنت أعتقد أنكم تستطيعون فعله!! لكنكم للأسف لا تنتبهون، يقول هذا مع أنه يعرف أنهم لا يقرأون! وهو في سبيل تصوير معرفته الخصوصيات لا يجد حرجًا بل يجد لذة في أن يشير إلى أن لهذه السيدة الفنانة (التي يتشرف بأن يزورها) مراسلات غرامية مع ألبرت أينشتاين تملأ صندوقًا بأكمله.

    

على أن الطريف في قصة هذه السيدة الممثلة العظيمة أنها كانت قد اعتزلت العمل الفني بالفعل قبل أن يبدأ الأستاذ محمد حسنين هيكل عمله في 1943 كسكرتير خاص لرئيس تحرير الإحبيشان جازيت. بل إنها كانت قد حصلت أيضا على الأوسكار في عامين متتاليين 1937 و1938 وكانت أول من حصل على هذا المجد، حين كان الأستاذ هيكل لا يزال يبحث عن علم يتعلمه أو شهادة يتوظف بها، ومن هنا يأتي سحرها بالنسبة له وهو على نحو ما يصور نفسه وكأنه المغرم بالتاريخ، بعد اعتزالها للأعمال الضخمة بعامين تزوجت زوجها الناشر في 1945 وظلا زوجين حتى وفاته في 1989، وقد أنجبا من هذا الزواج ابنتها الوحيدة فرانشيسكا.

 

توفيت هذه الممثلة 2014 قبل نهاية العام بيوم واحد عن 104 أعوام، وبعد أن تركت النجومية الكبرى في 1943. ومن الجدير بالذكر لهواة السينما والأدب أنه فيما مضي من الزمان فقد حلت محلها في هذه النجومية الممثلة البارعة أنجريد برجمان بفيلمها "لمن تقرع الأجراس؟" الذي كتبه أرنست همنجواي.

  

أما ظهورها الأخير الذي جعل الأستاذ محمد حسنين هيكل يتذكرها بانتهازية استثمارية محببة ربما جلبت له إعجاب أحد أحفاده فهو دورها في "ذا جاملبز" 1998.هكذا يكتبها الأستاذ هيكل مع أن معناها بالعربية معروف بيد أن حنكة الأستاذ هيكل تدله على أن كتابة الإنجليزية بحروف عربية أكثر جاذبية وشياكة من ذكر المقابل العربي، وبخاصة أن مشاهدة أحد أحفاده لذلك لعمل الفني هى التي جعله يتذكر الفنانة.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.