لدى البعض منا قناعة في مفهوم.. أن الشخص الذي نراه ناجحا في حياته.. له من الذكاء والقدرات ما تفوق غيره، وهذا ليس إلا موهبة كانت له من الله منذ ولادته، وأن هذا أمر لا يتمتع به إلا من أراد له الله النجاح والتوفيق دون أقرانه. وأن من لم يولد بمثل ذلك، فسوف يعاني في حياته وفي تحصيل لقمة عيشه، وليس له إلا التسليم والاستسلام بقضاء الله وحكمته التي أنفذها على عبده، وعليه أن لا يتعب ولا يشقى، فهذا هو ما كتبه الله له، وليس له سوى الصبر والدعاء إلى الله لتخفيف مصائب الدنيا وهمومها عليه..!
هذا المفهوم من القناعة.. يحمل في طياته تفكير شخصية سلبية وإنهزامية، يظن به البعض ممن ليس لهم من الهمة وقوة الإرادة في شيئ، فقط حب الاستسلام لواقع هو بنفسه من ساعد على تمكينه وسيطرته، ووضع قيود اليأس على يديه من جراء يديه، والأغلال طَوَّقها فَحَوَّل عادة الحِراك شَلَلا لا يَنْفك إلا أن يَخْنَس إلى فِكْره وعقله وشرود ذهنه.
علينا أن نتحرر من هذا الفكر الضعيف المُستسلم، وطريقة التحرر هذه تكمن في القناعة التامة بأننا وُلِدنا ولدينا الذكاء والموهبة الكافية لتجعل منا أناسا ناجحين بأعمالنا وعلاقاتنا، علينا فقط أن نخرج من قفص العبودية للفكر الانهزامي |
لكل فرد منا ذكاؤه الخاص به، والذي يستطيع أن يوظفه على مهارته التي يتمتع بها دون غيره، وليس شرطا أن يكون الذكاء والقدرات التي وهبها الله له مثل غيره، فهو قد يكون له الذكاء في مهنة يدوية ويُبدع فيها ولكن لا يكون ماهرا في الأمور الإدارية، وقد يكون مميزا ومقبولا بين الناس مما يجعله ناجحا في الأعمال التي تتطلب تواصل وعلاقات اجتماعية، مثل أن يكون بائعا، مسوقا، قائم على إدارة المؤتمرات والتسويق للفعاليات، ولكن ليس له من التخطيط والتحليل وحل المشكلات في شيء.
هذه الاختلافات ما بين شخص وآخر، تتأثر بعدة عوامل تتولد وتُكْتَسب منها المهارات والقدرات إما سلبا أو إيجابا، ومن أهم هذه العوامل الوالدين والبيئة الاجتماعية التي ترعرع بها وإرادة الشخص وإصراره في اكتساب المهارات والخبرات التي تفتح له طريقا إلى المستقبل سواء كان باهرا أو مُعْتما. وهذا ما أثبته العلم وتكلم فيه علماء الإدارة والمستشاريين الاجتماعيين، في أن المهارات والذكاء قد يكون وراثيا من الوالدين، ولكن يكون مكتسبا أيضا في تنمية هذا الذكاء وتوظيفه إلى اكتشاف ما يتمتع به من قدرات ومهارات فيحولها إلى وسيلة نجاح، تحقق ما يصبو له كل متأملا آملا في تأمين حياة سهلة راغدة وعيشة رافهة طيبة.
الكل منا يتمتع بعدة أنواع من الذكاء، ولكن تتفاوت حسب البيئة التي يعيش فيها، فقد يعيش أحدنا بين أبوين إداريين فيصبح إداري بعد الممارسة، فيكتسب مهارة الإدارة ويطورها حتى تصل إلى القيادة بعد حث وتعليم وتفويض والديه له. أو قد يكونا رياضيين فيصبح ممارسا محبا للرياضة. وهناك الكثير من الحالات… يعتمد فيها الشخص على نفسه في توفير واكتساب المهارات والقدرات التي يكتشف نفسه بها، فيقوم على تنميتها وتطويرها بالتعليم المستمر وأخذ ما يلزم من الدروس وقراءة الكتب اللازمة لذلك، فيكون كما تريده ذاته وشخصيته أن تكون. وبذلك.. تكون إرادتنا والجهد الذي علينا أن نبذله من أهم العوامل التي تساعدنا في تحقيق نجاحات لا يمكن توقعها ولا تصديقها إذا التزمنا في أن نصل إليها.
علينا أن نتحرر من هذا الفكر الضعيف المُستسلم، وطريقة التحرر هذه تكمن في القناعة التامة بأننا وُلِدنا ولدينا الذكاء والموهبة الكافية لتجعل منا أناسا ناجحين بأعمالنا وعلاقاتنا، علينا فقط أن نخرج من قفص العبودية للفكر الانهزامي، والتغلب على وهم الضعف وعادة الكسل، فنعمل على تقوية عضلة العقل بالتفكير وتحريك موجاته بعكس ما كانت تتحرك به سابقا، حتى تتفتح لنا قدرات جديدة لم تمر بها الحركة الفكرية من قبل فيظهر بذلك الذكاء، وبالتالي سوف تكتشف مواهبك وقدراتك الكامنة فتحول ما كان سلبي في السابق إلى إيجابي لمستقبلا جديدا وآفاقا شاسعة وطرق عديدة.
كل منا.. له موهبته وقدرته الخاصة، ولكن كل منا يستخدمها على حسب الطريقة التي يراها هو مناسبة، والتي تميل له شخصيته لها، فتكون المدخلات واحدة والمخرجات واحدة ولكن تبقى العمليات الداخلية كل له أسلوبه وطريقته في تحريكها وإدارة أمورها. ولكل إنسان.. قوة داخلية يحوِّلها إلى إرادة قوية يستطيع أن يتحرر بها من عبودية أفكاره التي وضعها هو في نفسه، حتى سيطرت عليه كليا. وسَيْطَرة تلك الأفكار.. ساعدت الثقة في أنفسنا في اكتشاف مهربا سريعا وملاذا إلى أجل غير مسمى.
كسر قيود العجز والتَّواكُل، يعيد ما هو مفقود من قدرات ومهارات بعد التَّوَكُّل، فقيمة الاكتشاف على قدر العزم والثبات، وسرعة الوصول في البعد عن مثبطي العزيمة للوصول، فلك الحافز فيما لديك من إلتزامات ومسؤوليات، ولك العقل في أن تكون دون غيرك من العقول، فالأرض تريد من يُحْييها بحياة ساكِنيها، فقد ثَقُلَت من جمادات كَثُرَت من تزاحم نائميها.
الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لشبكة الجزيرة.