شعار قسم مدونات

لماذا وضع القاتل كاميرا على بندقيته وقت الجريمة؟

blogs سفاح نيوزلاندا

هناك سؤالان يدوران في عقلي منذ أن رأيت الجريمة الشنعاء التي حصلت في جوامع مختلفة من نيوزلندا، والسؤال هو "لماذا وضع القاتل كاميرا على بندقيته وقت الجريمة؟" أما السؤال الثاني فهو "ماذا لو كان القاتل مسلمًا والمقتول مسيحيًا؟".

لم أُصدِّق في البداية أن الحادث الإرهابي كان صحيحًا وظننته خدعة إعلامية لا أكثر ولكن بعد أن تحققت من صحته كدت أفقد صوابي جراء هذا العمل الإرهابي. مدينة كرايست تشيرش بنيوزيلندا حيث أخذ الإرهابي بندقيته المنقوشة بالكره ثم وضع كاميرته عليها وبدأ يجري وكأنه يلعب لعبةً على حاسوبه، دخل الجامع والمصلون خاشعون في بيت الله آمنين فلم يجدوا أنفسهم إلا والرصاص تمطر عليهم والموت أمام أعينهم يرونه رأي العين، وحامل الموت يتصرف وكأنه ثمل للتو. بدأ ذلك الارهابي بتفريِّغ كل ما بداخله من حقد مبتدئًا برجلٍ حيَّاه ورحب به، فقتلهم جميعًا دون أن تهتز يده أو يرتجف قلبه، يا للقساوة ويا للكره والحقد الذي يحمله!

إسلاموفوبيا ما هي إلا حملات إعلامية نفذتها جماعات يمينية لمصالح خاصة، وهذا يعتبر أحد الأسباب لقيام الجماعة الإرهابية بهذه الجريمة؛ فقد زرعت هذه الجماعات في عقول الناس أن الإسلام والمسلمين هم الرعب والإرهاب

السؤال الأكثر حيرة "لماذا وضع الإرهابي كاميرا على بندقيته وقت الجريمة؟! أليس هذا يعرضه للخطر أكثر فيكون دليلًا قاطعًا لإيصاله إلى حبل المشنقة في أسرع وقت ممكن؟! في الواقع هناك أسباب عدة وتحليلات فهمت أبعادها من خلال الجرائم التي ارتُكبت في الوقت نفسه وفي أماكن مختلفة من نيوزيلندا. السبب الأول فهو كإشارة لبقية أصدقاءه بأنه بدأ العملية حتى يتم تنفيذ جميع العمليات في نفس الوقت، السبب الثاني وهو تنبيه لبقية الجماعة الإرهابية في حالة قام أحدهم بالهجوم عليه أو محاولة قتله فيهجم البقية لمساندته وإنقاذه، أما السبب الثالث فهو لإظهار مدى الغل والحقد الذي تحمله هذه الجماعة الإرهابية ضد الإسلام والمسلمون والسبب الأخير فهو تخويف وإرهاب لكل المسلمين في نيوزيلندا من ما يسمى "الإسلام" وتحريضهم على البقاء في بيوتهم وعدم الذهاب إلى المساجد للصلاة؛ وبهذا يبعدون الكثير عن دينهم وتفرقتهم.

يا للأسف! هل وصل بهم الحقد على الإسلام والمسلمين إلى هذه الدرجة حتى يقتلونهم بكل هذه الوحشية؟! هل وصل بهم الحقد علينا يا سادة إلى درجة المجاهرة بقتلنا عبر وسائل التواصل الاجتماعي على مرأى ومسمع؟ لا أنكر أن الجميع تألم لهذه الفاجعة سواءً كانوا مسلمًا أو غير مسلم ولكن أتألم أكثر عندما أجد بعض وسائل الإعلام تصف هذه الجماعة الإرهابية بالجماعة المسلحة ولم تصفهم بالإرهابية. لماذا يا ترى؟ أحب أن أسألهم بالمثل اليمني الشعبي الذي يقول "هل حقهم حق وحق الناس مرق؟" والذي يعني أن الحق عندما يكون بجانبهم فيعتبرونه حقًا ولكن عندما يكون لغيرهم فهو ليس بحق.

السؤال الثاني وهو "ماذا لو كان القاتل مسلمًا والمقتول مسيحيًا؟"، لو كان القاتل مسلمًا والمقتول مسيحيًا يا عزيزي لقامت الأرض بمن فيها، ولرأينا الأمم المتحدة تنتفض وفرنسا تحشد، ومجلس الأمم يجتمع والرؤساء تخرج في احتجاجات، والمواعيد تؤجل والشرق والغرب يلتقي ببعضه البعض، ولكن لأن المقتول مسلمًا والقاتل غير ذلك فلا نرى سوى حملات إعلامية وتغريدات أثرها سينتهي عما قريب، ولأن هناك فرق بين كلب ينبح وكلبٌ يعض، فهناك أيضًا فرق بين حملات إعلامية وقرارات أممية.

إسلاموفوبيا ما هي إلا حملات إعلامية نفذتها جماعات يمينية وجهات معينة وذلك لمصالح خاصة، وهذا يعتبر أحد الأسباب لقيام الجماعة الإرهابية بهذه الجريمة؛ فقد زرعت هذه الجماعات في عقول الناس أن الإسلام والمسلمين هم الرعب والإرهاب وهم السبب في بؤس العالم والشقاء الذي يعيشه، لقد صوروا الإسلام والمسلمين على أنهم أفلام رعب وأيادي وحشية في قت أن الواقع يظهر عكس ذلك، لكن أحب أن أقول لهذه الجماعات "شكرًا لكم لأنكم ظهرتم على حقيقتكم".

في الأخير وببالغ الحزن والأسى أعزي نفسي وجميع المسلمين على هذا الحدث الجلل، وكما أختص بالتعزية أهالي الشهداء وأسأل الله أن يتقبلهم في واسع رحمته وأن ينتصر لهم وأن يفسد كل من يخطط ضد الإسلام والمسلمين وضد الإنسانية أجمع.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.