قرأت منذ أيام خبرا يتعلق بالداعية د. سلمان العودة، وجملة من الاتهامات أسندت إليه والحكم عليه بالقتل تعزيرا، ولم ينته اليوم وتواصلت الأخبار حول مجموعة من الدعاة أمثال: د. علي العمري وغيره من العلماء والأشخاص ذوي العلم والدين والقائمة في ازدياد كل يوم.
فتبادر إلى ذهني ما حجم الاتهامات التي اقترفها هؤلاء، ما جريمتهم التي دفعت بالنيابة أن تحكم عليهم بهذه الأحكام؟ هل أصبحنا في زمن يعتقل فيه الدعاة والعلماء فقط لأنهم دعوا إلى الحق، هل يعقل أن يزج في السجون العلماء والمفكرين والدعاة وأصحاب العلم بدلا من المجرمين والأشقياء؟! إذ لا يمكن أن تحصل هذه العملية العكسية.
هؤلاء الدعاة وهم أشد التصاقا بالدين، يعرفونه كما يعرفون أسمائهم يحاولون ورع هذه التعاليم في الناس ومحاولة تطبيقها، وتصحيح الأخطاء إن وقعت، أوليس الأولى بنا أن نتبع تعاليمهم لأنهم يطمحون لصلاح أمتنا |
عندها فقط استنتجت أننا في زمن غريب، بل ربما هي علامات الفناء، فإذا تم اعتقال علماء أمتنا ودعاتها، فما فائدة العلم الذي تلقاه هؤلاء، ما لزوم رتبهم العلمية التي ثابروا من أجلها ما فائدة الشهادات التي تحصلوا عليها من الجامعات، ما مصير جمهورهم ومتتبعيهم عندما يعلمون أنهم في السجون؟ هل سيتقبلون الأمر أم سيصابون بخيبة أمل، أم سيبقون على تمسكهم بهم واتبعاهم وعدم التشكيك في دعواهم؟
عمل الدعاة هو تعليم الناس دينهم وتوجيهم نحوه بطريقة صحيحة وتقويمهم إذا حادوا عنه، فطبيعي أن يتحدثوا عن جميع جوانب الحياة الإسلامية، وعن أساسيات الدين الإسلامي وعن أخلاق المسلم، وكيفية تعامله مع الآخر، وتجنبه فتن هذا الزمن، وطريقة الوقاية منها.
وللدعاة أدوار عدة وأعمال كثيرة، كتوضيح المبهم من الدين الإسلامي وتبسيطه للناس، وتفسير القرآن والحديث وشرحه، كما يدخل في دائرة أدوارهم التحدث عن مسائل الأمة الإسلامية من جميع جوانبها. فنحن نعلم أن الدين الإسلامي صالح لكل الأزمنة وتعاليم الدولة الإسلامية القديمة صلحت في الماضي وستصلح في المستقبل، وإذا تم تطبيقها في الوقت الحالي بجميع حذافيرها ستنجح. فالإسلام دين شامل فإذا بحثنا عن السياسة والاقتصاد وكيفية إدارة الدولة وجدنا، وإذا أردنا آداب التعامل مع الآخر وجدنا تعاليم كثيرة…الخ
فهؤلاء الدعاة وهم أشد التصاقا بالدين، يعرفونه كما يعرفون أسمائهم يحاولون ورع هذه التعاليم في الناس ومحاولة تطبيقها، وتصحيح الأخطاء إن وقعت، أوليس الأولى بنا أن نتبع تعاليمهم لأنهم يطمحون لصلاح أمتنا، ألم يكن من المفروض أن نقف إلى جانبهم في دعوتهم الشريفة الطاهرة؟! وأن نبتعد عن التبعية وأن نعود إلى أصلنا ومجدنا المرموق سابقا، ونترك عنا ألوان الحياة الزاهية الزائفة التي تجذبنا نحو الهاوية.
أبَعد كل هذا، هل يستحق هؤلاء الدعاة، تهما وعقوبات والمطالبة بقتلهم وسجنهم، اذن لا خير في أمة تعتقل وتقتل دعاتها وعلمائها ومبسطي صعوباتها بل وتزول بركة هذه الحياة بزوال شيوخها وكبارها، فلا يجد أبنائنا من يرشدهم إلى دينهم وتقويم سلوكهم إذا لم نتلقى نحن التعاليم الصحيحة والارشادات والفتاوى السليمة والدقيقة فما هو مصير أبنائنا إذا من الدين؟
لا تقتلوا العلماء فهم ورثة الأنبياء، وقاهري الأشقياء. لا تقتلوا العلماء فهم الفئة التي تستحق التقدير والتبجيل لأنهم عقول تمشي على الأرض وبركتهم حلت أينما ارتحلوا ونور وجوههم دال على إيمانهم وتقواهم. لا تقتلوا العلماء فما مصيرنا إذا غاب هداهم وإرشادهم عنا. لا تقتلوا العلماء فهل جزاء العلم القتل والإعدام.
الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لشبكة الجزيرة.