شعار قسم مدونات

مناهضة التمييز العنصري ما بين الحقيقة والوهم

blogs - العنصرية

يُحيي العالم في الحادي والعشرون من شهر آذار من كل عام اليوم العالمي لمناهضة التمييز العنصري.  ويعود السبب في توثيق ذكرى اليوم العالمي لمناهضة التمييز العنصري أنه في مثل هذا اليوم من العام ألف وتسعمائة وستون أقدمت الشرطة في بلدية شاربفيل بجنوب إفريقيا على ارتكاب مذبحة بحق سكانها لأنهم خرجوا بمظاهرات رفضاً لقوانين الاجتياز من قبل نظام الفصل العنصري في بلادهم، على الرغم من مرور ستون عاماً على المجزرة إلاّ أننا نتمنى العودة بالتاريخ للوراء لأنه تم خلق مأساة في أوطاننا تقوم على أساس التميز العنصري بأبشع صوره.

  

إن الدين الإسلامي دعا إلى نبذ كافة المظاهر المؤدية للتمييز العنصري، لقد دُكَ المسلمين في كثير من المواقف وكانوا عُرضة للتنكيل على الرغم من وضوح نصوص القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة في مناهضة كافة أشكال التمييز العنصري، والأمثلة على ذلك كثيرة منها: قال تعالى :"وَمِنْ آيَاتِهِ خَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافُ أَلْسِنَتِكُمْ وَأَلْوَانِكُمْ ۚ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَاتٍ لِّلْعَالِمِينَ" (22) سورة الروم، ونفهم من الآية الكريمة أن الاختلاف ما بين بني البشر هي من سُنَن الخلق، ولكن هناك من جعل من هذا الاختلاف طريقاً للحرب والقتل.

  

حديث رسول الله (ﷺ):" ليس لعربي فضل على أعجمي، ولا أبيض على أسود إلاّ بالتقوى". وقوله (ﷺ):"ليس منا من دعا إلى العصبية، وليس منا من قاتل على عصبية، وليس منا من مات على عصبية" وفيما سبق ذكره من آيات قرآنية وأحاديث نبوية شريفة تأكيد على ضرورة عدم التمييز ما بين الأفراد على أساس العروبة أو اللون بل على أساس التقوى والدين وهي عند الله فقط، كذلك ضرورة نبذ العصبية.

 

إننا نعاني من عنصرية شديدة تجاه ذواتنا وتجاه عزتنا التي تحتضر، على الصعيد العربي بشكل عام والفلسطيني خاصة حيث تمت تسوية الصهيوني المُحتل للأرض مع العربي الفلسطيني صاحب الأرض

إننا نعاني في عصرنا الحديث من التمييز العنصري بشكل كبير حتى أنه لم يعد تمييزاً بسبب الدين أو اللون فقط بل مناهضة الإسلام من داخله من أبناء الجلدة، أريد أن أشير إلى العشر سنوات الماضية حيث عانى المسلمين من التمييز العنصري بل وكأن حال أوطاننا جميعها أصابها غزو التمييز العنصري بل وتم إعطاء الضوء الأخضر من أجل إبادة كل من يقف ضد ذلك التمييز وأصبحنا نعاني من تمييز عنصري على مستوى الأفراد والمجتمع حتى أنه تم خلق جماعات له لتأكد وأخرى تنفي ودخلنا في أتون حرب أهلية، حتى على مستوى الكتابة والقلم هناك تمييز عنصري لكل ما هو مكتوب فكلٌ يغنى على هواه في تفسير ما يُكتب ويجب أن يقوم ذلك الكاتب بتمجيد ذلك التمييز وإلا فإن النهاية ستكون بكسر قلمه في المرة الأولى كنوع من التنبيه وإلاّ حُرِقَ جسده وتم إخفائه إلى الأبد.

 

إن حال المسلمين وصل لطريق مسدود بسبب التمييز العنصري وسط هالة كبيرة من الدمار الناتجة عن صراع الداخل، على سبيل المثال: حال الشعب السوري الذي رفض العيش بِذُل ونادى وهتف باسم الكرامة تم تتويج التمييز العنصري حاكماً على الشعب على أساس التفرقة ما بين سُني وشيعي وكانت النهاية بالقتل والتشريد بناءً على متطلبات ذلك التمييز، وهذا الحال في مصر لقد تم شيطنة الدين بل وتصويره بأبشع صوره في أفلامهم بدلاً من أن تكون دراما مسلية أصبحت مدمرة.

 

لقد تجرع العالم العربي والإسلامي أشد أنواع الألم بسبب التمييز العنصري ولن أستطيع حصر جُل من تعرض له، ولكن خلال الأيام الماضية ظهرت أشد مظاهر التمييز العنصري في مساجد نيوزلندا حيث قام إرهابي بارتكاب جريمة بشعة في داخل مسجدين ذهب ضحيتها ما يقارب خمسون آمن من المصليين هناك، لقد روج الإعلام أن ذلك المجرم مناهض للأشخاص البيض وبذلك يكون هذا الشخص قد ارتكب جريمته ليس على أساس اللون فقط بل الدين.

 

إننا نعاني من عنصرية شديدة تجاه ذواتنا وتجاه عزتنا التي تحتضر، على الصعيد العربي بشكل عام والفلسطيني خاصة حيث تمت تسوية الصهيوني المُحتل للأرض مع العربي الفلسطيني صاحب الأرض عندما سار الحاكم عكس تيار وتعاليم الإسلام والذي طبق مفهوم الولاء حتى يكون في أبهى الصور على الرغم من وجود قانون البراء والذي يحفظ الحق ضد كل من يمارس التمييز العنصري على شعب أعزل سُلب وطنه وهُجر شعبه. لقد حوصر الوطن وتم قبول التمييز ما بين الأمصار بَل وتمت المساهمة بإيجاد الحزبية التي قتلت فينا الهمة بدلاً من أن تكون النعمة للدفاع عن الأرض وتثبيت الحق أصبحت النقمة لأننا غلبنا العبودية على الحرية.

 

على الصعيد الفلسطيني ومنذ سبعون عاماً مازال الشعب يعاني أشد أنواع الاضطهاد والظلم من الاحتلال وهذا أمر مفروغ منه، ولكن أشد أنواع التمييز العنصري المنشرة في الوطن هي سياسة التخوين من قبل الشعب لنفسه حتى أصبح يسير على نهج الطغاة وهو لا يشعر حيث ساهم بإيجاد وطن مكلوم مجزأ بدلاً من أن يتم أخذ كل ما هو صحيح من كل حزب على صعيد الأفكار والتجارب، تم نقل سياسة القمع والترهيب من أجل الخروج بدولة مجزأة ضمن كانتونات هنا أو هناك، وتمت إضاعة الدولة التي فتحها أمير المؤمنين والتي كان أساس قيامها مناهضة كل المظاهر المؤدية للتمييز العنصري.

 

إن الحقيقة واضحة وضوح الشمس بأن التمييز العنصري مرفوض جملة وتفصيلاً في ديننا وجاء الرفض بشكل مختصر على لسان أول شهيد في مسجد النور بنيوزلندا عندما قال للقاتل:"أهلاً أخي"، والوهم هو ممن يحاول تثبيت مظاهر التمييز العنصري حتى يرضي غرور من يريد الحكم على أطلال الأوطان.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.