شعار قسم مدونات

المرأة اليمنية.. على قيد العزم والأمل

مدونات - فيلم

حالها حال كل مكونات المجتمع اليمني، تعاني المرأة اليمنية انتهاكات جسدية ونفسية جمة جراء الحراب المستمرة وتبعاتها من حصار وفقد وانعدام لمتطلبات الحياة الأساسية، ما زاد عليها الأعباء التي تتحملها أسرياً واجتماعياً واقتصادياً. ورغم قتامة المشهد في البيت اليمني، ما زالت المرأة اليمنية تشعل بإصرارها على الحياة نوراً، لتكون الأم والأب غالباً لأبنائها وسنداً لمجتمعها.

     

في "منال الأمل" وثائقي بتقنية الواقع الإفتراضي أنتجه طاقم Contrast الجزيرة بالتزامن مع دخول اليمن عامها الخامس من الحرب، تقوم صحفيتان محليتان، منال قائد الوصابي وأمل الياريسي، برواية قصص أطفال وأمهات يمنيات ممن يعيشون في قلب أسوأ أزمة إنسانية في العالم. انطلاقا من تجربتهما الشخصية كشابة وكأم تحكيان لنا عن مخاوفهما وعن عزمهما المتقد بالأمل لمستقبل أفضل لليمن. يسلط الوثائقي الضوء على قضية سوء التغذية المتفاقمة جراء الحصار وتردي الأحوال الاقتصادية، تتبع الصحفيتان طفلتان هما هنادي من صنعاء وخديجة من الحديدة في رحلة تلقي علاج سوء التغذية بين مستشفيات المدينتين.

 

منال قائد الوصابي، شهدت أربع سنوات من الحرب في اليمن والتي أودت بحياة الكثير من الأطفال، ترى الآن ابنها، البالغ من العمر أحد عشر عامًا، في وجوه كل أطفال اليمن الذين عاشوا ظروفاً صعبة من الجوع والمعاناة، بالإضافة إلى 85000 طفل ماتوا بسبب الجوع.

 

"قضية سوء التغذية تؤلمني بشكل كبير لا أستطيع أن أتخيل أن يجوع طفلي ويتحول إلى هيكل عظمي" تقول منال، بعد تتبعها لخديجة، طفلة يمنية بعمر ابنها تعاني سوء التغذية الحاد.

   undefined

  

"أشعر ببؤس كبير تجاههم، وغالباً كنت لا أستطيع أن أتناول وجباتي بشكل طبيعي بعد عودتي من المشفى. لا أستطيع أن أطعم كل الأطفال الجوعى لكنني أتمنى ذلك."

 

تعمل منال كصحفية حرة مع العديد من وسائل الإعلام المحلية والدولية، وترتكز معظم القصص التي تقوم بتغطيتها على القضايا الإنسانية التي تعتبرها "مغيبة عن الإعلام" خاصة قضايا المرأة.

 

"حولتني الحرب الى صحفية وجدت نفسي مسؤولة عن نقل كل ما ارى. أكره الشعور بأننا في نفق مظلم. لابد أن نوجه الضوء تجاه ما يحدث هنا من ألم ومعاناة، لا بد أن يرانا العالم، هذا هو دور الصحفيات الان."

 

قبل الحرب كان هناك نسبة ضئيلة من النساء اللاتي يعملن، لكن الكثير منهم اضطررن للعمل لاحقاً في ظل الحرب التي أثرت بشكل كبير على الاقتصاد اليمني، كما تقول منال.

 

أمل الياريسي، صحفية شابة يمنية أخرى تقول: "لقد غيّرت الحرب حياتي. غطيت قصصاً لم أتخيل أبداً أن تحدث في بلدي".

 

أكثر ما يؤلم أمل هو "رؤية الأمهات عاجزات عن إطعام وإنقاذ صغارهم." تقول "قد أكون عاجزة عن إنقاذ كل هؤلاء الأطفال من الجوع وخطر الموت، لكني أملك أملاً بالتغيير ولفت أنظار العالم إليهم من خلال نقل معاناتهم ونشرها عبر وسائل الإعلام، علنا نصل يوم ما إلى السلام."

   

  

تعمل أمل أيضاً كصحفية حرة، استطاعت مؤخراً- على الرغم من التعقيدات والمصاعب- السفر لتمثل الجيل اليمني الشاب في عدد من المؤتمرات واللقاءات الدولية، ولتكون صوتاً نسوياً يوصل قضايا وقصص ومعاناة النسوة اليمنيات للعالم أجمع على حد تعبيرها.

 

تأمل أمل أن تتوقف الحرب في اليمن قريباً وألا يصبح بلدها "يمناً منسياً" وتقول لكل النساء "كوني قوية طوري نفسك دائماً وضعي لك بصمة في مجتمعك، ولا تسمحي أبداً لأحد أن يجعلك بمثابة دمية صامته أو متحركة بجهاز تحكم."

 

قامت كل من منال وأمل بالتصوير في مناطق أسلم والحديدة وصنعاء، على مدار شهر، تتبعتا حالة الأطفال الذين يخضعون لعلاج سوء التغذية، لإلقاء نظرة أوسع على الأضرار المادية والمعنوية التي تلحق بالعائلات.

  

تتداخل قصص اليمنيين الذين يعانون من الحرب مع رواياتهما. وهما تتجولان من خلال ذكرياتهما، بين لحظات سعيدة من حياتهما في اليمن قبل أن تمزقها الحرب. وعلى الرغم من كل ما شهدته منال وأمل، إلا أنهما وفيتان لمعاني أسمائهما: المنال والأمل، حيث إن كلاهما مصممتان على الأمل وترفضان التخلي عن مستقبل اليمن.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.