منذ أيام تفاجئ العالم بأنباء عن حريق هائل في كاتدرائية نوتردام العتيقة في فرنسا، فتهافتت وسائل الأعلام بالبحث عن سبب هذا الحريق، هل هو عمل إرهابي؟ أم هو تخريب أجرامي؟ وبعد بحث.. لم يتم إيجاد أي جواب على الأسئلة وبقي الحريق مجهول سببه، وتم التأكد بأن الحريق الذي دمر إحدى معالم باريس ليس إرهابيا ولا يمت بأي صلة إلى الإرهاب.
فالإرهاب هو داء العصر الحديث ووباء الدول والحكومات على حد سواء في الدول المتقدمة أو الأخرى المتخلفة عن القافلة البشرية، فالإرهاب هو الشماعة التي يعلق عليها الجميع أخطائهم والذي يحاربه العالم وأجمع بطائراته ودباباته وبوارجة لكن حتى الأن لم يتمنكوا من القضاء عليه. وحتى الأن لا يوجد مقياس للإرهاب سوى مقياس المصلحة، فعلى قدر الضرر الذي تحدثه جماعه معينة بمصالح دولة ما فإن هذه الدولة تتهم هذه الجماعة بالإرهاب، وقد تدافع عنها وتمولها وتدعمها بكافة الإمكانيات إذا كانت تحقق مصالح هذه الدولة كما هو الحال الآن في غرب أوكرانيا، فبينما تحارب الولايات المتحدة الجماعات الانفصالية نجد روسيا تمولها وتدعمها بل ويطلق على أفرادها الألقاب كالثوار والمناضلين.
الشرق ليس وطنا للأرهاب، فالإرهاب ليس جينا ينتقل من الآباء إلى أبنائهم وإنما هو فكر والعالم الإسلامي بشكل عام ليس حاضنا لهذا الفكر الشيطاني |
نحن الآن نعيش في عالم يحشد جميع جهودة لمحاربة الأرهاب الأسود الذي صنعه بنفسه، حرب تحقق مصالح الدول الكبرى من جهة ومصالح الحكومات الاستبدادية من الجهة الأخرى بينما يكون الخاسر الوحيد فيها هم أفراد الشعب. منذ أن بدأ مصطلح الإرهاب بالظهور على الساحة ونحن نسمعه بشكل كبير خاصة في مناطق الشرق الأوسط ذات الغالبية المسلمة حتى أن الإقليم إذا نظرنا من هذه الجهة ما هو إلا مرتع كبير للإرهاب والأرهابيين ووطن قومي يجمعهم من كل أنحاء العالم وعلى حد نفس النظرة فهم يصورون الإرهابيين دائما على أنهم مسلمون.
فالسؤال هنا هل يوجد وطن للإرهاب وجماعاته أو حتى يوجد له دين رسمي؟ واقعيا فهم يقومون بإلصاق الإرهاب بالإسلام وبكل ما هو إسلامي لكن فعليا فهذا غير صحيح بتاتا، لأننا وإن نظرنا سنجد أن الجماعات الأرهابية أو التي يتم تسميتها بالمتطرفة من الديانات غير الأسلام أضعاف الأخرى ولكنا لا نسمع نفس الضجة الإعلامية بالنسبة إلى حوادثها وانتهاكاتها. أما تكملة السؤال وهو الأهم فهل حقا الشرق الأوسط الإسلامي هو الوطن القومي للإرهاب كما يزعمون.
على أرض الواقع لا نجد مثل هذا فإذا بحثنا عن الإرهاب فسنجده في المشرق والمغرب بالإضافة إلى أن غالبية ضحاياه هم من المسلمين، فإذا بحثنا سنجد الإرهاب في البوسنة والهرسك في مزبحة سربرميتسا والتي وقعت عام 1995م وراح ضحيتها قرابة 8000 من المسلمين البوشناق. وإذا تابعنا فسنجده في كندا حيث كانت أحداث 29 يناير عام 2017م حيث قام أحد مؤيدي اليمين المتطرف بإطلاق النار على المركز الإسلامي بمدينة كيبيك وراح ضحيته سته من المسلمين وأصيب 17 آخرين، كذالك الأمر في ميانمار والتي لا يخفى على أحد أعمال العنف التي نالت المسلمين في يونيو 2012 بولاية راخين. أما سريلانكا ففي عام 2014 حدثت أعمال عنف وتصفيات دينية وعرقية في جنوب غرب البلاد، حيث قام البوذيين السنهاليين بمهاجمة المسلمي وأقليات أخرى في مقاطعة كالوتارا والتي قتل فيها ما لا يقل عن أربعة أشخاص وجرح قرابة 80 أخرين.
أيضا في روسيا، ففي 21 من شهر أغسطس 2006م تم تفجير سوق موسكو وقد كان المستهدفين من ذالك هم رواد السوق من سكان مناطق القوقاز ووسط أسيا والذين كان أغلبهم من المسلمين وبلغ عدد القتلى في هذا الهجوم نحو 13 شخص واتهم الجناة بالقتل لدوافع عنصرية.. وغير ذلك الكثير. فالشرق ليس وطنا للأرهاب، فالإرهاب ليس جينا ينتقل من الآباء إلى أبنائهم وإنما هو فكر والعالم الإسلامي بشكل عام ليس حاضنا لهذا الفكر الشيطاني. عندما يقولون أن الشرق هو منوطن الإرهاب لا تصدقهم وعندما يقولون إن المسلمين في الشرق الأوسط هم مشاريع للإرهابيين لا تصدقهم، لا تصدق إلا أننا على الحق وصاحب الحق تعوي عليه الكلاب.