شعار قسم مدونات

في غزة فقط.. جيش أمني لا يقهر

blogs القسام

شتان بين جيشين، جيش (إسرائيلي) أسس على زور وتزوير وأتى من شتى بقاع الدنيا، هربا من جحيم يعيشه؛ ليستوطن ويحتل أرضا ليست أرضه، وبين جيش (فلسطيني) قوي بني وفق أرضية صلبة ومتينة من المبادئ الوطنية والأخلاق الإسلامية الحميدة، التي تنتصر دوما للحق وتقف إلى جانب عدالة القضية الفلسطينية، تلك القضية التي طالما غيبها المجتمع الدولي قسرا وظلما، بعد أن تعمدت لجان التحقيق الدولية ومنها تقرير غولدستون الشهير بتجاهل نتائجها، انحيازا إلى المحتل الإسرائيلي، وإمعانا في قتل كل محاولة فلسطينية لانتزاع حقها في العدالة الدولية، تلك العدالة التي مازالت رهينة للتجاذبات السياسية والاشتراطات الدولية، ولمجلس الأمن الدولي ولجان حقوق الإنسان، لجان ما توقفت عن لمز المقاومة والتنكر لحقها في الدفاع عن وطنها السليب عبر وصفها (بالإرهاب) ذلك الوصف الذي لا يضيرها أبدا، بل يزيدها قوة، فالقرآن الكريم كان أول من تحدث عن تقوية جبهة الردع وإعداد القوة عبر قوله جل في علاه في محكم التنزيل"وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل ترهبون به عدو الله وعدوكم وآخرين من دونهم الله يعلمهم" صدق الله العظيم.

 

فلا ضير إن وصفوا المقاومة في غزة بالإرهاب، وإن حشدوا الحشود لتدمير كل مقومات صمودها بمحاولة تدمير أبرز أوجه السيادة الأمنية فيها، تلك السيادة التي بقيت حاضرة بقوة مذهلة، وإن حاولوا سحق أبنيتها في عدوان الإحتلال الإسرائيلي عام ألفين وثمانية، حين دمرت طائراته الحربية مقرات الشرطة الفلسطينية في الضربة الأولى، متوهما أنه سيضرب غزة في خاصرتها، عبر تحطيم قوتها الأمنية، تحطيم فشل فشلا واضحا أمام بسالة رجال الأمن الذين وقفوا صفا مرصوصا كالبنيان الواحد في مواجهة أعتى آلات القتل والدمار، ليس فقط الطائرات الحربية والجرافات الإسرائيلية، بل أيضا على المستوى اللوجستي والثقافي والأمني، فقد تألق أمن غزة عبر أنشطته المتنوعة في بث روح التفاؤل والأمل والحيوية والنشاط والجاذبية في نفوس ضحايا العنف الأسري والمجتمعي، ممن وقعوا ضحية فوضى أفكار الخراب والدمار، وكانوا أسرى لوسائل التواصل الاجتماعي؛ فانتشار المحاضرات الأمنية والتوعية المجتمعية من رفح جنوبا إلى بيت حانون شمالا بإشراف لجان التوجيه السياسي والمعنوي في وزارة الداخلية في غزة ما هو إلا خطوة من خطوات تحرير فلسطين من دنس الاحتلال الإسرائيلي، الذي ما نجح في تخويف العامة عبر تسطيح فكر المقاومة والجهاد واختزاله فقط في مجرد آلة عسكرية.!

 

مخطئ من يظن أن أمن غزة عبارة عن رجال لا يعرفون الإنسانية في تعاطيهم مع الملفات الصعبة، أو أنهم أناس لا تأخذهم الرحمة حين يقع تحت قبضتهم مجرم أو متهم أو مدان، فهم رجال يحبون نصرة أهلهم وأبناء شعبهم ظالمين أو مظلومين

