سيدتي أنت يا سيدتي يا عدوة نفسك، يا أيتها العدوة الأزلية للمرأة، حاولت تكرار ومرارا ولكني لازلت لا أفهمك، تارة تسترجلين لتحلي محل الرجل، ذاك الرجل الذي لا تستهويه أبدا رجولته، ذاك الذي يظن أنه بانهياله على نصفه الآخر المرأة ونعته إياها بالقبح وتقليص دورها في الحياة إلى ما تقتضيه الحاجات البيولوجية وما يشبع رغباته تكتمل رجولته، تتقمصين دوره بإتقان شديد وتظنين أنك ستحظين بالاحترام منه لأنك امرأة "صالحة" على حد قوله، امرأة تنتقص من قيمة امرأة أخرى وتنعتها بالمتمردة. وتارة يا سيدتي تتنمرين على أترابك وتحلين محل الحماة السيئة والتي كرهتها يوما ما وتتلفظي بأقبح العبارات، لتجعلي من حولك يعيش أكثر مما عشتيه. أَوَ تنتقمين من نفسك؟
لقد حولتي المرأة إلى جهاز تكاثر ودجاجة بيوضة وجارية ولخصتي قيمتها في المجتمع في قدرتها على ارضاء الرجل واسعاده وجعلتها دمية من البورسلان الابيض المبهرج عليها ان تشبه مارلين مونرو او هيفاء وهبي لتروق للطرف الآخر. تسألينها إذا ما أتاها عرسان وهي في أوج مراهقتها لتزرعي في ذهنها أنها لا تستطيع أن تنجح في هذه الحياة إلا إذا اقترنت بزوج، وأي نجاح وتقضي على كل آمالها وأحلامها لأنها خلقت لتنحني أمام بعلها ومهما حققت فمآلها بيت الزوجية أين تستطيع أن تدفن كل طاقاتها وإلى الأبد.
ثم تضعي يدك على بطنها لتسأليها إذا ما كانت تنتظر مولودا لأنها لن تكتمل إلا إذا أنجبت، ثم تسألين عن جنس المولود لتهللي إن كان ذكرا، ويا للسعادة ولي العهد الذي سيحمل اسم العائلة، القائد المغوار أو تتحفيها بعبارة "الله يعوض عليكي" إن كانت تنتظر أنثى وكأن الإناث أتوا إلى الدنيا عبثا، رمز للفقر وقلة الحظ، سيفني الاب وجوده وهو يحاول ان يحافظ على الشرف، شرف القبيلة كلها المكنون في طفلته، لن ينته من كوابيسه حتى يظفر بالعريس، ذاك الذي يستر العار.
تقولين إنك لا تجدين القوة ولا الشجاعة لذلك، ولا تستطيعين وتتذمرين في كل مرة، تتقوقعين على نفسك وتدفني رأسك كالنعامة، ألم تيأسي من هذا الدور؟ |
أَوَ تكرهن أنفسكن أيتها النسوة أم تنتقمن من أنفسكن؟ والسيناريو طويل تقترحين عليه الزواج بأخرى إن كانت لا تضع إلا إناثا، أو تحاربينها إن خُيل لك انها تفوقك علما أو جمالا ولا أدري ما هي المقاييس قد يكون المقياس "بتخبز أحسن منك أو بتعرف تعمل محشي"
إنها سلسلة طويلة، ظننت ولزمن طويل أن الرجل هو من يصنعها لوحده، إنه هو من يتحكم في زمام الأمور كليا وهو من يجعلها كل مرة سجينة مجتمعه البائس، لكنك أنتِ أيتها العدوة من دفنت نفسك بنفسك، أنتِ من أفسح الطريق لذلك، أنتِ من كبلت نفسك ومن حولك، أنتِ من أبى أن يتحرر من هذا المجتمع الرجعي، أنتِ من يسمع بإعادة الكرة، فخلقت جيل جديدا يشبهك تماما. تقولين إنك لا تجدين القوة ولا الشجاعة لذلك، ولا تستطيعين وتتذمرين في كل مرة، تتقوقعين على نفسك وتدفني رأسك كالنعامة، ألم تيأسي من هذا الدور؟
ثم تتحولين من نعامة إلى ديك إذا ما اعترضت طريقك، في كل مرة أنت ترمقينها بنفس النظرات، وتكررين نفس العبارات، لتقولي إنها متحررة بعض الشيء وهذا لا يليق بمجتمعاتنا هذا لا يليق بتقاليدنا، هذا لا يليق بالرجل! كلها أعذار أنت من يختلقها، أنتِ من صنع هذا المجتمع، أنت من يساهم في خلق هذه التقاليد، أنت من برمجت الرجل.
تقولين كل مرة إنها مختلفة، غريبة بعض الشيء وقحة ومتهورة وانت في داخلك تتمنين لو أن عداد حياتك يبدأ من جديد لتبدأي بطريقة مختلفة، بطريقة تشبهها. يا عزيزتي ما تعيشينه ليس لأنك غبية أو أقل ذكاءً من أقرانك، وليس لأنك أقلهن حظا أو أكثرهن تدينا وإيمانا، ولا لأنك حرمت من الحرية أو لأنك لم تتزوجي من الزوج المثالي المعاصر. ألم يحن الوقت لأن تفيقي؟ أنتِ فقط تعيشين في أنفس الآخرين أكثر مما تعيشين في نفسك.
الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لشبكة الجزيرة.