كثيرٌ من الأشخاص نجد أنّهم لا يملكون الطريقة المثلى لإبراز الذات والدفاع عن الكيان الداخلي. فالذات بنظري: "أن تعكس حقيقتك الداخليّة على هيئتك الشخصيّة؛ فهي انعكاسٌ لداخلك". هناك أمور كثيرة واستفسارات واسعة على هيئة مواقف ذاتية ومخاوف قد تعجّ في حياة الكثير من الأشخاص، وتسلب منّهم شخصيتهم وتضعهم في ظروفٍ قد أرغمتهم أنفسهم على الخوضِ في مساراتِها المتعرّجة، تتلخص في تلك الأسئلة، لماذا يتجنب بعض الطلاب من الاستفسار ومناقشة المحاضر، في حال استعصى عليهم الفهم؟
لماذا لا يجرئ بعض الموظفين من إبداء أراءهم في بعض الاجتماعات التي تقيمها المؤسسة /الشركة ويكتفون بالاستماع فقط؟ لماذا يشعر الكثير من الأشخاص بأنّ رأيه سلبيّ، مما يجعله في بيئة منعزلة بعيدا عن النقاش ومشاركة الآخرين؟ لماذا لا يتحكم البعض ببرمجته الذاتية، ربما تقوده إلى إظهار الجانب الضعيف من شخصيته وإخفاء ملامح القوة والثقة؟ لماذا تسمح لصوتٍ ما في داخلك على إرغامك بتأجيل عملك ودراستك، وأيضا بتغير مسار يومك وإنهائه دون إنجازات؟
الإيمان بالقدرات أهم خطوة لبناء الذات، ليس ذلك فحسب بل طريق الوصول لنقطة وضع الأهداف؛ لأنّ المستقبل نتاج للأهداف التي نبني عليها حياتنا، فمن المفترض أن نخوض غمار هذه التجارب |
يقول د. هلمستر: "إن ما تضعه في ذهنك سواءاً كان سلبياً أو إيجابياً ستجنيه في النهاية". إذن أنت المالك الحقيقيّ لذاتك، النفس قد تعطي نتائج ما يرسخُ في العقل الباطن، فالانطباع يتولّد نتيجة كلّ التغيرات التي تدفعنا إلى ترسيخها في أعماقنا والإيمان بمدى قوة تأثيرها على حياتنا سواء من الناحيةِ الإيجابية أو السلبيّة؛ فطبيعتنا هي نتاج ما نحن نتصرف به أو ما ينتج عن أفعالنا وانفعالنا بإدراكنا لا بمدى الظروف. إضافة إلى أنّ الاعتقاد جزء أساسي في تسيير العقل الباطن، وقد يقودنا إلى شقين: النجاح والفشل، فالحياة تمضي ونحن نجني ما نؤمن به؛ فطبيعتنا هي السلوك الذي يحدد لنا أهدافنا؛ فالنجاح يرتبط بالسلوك الصحيح الذي نصدره بناءً على دراسةٍ وعناية فائقة، لا بالعشوائية والتشتّت الذي يرمي بنا في طريق الفشل!
إذن قوة الذات تكمن في إيمان الشخص بداخله أولاً، والسير على منهاج الحياة الصحيحة بوعيٍ وإدراك. فإجابتي على الأسئلة التي طرحتها سابقا بتلخيص ما ذكره د. روبرت شولر في كتابه القوة الإيجابية: "يمكنك أن تعمل فقط ما تعتقد أنك تستطيع عمله… يمكن أن تكون فقط من تعتقد أنك تكونه… يمكنك أن تحصل فقط على ما تعتقد أنك قادر على الحصول عليه… ويتوقف كل ذلك على ما تعتقده".
لكنّ السؤال الأهم.. لماذا يتنبأ البعض بالفشل، وينقاد لمخاوف المستقبل؟! كثيرٌ من الأشخاص لا يعطي لنفسه الفرصة، دومًا منغلق بذاته، ومنحاز في الاتجاه السلبي لحياته، لا يعطي لنفسه حق الخوض في معارك الحياة، ربما النصر أو الخسارة، غالبًا ما يحيط حياته بأنّ الخسارة هي حليفه لا مفر.
الإيمان بالقدرات أهم خطوة لبناء الذات، ليس ذلك فحسب بل طريق الوصول لنقطة وضع الأهداف؛ لأنّ المستقبل نتاج للأهداف التي نبني عليها حياتنا، فمن المفترض أن نخوض غمار هذه التجارب، لا أن نُسقط أنفسنا تحت مسمى المخاوف التي تطيح بنا إلى الدونيّة! حيث لكلّ تجربةٍ بغض النظر عن نتائجها دروس وعبر، فالتّعلم من الأخطاء الماضية هو المسار الذي يستقيم مع الأيام، فالشواهد الحقيقيّة لكلّ نتيجةٍ هي القاعدة التي نستنتجها ونصوغ منها نظرياتنا مع الوقت. إذن الوقت هو الذي يضع لنا روح الاستمرار في حال أحسنّا استغلاله وأجدنا تقسيمه بما يخدمنا ويخدم الآخرين.
كيف نتجنب مخاوف المستقبل؟
نظرتنا اتجاه الأشياء هي الدافع لتحديد الرؤية التي يخطها نظرنا، فعندما نضع لكلّ شيء نظرة مناسبة، تقودنا مع الخبرة إلى بناء قوة تفكيريّة تخترق جميع المخاوف وتكسر انطباع الفشل وتبني الشخصية الصحيحة للشخص، وتنير العقل بالإيمان بقوة الذات ليتلاشى الخوف الذاتي. حيث ذكر د. شاد هلمستتر مؤلف كتاب الحل عن طريق التحدث للنفس: "النظرة تجاه الأشياء هي عبارة عن وجهة النظر التي من خلالها نرى الحياة ،وهي عبارة عن طريقة تفكير وتصرف وإحساس".
الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لشبكة الجزيرة.