شعار قسم مدونات

عذرا غزة فأنتِ لست إيفانكا ترمب

blogs غزةِ

فلسطين جسد الأمة الجريح وغزّة هي قلبها النابض. في وحدتي أناجي نفسي بالسؤال الذي ظلّ يؤرقني أين الشرفاء من الأمة الإسلامية والعربية؟ أين كرامة العربي ونخوته وغيرته عن أهله وعشيرته ليكسر شوكة المعتدي ويرفع الظلم عن مضطهدي العالم الإسلامي؟ ليأتي الجواب حاضراً وعلى جناح السرعة، أنا هنا أخي سأجيبك، اسمع صوتاً ولا أرى من يتكلم.

  

أعدت السؤال وقلت هل لكِ أن تصرخي كي أراكِ. فقالت أنزل ببصرك فأنا تحت الأقدام والنعال، داستني أرجل العربي قبل الأجنبي إني غارقة في دمائي، أنا من تُدكُّ حصوني بعد أن كنت الحصن الأمين أنا موطنُ العظماء ومهدهم، من بطني خرج الشافعي وغيره من العلماء والزعماء، في ذاكرتي الملاحم الجسام فتاريخي عظيم عظم الشهر الذي أهانُ فيه والمشكل أن ذلك على مرأى ومسمع من إخواني. أنا منبع الشرف والشهامة والكرامة، اسألوا التاريخ عني فأنا من شهد كل جزء منى رحى الحرب وأعظمهم كانت عين جالوت ……..اااه كيف لكم أن تنسوا أو تتناسوا عين جالوت.

 

لماذا تحتقر غزة وفلسطين، أرض الشموخ، في حين يستقبل بالورود والهدايا مجرمو العالم وعلى رأسهم بوش وترمب

قد يكون ذنبي الوحيد هو أنني ارتوت أرضي بدماء المغول والتتار فحلت بي لعنتهم، هل هذا ضريبة وفائي لكم، فلا تنسوا أيضا أن أرضي تسقى بدماء بني جلدتكم يومياً. كم كانت دهشتي وتعجبي من أهلي وعلى رأسهم أهل نجد والشام حينما باركوا دخول اليهودي وهو يدنس عرضي وينتهك شرفي.

 

كم فرحت وأنا أرى نخوة بعض من أهالي وطني وعلى رأسهم الرجل العظيم رئيس العراق السابق الشهيد صدام حسين الذي كان يرميني بصورايخ العباس والحسين متحدياً الأعداء أولا وثانياً متحدياً جميع زعماء العالم العربي. قصفه لي ليس بغضاً فيّ وإنما شجاعة افتقدتها في كل زعماء العالم الإسلامي وقياداته ذكرني الرجل بشجاعة صلاح الدين في جميع المعارك التي جابت أرضي، خاضها وهو يطارد ألوية الكفر والشرك، هل يعقل أن يعدم الرجل في صبيحة عيد وفي صمت مطبق وخلافاً لجميع أعراف العالم وشرائعه، ولم تشفع له نصرتي في ضمائركم.

 

قد يكون عدوان العالم عني اليوم لأني حاضنة الإسلام والمسلمين، والله إنه لشرف عظيم لن أتخلى عنه أبدا الدهر فبأرضي أول القبلتين وثالث الحرمين الشريفين. ما زاد في عجبي أني في قلب العالم العربي وهم يحيطون بي من كل الاتجاهات ورغم ذلك أكون أنا كبش الفداء، أنا دائماً أشبه سقوطي بسقوط طليطلة وقرطبة قديما حينما قال الشاعر الأندلسي المجهول عنهما: الثَّـوْبُ يُنْسَـلُ مـِنْ أَطْرَافِهِ وَأَرَى ثَوْبَ الْجَزِيرَةِ مَنْسُولاً مِنَ الْوَسَطِ، فأنا اليوم طليطلة القرن الجديد.

  

خاطبتها قائلا: لا عليك فأنا سأجوب العالم فأهل الخير كثير ومال العرب وفير، وأدعوهم لرفع الظلم والضيم عنكِ. ضحكت رغم الألم وقالت لا تتعب نفسك، فأهلي اليوم ماتت قلوبهم رغم أن رسول الأمة قال قاوموا المنكر بأيديكم وهذا كان منذ قرون، زمن قطز وبيبرس وخالد بن الوليد وصلاح الدين وقال إن لم تستطيعوا فبألسنتكم وهذا انتهى منذ زمن قريب، زمن الشجب والتنديد. أما زمن اليوم فحتى القلوب ماتت ولا حول ولا قوة إلا بالله، هل من أهلي من أدلى بكلمة، حتى باستنكار لما يحدث لي اليوم.

  

رجعت لنفسي متحسرا وأنا أتجرع مرارة الألم من كلام كله حقيقة، حتى أنّبتُ نفسي على سؤال عظيم كهذا. متسائلا لماذا تحتقر غزة وفلسطين، أرض الشموخ، في حين يستقبل بالورود والهدايا مجرمو العالم وعلى رأسهم بوش وترمب. قد يكون ذنب غزة أنها ليستا إيفانكا ترمب.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.