شعار قسم مدونات

الأنظمة العربية سرطان في جسد الأمة!

blogs - poli

تماما كالخلايا السرطانية انتشرت الأنظمة العربية العميلة في جسد الأمة من المحيط إلى الخليج، وأنهكت هذا الجسد المتعب والممزق، فلا يوجد وطن عربي واحد استطاع أن يهنأ بحريته واستقلاله من مستعمر أجنبي حتى وقع تحت سلطة مستعمر داخلي، فلطالما كانت الثورات مرحلة انتقالية يتم فيها تسليم السلطة من المحتل الأجنبي إلى المحتل المحلي، ولطالما كان الاستقلال مجرد بروتوكول لايهام الشعوب أنها استعادت حريتها المضطهدة، وفي حقيقة الأمر ما تم لكل هذه الأراضي التي تسمى أوطانا استقلال ولا سيادة، فهي لا تزال بقرة حلوبا، ولا تزال محتلة فكريا وشعوبها مستعبدة، خاضعة، ذليلة، ولم تنل الا شهادة سيادة صورية مختومة بتاريخ استقلالها تلوح بها الشعوب كل عام كدليل على شرف أراضيها، أو لإثبات عذريتها المغتصبة!

  

ولو حاولنا اسقاط سبب الإصابة بالسرطان العضوي على حالتنا لوجدناه مطابقا لأسباب اصابة أمتنا بهذا المرض الخبيث، يقول أحد الأطباء المختصين في الجراحة العامة أن إصابة الجسد بالسرطان دليل على وجود نقص غذائي متعدد قد يكون ناتجا عن عوامل بيئية، وراثية، غذائية وحياتية سيئة، وكذلك هو الحال بالنسبة لسرطان الأنظمة فقد كان نتيجة حتمية للاستعمار الأجنبي في المنطقة العربية، والذي ادعى جلب الحداثة والحضارة للمستعمرات لكنه في واقع الأمر جاء لاستنزاف خيراتها وهدم القيم والأخلاق وفصل الدين عن الدولة وتقطيع الأمة العربية والإسلامية إلى دويلات صغيرة وأقاليم، ثم عمد إلى زرع الفرقة بين المسلمين من خلال اشعال فتيل الطوائف والقوميات والمذاهب الدينية.

   

حتى يتم القضاء على هذا المرض الذي استشرى في الأمة لابد من تجويعه بقطع غذائه ولن يتم ذلك إلا بايقاظ الوعي العربي المسلم من غيبوبته، وتدعيم المناعة الدينية للشعوب العربية المسلمة

وفي ظل اجتماع كل هذه العوامل في تربة خصبة بالبؤس والجهل والأمية والتخلف والبعد عن الدين، والقمع والتشريد والقتل، ألقى المستعمر الأجنبي بذور أنظمة عسكرية مستبدة لا تعبأ لدين ولا تلتزم بقانون، فنمت وترعرعت واشتد عودها وانتشرت كخلايا سرطانية في جسد العالم العربي والإسلامي. وللتغلب على مرض السرطان يقول نفس الطبيب المختص، لابد من تدعيم جهاز المناعة من خلال تغيير النظام الغذائي وتضمين بعض المكملات، لأن جهاز المناعة إذا كان قويا سيتم تدمير هذه الخلايا ومنعها من التكاثر وتشكيل الأورام، ويقول ذات الأخصائي أن الطريقة الأفضل للقضاء على السرطان هي تجويع الخلايا السرطانية بالتوقف عن اعطائها الأغذية الضرورية لتكاثرها.

  

ونفس الشئ بالنسبة لهذه الأنظمة العربية الخبيثة فهي تتغذى بشكل رئيسي على التجهيل الديني والتجهيل الفكري والعلمي الممنهج، فتظل تحارب الدين وتسوق إسلاما جديدا مجردا من أصوله ومصادر تشريعه، وتروج بإعلامها المضلل الهادم للقيم والأخلاق أن الموروث الديني سبب تخلف مجتمعاتنا العربية! وتضع مناهج تعليمية تهدم بدل أن تبني فيتيه جيل تلو الآخر في غياهب التخلف، وتشغل الفرد العربي والمسلم بتحصيل رغيف الخبز فتصبح أغلى طموحاته أن يجد ما يسد به رمقه آخر النهار.

 

وحتى يتم القضاء على هذا المرض الذي استشرى في الأمة لابد من تجويعه بقطع غذائه ولن يتم ذلك إلا بايقاظ الوعي العربي المسلم من غيبوبته، وتدعيم المناعة الدينية للشعوب العربية المسلمة بالعودة إلى كتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم، ثم الامداد العلمي والفكري للعقل العربي المتجمد وتحريره من الغزو الغربي في الثقافة والعلوم والتكنولوجيا والتمسك بهويته العربية المسلمة.

 

من خلال التجارب الماضية في معالجة داء السرطان بشقيه العضوي أو سرطان الأنظمة، تؤكد النتائج أن المعالجات الكيميائية أو استئصال هذه الأورام الخبيثة ليست حلا للانتصار على المرض أو انتهاء أوجاع المريض، إذ كشفت الدراسات الحديثة أن بعض الخلايا السرطانية تقوم بحيلة لتجنب تعرضها للموت بالعلاج الكيميائي كما أظهرت الأدلة الوراثية أن بعض الخلايا السرطانية تتحول إلى خلايا نائمة وقت العلاج كما تؤثر على الخلايا السليمة القريبة منها عبر افرازات معينة لتحولها إلى ما يشبه الخلايا السرطانية الجذعية لتعود للاستيقاظ بعد سنوات أكثر شراسة في مقاومة العلاج! وانتكاسة الثورات العربية في كل من مصر وتونس وليبيا من الشواهد التي رصدت هذه الظاهرة، لتطفو الأنظمة السرطانية على السطح وتعاود الظهور مجددا!

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.