شعار قسم مدونات

منتخب موريتانيا.. راسب بشهادة نجاح!

blogs موريتانيا

في مصر وبين ملاعب مدنها التي تستضيف الكأس الأفريقية للأمم 2019، دُقت الطبول بعد المعركة الثالثة للمجموعات الست معلنة نهاية الدور الأول لهذه الدورة، والتي أسفرت عن تأهل 16 منتخبا من بين 24 استحقوا ونالوا شرف المشاركة، فكان مصير الثمانية على نفس مقاعد الطائرات التي حلقت بهم إلى مصر قبل حين فقط، وبسرعة أعيد تشغيل محركاتها لعودة على نفس الطريق والمسار.

  

اجتهدت المنتخبات الـ16 ونالت الجزاء تأهلا للدور الثاني للمسابقة، في حين لم يساعف الحظ باقي الثمانية لإكمال المشوار والتأهل لنفس الدور، ولو كأحسن ثالث من بين الأربعة المتأهلين عن المجموعات الست في النظام الجديد للمسابقة. ومن بين المقصيين الثمانية وهم زيمبابوي، وكينيا، وتنزانيا، وبوروندي، وناميبيا، وأنغولا، وموريتانيا، وغينيا بيساو. كان منتخب المرابطين الموريتاني ومنتخب بوروندي فقط من يعتبر وافدا جديدا على المسابقة رفقة المتأهلة مدغشقر التي أبهرت في أول تواجد لها وتأهلت متصدرة للمجموعة الثانية على حساب صاحبة الباع الطويل نيجيريا.

 

المستقبل سيكون أكثر إشراقا للمنتخب الموريتاني في قادم المواعيد خصوصا إذا تواصل هذا النسق من التطوير والتحسين للاتحادية المحلية للعبة

في الوقت الذي يتشارك فيه المنتخب الموريتاني مع منتخب بوروندي صفة الوافد الجديد والمقصي من أول دور، يعتبر منتخب المرابطين الفريق العربي الوحيد المقصي من دور المجموعات لهذه الدورة بعد تأهل كل من مصر مستضيفة الحدث عن المجموعة الاولى، والجزائر عن المجموعة الثالثة، والمغرب عن الرابعة، وتونس عن الخامسة، رغم الأداء الجيد للاعبيها خصوصا في ثاني مقابلة ضد المنتخب الأنغولي التي انتهت متعادلة بدون الاهداف، والثالثة ضد المنتخب التونسي التي انتهت بنفس النتيجة أيضا، وبأداء راقي جدا للمرابطين وكان يكفيهم فقط هدف في هذه المباراة أو تعادل في اللقاء الأول الذي انتهى برباعية لهدف أمام مالي لتحقيق تأهل تاريخي للدور الثاني عن مجموعتها الخامسة وفي أول مشاركة.

  

موريتانيا وكغيرها من المنتخبات التي تشارك لأول مرة في الدورات الدولية الرسمية، تهدف إلى تحصيل التجربة والاحتكاك قدر المستطاع لتطوير المستوى، وفي كل الجوانب سواء بالنسبة للاعبين، أو الطاقم الفني، بالإضافة إلى الجانب التسييري والاداري خاصة وأنها اتحادية فتية قليلة التجربة، وهو ما أكده رئيس الاتحاد الموريتاني لكرة القدم أحمد ولد يحي الذي عبر عن رضاه التام بما قُدِم في الدورة إجمالا، وأن المنتخب سيكون أقوى مستقبلا بهذه المجموعة وببعض اللاعبين الصاعدين في الفئات السنية للمنتخب، وهو ما يؤكد أيضا أن الاتحادية الموريتانية تضع أهداف واضحة المعالم، واستراتيجية مستقبلية طويلة المدى لتطوير هذه الرياضة داخل البلد والرقي بها إلى مصاف الدول التي تشارك في كل الدورات القارية على الأقل، قبل جعلها تمهيدا لأهداف أخرى أعلى وأكثر تنافسية.

 

من جانب أخر أظهر المنتخب الموريتاني شخصية قوية داخل الملعب خاصة في أخر مقابلتين، وأبان عن حضور نفسي وبدني عالي لا يجعلك تعتقد لوهلة أنه لمنتخب يشارك أول مرة في دورة بهذا الحجم، ويؤكد أن التحضيرات للحدث كانت جدية وبطريقة احترافية لا تقل عن باقي المنتخبات، والتي نال من خلالها المدرب الفرنسي كورنتين مارتينيز الثناء الوفير خاصة أنه حَسَّن الأداء في ظرف قصير بين هزيمة برباعية ودفاع كارثي في أول جولة إلى تعادلين تاريخيين بانضباط وأداء تكتيكي عالي جدا من لاعبيه في ثاني وثالث جولة.

  

كان مصر 2019 سيبقى في التاريخ لبِنة لانطلاقة حقيقية للمنتخب الموريتاني، خاصة أنها لم تكن مشاركة كارثية مثبطة للعزائم، بل جاءت كتجربة أولية ناجحة بكل المقاييس، رغم الخروج من أول دور والعودة بسرعة للعاصمة نواكشوط، وكانت الزيارة لتطول قليلا في ضيافة الفراعنة لولا الحظ العاثر ونقص خبرة المرابطين في مثل هكذا محافل.

  

الأكيد أن الكل في موريتانيا فخور وسعيد جدا بما قدمه المنتخب في الدورة الافريقية كرويا، وأيضا سعيد بغيرها مكاسب كفرصة للتعريف بالبلد، وبحضارته، وتاريخه العريق. والأكيد أيضا الأن أن المستقبل سيكون أكثر إشراقا للمنتخب الموريتاني في قادم المواعيد خصوصا إذا تواصل هذا النسق من التطوير والتحسين للاتحادية المحلية للعبة. 

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.