يتعامل العالم العربي والإسلامي مع الزواج بطريقة شبه مقدسة مؤتنسين بأنه العلاقة التي سماها الله تعالى الميثاق الغليظ وبقطع النظر عن الطقوس التي يمارسها كل شعب والتقاليد التي أضافوها بطريقة أو بأخرى إلا أن العالم العربي أصبح يعاني من الزواج كما يعاني من الطلاق وآثارهما فكما أن الطلاق له عواقبه وتبعاته كذلك الزواج المضطرب والمتشابك له عواقبه الشديدة وتبعاته الأدهى، ولعل المناسب بل والصواب لدى الاستشاريين النفسيين تقديم درهم الوقاية على قنطار العلاج لا سيما أن العلاج قد يكون البتر أو حتى الفشل في تحقيق المطلوب منه.
لكن قبل تشخيص الداء لا بد لكلا الزوجين من تتبع بعض العلامات التي تنذر بالخطر وتعطي الانطباع بأن شيئًا مزعجًا يلوح في أفق الحياة بينهما. وصحيح أن بعض العلاقات مسمومة ومزعجة ولا تستحق التمسك بها ولا محاولة إنقاذها بل التخلص منها هو الصواب إلا أن بعضها أو غالبها في بدايات الخلافات يمكن إدراكها والتعامل معها ووضع القواعد والأسس التي تحميها وتمنعها من الانزلاق والانحدار حتى يضطر بعضهم إلى الاستئصال والإنهاء. عندما تفشل العلاقة، عادة ما تكون هناك بعض العلامات التي تشير بل وبوضوح إلى أن العلاقة تمر بخطر حقيقي؛ ومن أهمها انقطاع التواصل بينهما، وفقدان الحميمية، وكثرة الهروب من الاجتماع وزيادة التبريرات لهذا الهروب.
التوقف عن رعاية الأشياء البسيطة والاهتمام بالأمور الصغيرة بين الزوجين التي كانا يقومان بها لبعضهما البعض مؤشر قوي على أن أحدهما أو كليهما قرر التوقف عن بذل الجهد لاستمرار هذه العلاقة |
لكن هناك علامات أكثر أهمية رغم خفائها على فشل العلاقة. في حين أنه من السهل تفويتها، فإن هذه الأعراض لا تقل أهمية عن إدراك ما إذا كنت تريد المحافظة على زواجك أو التخلص منه. وضع في اعتبارك أن بعض العلاقات سامة جدًا، وبالتالي لا تستحق التمسك بها ولكن إذا كانت علاقتك تستحق البذل والعطاء والمقاتلة على الحفاظ عليها كجودة الشريك ووجود ذكريات إيجابية مشتركة وعدد من الأولاد يضفون على الحياة رونقًا وجمالًا فتأكد أنه من الممكن فعل أشياء كثيرة للمحافظة عليها بشرط رغبة الطرفين فيها مع وجود ناصح ومستشار للتوجيه والإرشاد، وفيما يلي بعض الدلائل التي تشير إلى أنه قد حان الوقت لإعادة تقييم الوضع الراهن واتخاذ خطوات لعدم انهيار الحياة أو حتى التخلص منها.
أوقف الجدل أو لا تبدأه أبدًا
قد تبدو هذه الجملة كأنها علاج أو تقنية تعامل وتواصل، لكنها في الحقيقة نذير خطر كبير، فشعور أحدهما أو كليهما بأنه لا حاجة للجدال والدفاع عن الآراء الخاصة في الحياة يدل على أنه غير مرتاح بالمرة ويفضل الكوت إذ يرى أنه لا حاجة ولا مصلحة في الكلام والحوار لأنه يئس من استجابة الطرف الآخر فتسمع كلمة حاضر لكن توقع بعدها صفع الباب عند الخروج أو تسمع خلاص خلاص اعمل ما تريد.
أن يسمح أحدهما لآخر أن يرحل بكل شيء
في بعض العلاقات يفقد أحد الطرفين نفسه تمامًا فيها ويهمش جهده ولا يلتفت لرغبته فتقول المرأة طلقني ولا أريد منك شيئًا بس خلصني أو يقول الرجل خذي البيت والعيال والمؤخر والنفقة بس نفترق فهي علامة على تهميش طويل الأمد وضغط مهول يدفع أحدهما للتنازل عن كل شيء بل لعله يتنازل عن حياته كلها لمجرد الخلاص من بيئة تستخرج منه أسوأ ما فيه.
حدوث التجاهل المتعمد حتى في أبسط الأمور
إن التوقف عن رعاية الأشياء البسيطة والاهتمام بالأمور الصغيرة بين الزوجين التي كانا يقومان بها لبعضهما البعض مؤشر قوي على أن أحدهما أو كليهما قرر التوقف عن بذل الجهد لاستمرار هذه العلاقة. ولذلك قال الاختصاصيون الأشياء البسيطة هي التي تصنع الفارق.
زيادة حدة الجدل وصولها لمراحل خطيرة
الجدل النسبي شيء جيد. ولكن يمكن أن يكون علامة على وجود مشكلة إذا كان يبدأ بطريقة عدائية أو بارتفاع ملاحظ للصوت أو تغير إلى النبرة الحادة القاسية. فإذا كان الزوج أو الزوجة يبدأ الحوار سابقًا بطريقة لطيفة وهادئة ويلتمس الوقت المناسب للحوار والجدل ثم يتغير هذا فهي علامة مهمة تنذر بخطر.