فرجال الأمن في غزة المحاصرة، هم من خاصة الله؛ ليس لأنهم يتفانون في أوقاتهم، وقد وهبوا أعمارهم لأجل حماية الجبهة الداخلية وقطع الطريق على كل المروجين للخرافات والخزعبلات، بل لأنهم إضافة إلى كل ذلك منحوا آلاف البائسين نورا من يقين مطلق بعدالة قضيتهم، حين لمسوا فيهم الخير في أن يغيروا أنفسهم إلى الأفضل والأجمل، واضعين نصب أعينهم مساعدتهم بما لا يخدش حياءهم أو يطعن في كرامتهم، عبر خطط واعدة وواعية تهدف إلى نشر ثقافة التسامح وفضيلة التغاضي عن الخلافات، التغاضي الذي لا يعني العودة إلى الوراء، بل إلى فتح آفاق جديدة أمام المعذبين والمضطهدين ممن عاشوا آلاما، دفنتهم في الأوجاع والمصائب، وألحقت بهم أحزانا مضاعفة.!

 

مخطئ من يظن أن أمن غزة عبارة عن رجال لا يعرفون الإنسانية في تعاطيهم مع الملفات الصعبة، أو أنهم أناس لا تأخذهم الرحمة حين يقع تحت قبضتهم مجرم أو متهم أو مدان، فهم رجال يحبون نصرة أهلهم وأبناء شعبهم ظالمين أو مظلومين، عبر تقويم أخطائهم، بعيدا عن تعسف القرارات الجائرة أو الطيبة الزائدة، فهم رجال أتقنوا دورهم وكانوا بحق على الحق ظاهرين لعدوهم قاهرين، أمامهم هدف واحد وعدو واحد هو "الاحتلال الإسرائيلي"..

 

إن نشر ثقافة الوعي الأمني يتطلب المزيد من التكتيك، وأول هذا التكتيك هو التخطيط لحملات أمنية على كل الجبهات النفسية والاجتماعية والتكنولوجية والأسرية والدينية، حملات تعطي كل من أخطأ الشجاعة لأن يحافظ على كل خير بداخله، بل أن ينميه، عبر مهارة تحديد الأولويات والتركيز على نسف السلبيات، بشيء من العقلانية وكثير من الحكمة والإنسانية، على قاعدة لا ضرر ولا ضرار، ولا إفراط ولا تفريط، حري بكل عاقل وحر وشريف أن يصفق بقوة لرجال الأمن، فقد أثبتوا ولاءهم لفلسطين التاريخية، بعد أن أدهشوا الجميع بحنكتهم، بعد أن ظن كثيرون أنهم قاسيون في التعامل، بيد أن خلف قسوتهم قلوبا رقيقة لا يعرفها إلا من تعامل معهم من قرب.

 

لنقف مع أمن غزة، ونكن من جنده ولو بأضعف الإيمان، ولو بتدوينه نكتبها من باب التوعية والتثقيف، لنكن دوما عونا له في نشر خططه الحكيمة في تطهير غزة من كل الأوجاع والأوبئة، لاسيما الأوبئة والأمراض الفكرية، فملاحقة العملاء وأعوان الاحتلال وكل المروجين للشائعات تتطلب جيشا واعيا على كل المستويات، فهيا ندعم أمننا، ولنتذكر أن جيش الأمن في غزة غني بالله عن دعمنا، ومع هذا علينا أن ننصره بكل الطرق، من باب الاشتراك في حماية ثوابتنا الوطنية وترميم نفوسنا من كل أذى معنوي، ولنعترف بأن الجيش الذي لا يقهر هو جيش غزة بأمنها وقسامها ومقاومتها وإعلامها، لا جيش إسرائيل الذي يخاف من الرضيع قبل الكبير، ويرتعش حين يسمع مجرد كلمة "فلسطيني" فما بالكم حين يسمع بكلمة "مقاومة" أو "قسام" أو "غزة".!!

 

حقا إن فيها قوما جبارين، وغزة جبارة بقسامها وأمنها ومقاومتها وأيضا إعلامها الذي يعد السلطة الأولى لا الرابعة، أجل غزة جبارة لا تخاف، لا تخاف، لا تخاف، ولهذا وجب أن نعطي مساحة حرة من أقلامنا للقضايا الأمنية، كرد طبيعي من أهل الثقافة الحرة على مؤتمر المنامة الذي يريد أن يبيع قضايانا الأمنية بثمن بخس؛ ولنتذكر لا قوة تعلو على قوة أمن غزة، ولا أمن أبسل وأشجع من أمنها.!

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.