مؤخرا وفي الأعوام القليلة الماضية ظهرت طفرة جديدة وكأنه الاكتشاف الذي غير استراتيجية الصراع الذي لن ينتهي بين الغرب والإسلام بشكل جذري وحول الطرق عن مساراتها أنه الإسلام الوسطي الذي إذا أمعنا النظر فسنجد أن بابا الفاتيكان ومن هم من رتبته قد تحولوا إلى دعاة ومشايخ ووعاظ يدعون الناس إلى اتباع الإسلام لكن بمنهجه الوسطي كما يعتبرون وكذالك الأمر بالنسبة للقادة والزعماء السياسيين في العالم أجمع وفي أوروبا بشكل خاص ولا يخفى عن أحد الداعمون لهذا الفكر من فنانين والمشاهير المحسوبين على الإسلام في دولنا العربية وكذالك الأمر بالنسبة للدول التي بها أقليات مسلمة ليست بالقليلة.
عمليا يبدوا أن هذا الاتجاه قد جاء بعد محاولات عديدة افضت إلى استحالة أن تجدي الطريقة التقليدية نفعا فإتجهوا إلى التحوير بالمصطلحات الإسلامية وتطويعها وتهذيبها للخروج بسئ يناسب تحركاتهم بالنسبة لكامل السياسات وتم بناء على هذا إطلاق مفهوم الإسلام الوسطي والذي تم اشتقاقه من وسطية الإسلام ليبدوا أكثر ألفة للمسلمين عند اقناعهم به فما هو هذا الإسلام الوسطي؟ وهل يمت بأي صلة لمفاهيم الوسطية الإسلامية؟ فعليا فإن الإسلام الوسطي الذي يدعون إليه ليس بشكل أساسي وسط بين المادة والروح وإنما هو وسط بين الإيمان والكفر فلا يكون المرأء ملتزما بما أمر به الله تعالى كما أنزل وكذلك لا يكون منقلب عنها وكافر بها وإنما يكون وسطيا بمعنى أنه يأتي المحرمات وهو مؤمن بالقرأن الكريم والسنة المطهرة الذين حرموا ذلك.
وسطية الإسلام ليست وسطية حسية وهي التي يجب لوجودها أن يكون هناك إسلام متطرف أو إسلام يميني وآخر يساري وهي وسط بينهما وإنما الإسلام هو دين واحد لا يقبل التجزئة أو التقسيم |
فالإسلام الذي يدعون إليه هو الذي يبيح لهم الاعتكاف في المساجد ومجالس الذكر وكذلك لا يمنعهم بعدها من أن يذهبوا إلى المسارح لمشاهدة الأفلام الخليعة الهابطة أو حضور حفلات الرقص الصاخبة أو حتى تنظيم مثل هذه الحفلات على مقربة من الأماكن المقدسة. فهو الإسلام الذي يبيح لهم أن يضعوا بعض الأموال في يد الفقير أو المحتاج العابر أو التبرع بها لمرضى السرطان أو المستشفيات والجمعيات الخيرية ولا يمنعهم بعد ذلك من أن يذهبوا للعب على طاولات القمار أو التعامل بالربا على اختلاف صوره، كذالك هو الدين الذي يبيح لهم أن يذهبوا إلى الأراضي المقدسة والطواف حول الكعبة لعدد من الأشواط والسعي بين الصفا والمروة والوقوف بعرفة وزيارة المشاعل الإسلامية ومع كل هذا لا يمنعهم من التغزل في الشرق الملحد ولا يمنعهم من اصطحاب نسائهم وبناتهم إلى صالات الخمر والرقص حيث التحلل الكامل من كل أدب أمر به الإسلام.
هو ذلك الإسلام الذي يجعلهم أهل توحيد وإسلام فقط بألسنته وليس بقلوبهم حتى بينما في الوقت نفسه لا ينهاهم إيمانهم من تعطيل أحكام الإسلام وتشريعاته واستبدالها بالقوانين الوضعية الهزيلة أو حتى بالقوانين العلمانية الرثة في جميع شؤون الحياة وهو ما لا يرتبط بالمرة مع أي مبدأ من مبادئ الإسلام وبشكل خاص مبدأ الوسطية. فما هي وسطية الإسلام حقا؟ وهل هناك مثل هذا أصلا في أصول الإسلام؟
الوسطية وهي تعتبر ميزة وعنصر أساسي من سمات الإسلام ولكنها مع هذا ليس لها علاقة بكل ما تم ذكرة هنا فوسطية الإسلام ليست وسطية حسية وهي التي يجب لوجودها أن يكون هناك إسلام متطرف أو إسلام يميني وآخر يساري وهي وسط بينهما وإنما الإسلام هو دين واحد لا يقبل التجزئة أو التقسيم
فالوسطية في الإسلام تعني أنه ليس به إفراط أو تفريط في مباحث الألوهية بحيث لم ينكرها كما فعل الماديين والملاحدة وكذالك فإنه لم يثبت للكون أكثر من إله.
كما أنه وسط في صفات الله فلم تصل إلى حد التفكير في التجريد كما فعل الفلاسفة اليونانيين الذين لم يثبتوا لله غير صفات السلب بل اثبت معها صفات إيجاب كالقدرة والإرادة والعلم..إلخ. كما أن العقيدة الإسلامية كذالك خلت من التشبية والتجسيم كما فعلت اليهودية الحالية والتي اثبتت لله النوم والتعب والراحة والمحاباة والقسوة حتى وصل به الحال عندهم إلى مصارعة أحد الأنبياء فلم يستطع الإفلات منه حتى وهبه بعض الهبات، بل إن عقيدة الإسلام تقرر وصف الله تعالى بكل كمال وتنزهه عن كل النقائص كما وتنفي عنه مشابهته للبشر أو لأي من مخلوقاته.
ثم كانت كذلك عقيدة وسط فيما يتعلق بالنبوة فلم ترفع النبي إلى قدر الألوهية وكذالك لم تنزل به إلى السفلة من الناس فتنسب إليه فعل المنكرات من شرب الخمر واتباع الشهوات بل تجعلهم بشراً اصطفاهم الله من انقى المعادن البشرية واطيبها لأجل أن يحملوا رسالتة للناس ثم عصمهم من الذنوب وحقير الأعمال حتى يكونوا أهلا لعهد الله وميثاقه. فإن الوسطية في العقيدة الإسلامية والدين الإسلامي لا تعني التوسط بين طرفين وإنما تعني العدالة والعدالة تعني وضع الشئ في موضعه والذي يحدد هذا الموضع هو القانون الضابط وهذا القانون هو الشرع فتبقى الوسطية هي موافقة حكم الله في الشدة واللين على حد سواء.
الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لشبكة الجزيرة.