الانسحاب من خطط المستقبل
إذا بدأ أحدهما يفكر ويخطط بطريقة فردية بحيث لا يشتمل التخطيط على الطرف الثاني فلقاءات الأهل وزيارات الأقارب بل والخروج للتنزه والأهم تغيير العمل أو بداية مشاريع دون مراجعة الطرف الثاني او مشاورته أو تضمينه في هذه الخطط فهذه مشكلة.
ليسوا كما كانوا متوفرين عند الأمور المهمة
كان إذا مرض أحد الأطفال يهرولان معًا إلى المشفى أو المركز العلاجي أما الآن فيقول الله وياك روحي أنت أو زيارة عائلية مهمة له فتتعلل بعدم الرغبة في الذهاب بحيث يقع الزوج في حرج لغياب زوجته عن مثل هذه الاجتماعات العائلية. قد لا يضطر الزوجان بل ولا يلزمهما أن يتشاركا كل شيء فهذا عسير وصعب لكن وجزودهما معًا في المواقف المهمة علامة على الارتباط الوثيق أما انسحاب أحدهما فهي علامة سوء.
لم تصبحا مقربين كما كنتما في السابق
كلما كان لقاء الزوج بأصحابه والزوجة بصديقاتها إيجابيًا ومرحًا سيعود كلاهما لبعض وهما في راحة وهدوء وكذلك العكس فتصبح جلسة الأصدقاء دون كدر أو ضيق |
أحد القضايا الهامة التي تؤثر سلبا على صحة العلاقة الزوجية، هي أن تتسع الفجوة بين الزوجين. فمع مرور الوقت وتكاسلهما عن بذل أي خطوة لتضييق هذه الهوة، فإن تزداد بصورة مخيفة، وكنتيجة لذلك، ينام هو في الصالة وهي في غرفة الأولاد، ومع مرور الوقت أصبح مقر نومه هو الصالة يأكل وحده ويخرج وحده ويفكر وحده بل ويعيش وحده ويسمون هذه العلاقة، زواج!
التوقف عن العلاقة الشرعية
يقول والفيش أحد المختصين "إن أهم أعراض العلاقة الفاشلة هو اختفاء الجنس. فعندما يتعثر التواصل، يختفي الجنس". وباختفائه تختفي أشياء كثيرة وجميلة من الحياة، ولذا كان من الضروري التنبيه على أن النوم والأكل والكلام والعلاقة الخاصىة لا ينبغي أن يتوقف الأزواج عنهم حتى عند الخلاف فهم وسائل لإزالة الخلافات بين الزوجين.
أو أن تكون العلاقة الجنسية هي الشيء الوحيد الذي يجمعكما
وهذا عجيب كذلك لكنه مهم، فإذا كان الشيء الوحيد الذي تقضيه أنت مع زوجتك هو الحياة الجنسية الممتعة، فكر مرتين. يقول هيرشنسون وهو من مختصي علاج الاضطرابات الزوجية: "إذا كان الجنس رائعًا ولكن ليس هناك علاقة عاطفية متوازنة مع عدم قضاء وقت جيد معًا، فإن فرصة علاقتك دائمًا صغيرة جدًا". "الجنس ليس سوى جزء من علاقة جيدة لذلك لا تعتقد أن الأمور" رائعة لمجرد أنك دائمًا في الفراش.
قضاء كل الوقت معًا دائمًا
مطلب كلما تحقق أتى بنتائج عكسية فلكل من الزوجين حياة خاصة به وأخرى مشتركة وقضاء وقت ممتع في إحدى الحياتين ينعكس إيجابًا على الحياة الثانية فكلما كان لقاء الزوج بأصحابه والزوجة بصديقاتها إيجابيًا ومرحًا سيعود كلاهما لبعض وهما في راحة وهدوء وكذلك العكس فتصبح جلسة الأصدقاء دون كدر أو ضيق.
سيطرة الغيرة الحمقاء
هل يشعر أحدهما بالغيرة على كل شيء صغير أو كبير؟ هذه علامة على شخص غير آمن يكافح ليس فقط من أجل مشاركتك وقتك مع الآخرين بل ويشعر بالقلق والتوتر لمجرد فكرة أنك تقضي وقتًا بدونه فتهتز ثقته بنفسه وينهار داخليًا هي علامة غير صحية على أن العلاقة قد لا تدوم طويلاً ولو دامت لكانت مضطربة فيلزم علاج شعور الغيرة الحمقاء الزائدة.
طلبات اليوم غير طلبات الأمس
كنت تحبها بهذه الطريقة وكنت تطلبها مني فما الذي تغير؟ ما كانت تحبه البارحة لا تحبه اليوم والذي يرغب فيه اليوم لا يريده في الغد حالة من التقلب والتغير في العادات والمواقف وحتى في الأكل والنوم وهي علامة مزعجة إما بتغير أحدهما أو بيأسه من الطلب وتحقيق الرغبة، هذه العلامات الخفية كلها أعراض صغيرة لعلاقة ستصبح لو تركت فاشلة ومؤشرات تفيد أن شيئًا ما يحدث بين الزوجين أدركوا هذه العلاقات قبل انهيارها وحلوا هذه الإشكاليات قبل تفاقمها تكلما تصارحا اصدقا واطلبا العون عند الاحتياج فلا تفرطوا في الميثاق الغليظ.
الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لشبكة الجزيرة.