شعار قسم مدونات

فرحة أمي بنجاحي.. نجاح ثانٍ لي!

BLOGS الأمومة

لقد أصبح حلمي الآن واقعاً ملموساً، يمتزج بعطر الورود على أرض صنعتها بعزمي وإسراري من أجل أن أري الفرحة تكسوا محيا أمي، هاهي البسمة تعانقني بعدما حققت لأمي حلما طال إنتظاره، تزدحم مشاعري فرحة بما أنجزته خلال إثنتي عشرة سنة من الدراسة، عندما كنت صغيرة كانت أحلامي بدورها صغيرة، وكلما كبرت إلا وكبرت معي أحلامي، وكذلك كبر معي عزمي على تحقيق تلك الأحلام، سواء الصغيرة منها أو الكبيرة، التي كبرت مع ازديادي في العمر، كنت أحلم في البداية بمسك قلم، ثم بعدها الذهاب إلى المدرسة، ثم بعد ذلك الاتحاق بالطور الإعدادي والثانوي وهكذا.

 

كلما تدرجت يزداد شغفي بالقراءة أكثر لأنها كانت هي الطريق الوحيد في تحقيق أحلامي الأخرى، مما كان يجعلني أن أثابر، من أجل أن أحقق مراكز أعلى في الدراسة، رغم أنني كنت أخفق في ذلك أحيانا، وأحيانا أخرى أتمكن بشق الأنفس من التفوق، أو لنقل من النجاح، إلا أنه كان همي دوما النجاح من أجل أن أتحفز أكثر على الدراسة، رغم أنني كنت ألقى نقصا في بعض الأمور؛ مثل أنني كنت الفتاة الوحيدة في عائلتي تتابع دراستها في مستوى عمري، وهذا كان تحد لي قبل أن يكون شيئا آخر، والأمر الثاني هو ذلك النقص الذي ترك أبي بعد رحيله، لكنني كنت أجد في أمي بعضا من ذلك النقص الذي تركه أبي، لأنها جندت نفسها من أجل أن لا أحس بالنقص تجاه هذه الحياة، من أجل أن لا أضعف وأستسلم، مما جعل هذا الأمر بدوره تحد ثاني لأنه كان علي أن أضل صامدة، من أجل أن أعوض أمي بعضا من تضحياتها، فهي بدورها لاقت في طفولتها مصاعب رغم أنها لم تتعلم في صغرها إلا أنها أرادت أن لا تحرمني كما حرمت هي من الدراسة.

 

هي فرحة تمتزج بالجهد والتعب والإنجاز، فبعدما يقوم الإنسان بجهد من أجل أن يسعد في الأخير خصوصا إذا كان يحمل وراءه هموما، أو بالأحرى بنجاحه سيسعد أغلى ما لديه

كنت دوما محاطة بالتحديات في كل اتجاه، كان علي أن أتثبت نفسي من خلال نجاحي في دراستي، رغم أن طريق النجاح دوما تكون مكسوة بالأشواك، ولكن مع بعض الإصرار والتفاني، والتركيز على بعض النقاط الإجابية في حياتي تمكنت من أن أمهد الطريق للنجاح، كان علي في البداية أن أضع خطة لما أريد في هذه الحياة، ثم بعدها أن أسير على تلك الخطة التي رسمتها بنفسي وألا أبالي بأقوال الناس، وانتقداتهم مهما كانت قاسية أو لاذعة، فهذه حياتي ولن يستطيع أحد أن يقف عائقا أمام تحقيقي أحلامي، لذلك كان علي أن أضع خطة رصينة ترشدني على المدى القصير والمتوسط والمدى الطويل، فهذه الطريقة ناجعة من أجل أن أذكر نفسي بما علي عمله في المستقبل القريب، وألّا أنسى هدفي الذي أسعى إلى تحقيقه.

  

كان إهتمامي بتعلم كل ما هو جديد ونافع لي في حياتي، وأن أكتسب تلك المهارات الأساسية من أجل عمل شيء هام، والضفر بالنجاح في الأخير، رغم أن الإنسان لن يصل للنجاح الذي يحلم به إلّا إذا كان يعمل بشيء يحبه، لذلك كان علي أن أحب ما أعمل وهو دراستي من أجل أظفر بالنجاح، وها أنا ذا قد نجحت، في الأسبوع الماضي ثم الإعلان عن نتائج الباكالوريا، والحمد لله لم يخب ظن أمي تجاهي، لقد كنت من الناجحين، فكانت فرحة أمي بنجاحي لا توصف، ففرحتها تلك قد أنستني كل مجهوداتي التي بذلتها.

 

إنها فرحة النجاح، فهي فرحة تمتزج بالجهد والتعب والإنجاز، فبعدما يقوم الإنسان بجهد من أجل أن يسعد في الأخير خصوصا إذا كان يحمل وراءه هموما، أو بالأحرى بنجاحه سيسعد أغلى ما لديه في هذه الدنيا ألا وهي أمه، أمه التي كافحت من أجله وهو صغير، وما زالت تكافح من أجله وهو كبير، أمه التي حرمت نفسها وأعطته، أحزنت نفسها، وأسعدته.

 

لقد كان حملا ثقيلا على كاهلي فأنا رغم أنني كنت أنتظر هذه الفرحة بعد سنين طويلة من الدراسة والكفاح، لكن عندما يتعلق الأمر بأمي فإن ذلك سيصبح تحدي لأنها وضعت آمالها وأحلامي علي، لقد كان علي أن أكون محل ثقته، ومحل تلك المسؤولية التي وضعت على كاهلي، حتى أنني عندما كنت أتخيل تلك الفرحة التي ستكسوا محايها كان كل تعبي يهون، ولا ألقي بالا لكل مصاعب الدنيا لأنني لدي حلم واحد وهو أن أحقق لأمي سعادتها، وأن أراها فخورة بي، أن أحمل رأسها، وقد فعلت، ففرحت أمي بنجاحي نجاح ثاني لي.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.