شعار قسم مدونات

فوز قطر فوز للعرب

blogs قطر

بثلاثية ذكية استطاع منتخب قطر الفوز على المنتخب اليابان وتم تتويجه بطلاً لأمم آسيا للمرة الأولى، بعد تغلبه على سبعة فرق هي من أقوى الفرق الآسيوية، وقد بقيت شباكه نظيفة في كل المباريات التي خاضها باستثناء هدف يتيم من المنتخب الياباني، كما تحلى الفريق بأخلاقيات اللعب النظيف وتحلى بالروح الرياضية العالية.

  

ولم تكن فرحة هذا الفوز والتأهل حكراً على قطر وحدها وإنما امتدت من المحيط إلى الخليج، حيث اعتبر العرب باستثناء البعض القليل هذا الفوز فوزاً للعرب كلهم، وأن المنتخب القطري منتخب ممثل لكل العرب، وقد ازدانت صفحات الفيس بوك ومواقع التواصل الاجتماعي بالعلم القطري واللون العنابي، قبل اللقاء يأملون فوزه وبعد فوزه بالتعبير عن الغبطة والسرور ولم يخل ذلك من بعض الشماتة بأولئل الذين أساؤا للمنتخب القطري وتمنوا له الخسارة والهزيمة.

  

وقوف العرب مع قطر كان له اعتبارات كثيرة، أولها أن منخب قطر منتخب عربي وإذا كان من المقبول والمستساغ الامتناع عن دعمه وتأييده في مواجهته مع أي منتخب عربي آخر

استحقت قطر هذا الفوز وبجدارة حيث أنها تأهلت لهذا الفوز وهي تعاني حصاراً للعام الثاني على التوالي، كما حرم جمهورها من تشجيع منتخبهم الوطني وإسناده ودعمه معنوياً، ولكن تأهيل المنتخب الجيد والرائع، والغاية والهدف الذي كان يسعى إليه وإدراكه لطبيعة هذا المنازلة جعل المنتخب يلعب بمهارة فائقة وبتنسيق عال أبهر الجميع، وعوض غياب الجمهور.

 

إن مما يرفع من قيمة هذا الفوز والتأهل أن قطر استطاعت الفوز على دولتين من دول حصارها، وهي العربية السعودية بهدفين نظيفين وعلى الإمارات بأربعة أهداف نظيقة وعلى أرضها وبين جمهورها، وهذأ ليس مجرد انتصار رياضي بل هو انتصار سياسي بامتياز.

 

وقد حاول المأزومون من قطر التقليل من قيمة هذا الإنجاز والطعن في شرعيته بحجج واهية، فتحركت بعض الماكينات الإعلامية للطعن في اللاعبين وجنسياتهم واتهام قطر بتوظيف المال للكسب الرياضي، حتى إن إحدى الصحف في دول الحصار عبرت عن نتيجة المباراة بقولها إن اليابان خسرت وخرجت من البطولة ولكنها لم تذكر قطر ولم تشر إلى فوزها، وهذا يدل على مدى الأزمة التي تعيشها تلك الدول وإعلامها المسيس.

 

إن وقوف العرب مع قطر كان له اعتبارات كثيرة، أولها أن منخب قطر منتخب عربي وإذا كان من المقبول والمستساغ الامتناع عن دعمه وتأييده في مواجهته مع أي منتخب عربي آخر، ولكن من قلة المروءة ورداءة الخلق وغياب القومية الامتناع عن تشجيعه في أي لقاء مع منتخب غير عربي، والوقوف مع المنتخب الآخر، وكان مخجلا جداً موقوف الإعلامي المصري أحمد موسى من إعلانه تأييده للمنتخب الياباني في مواجهة المنتخب القطري، واعتبار المنتخب القطر ليس منتخباً عربياً، فهذا إسفاف وانحطاط إعلامي وأخلاقي، وخروج عن الموضوعية والشرف الإعلامي.

 

وقفنا مع قطر باعتبارها دولة عربية تمثل العرب، ولو كان المنتخب السعودي أو الإماراتي أو المصر ي هو الذي واجه المنتخب الياباني لاتخذنا ذات الموقف، ولما ترددنا لحظة عن دعمها وتأييدها باعتبارها منتخابات عربية تمثلنا وتعبر عن آمالنا وطموحنا.

 

أدخلت قطر بهذا الفوز وهذا الإنجاز السعادة والبهجة للعالم العربي كله، حيث أعاد هذا الفوز للعرب نوعاً من الثقة بالنفس وأثبت لهم أن الإنجاز ممكن التحقيق إذا ما توفرت له الإرادة والوعي، حيث استطاعت دولة قطر وهي دولة صغيرة بمساحتها وعدد سكانها، أن تحقق ما لم تحققه الدول ذات المساحات الشاسعة والملايين من السكان.

 

لا يمكننا هنا فصل الرياضة عن السياسة، حيث إن هذا الفوز يعتبر فوزاً سياسياً لقطر، وهو في الوقت ذاته فوز محرج لدور الحصار أمام العالم وأمام شعوبها، وإن تهوين البعض من قيمة هذا الفوز ما هو إلا محاولة لتبرير الفشل والعجز، ولو كانت إحدى دول الحصار هي التي تأهلت لأقامت الدنيا ولم تقعدها ولاعتبرت ذلك نصراً تاريخياً، فإذا كان إعلامها على هذا النحو مع تلك الخسارة والهزيمة فكيف كان لو فازت إحدى دوله، أو خسرت قطر.

 

إن وقوف الشعوب العربية مع منتخب قطر رسالة قوية وواضحة ومباشرة إلى أولئك المقاطعين بأن قطر دولة عربية مسلمة لا يقبل العرب باستمرار حصارها ومقاطعتها، فالشعوب العربية ملت من الانقسام والتشظي وسئمت من المؤمرات والبطولات الذاتية الزائفة.

 

استمرار الشحن وإثارة الكراهية والبغضاء بين شعوب الخليج يعقد المشكلة ويوسع الشرخ ويعمق الأزمة ويطيل من زمن الحل

تأييد الشعوب العربية لمنتخب قطر لم يكن مجرد وقوف من العربي مع عروبته، بل كان له أسباب عديدة ومسوغات كثيرة في مقدمة هذه الأسباب الشعور بمظلومية قطر والتفاعل مع عدالة قضيتها في الحصار الشامل الذي فرض عليها، فالعربي لا يقبل بحصار العربي وخنقه، كما أنه نوع من رد الوفاء لدولة قطر على ما قدمته من خدمات عظيمة وجليلة للعالم العربي والدفاع عن قضاياه المختلفة، وفي مقدمة ذلك ما تقوم به قناة الجزيرة التي تعتبر المصدر الأول للخبر السريع والموثوق للمواطن العربي، وهي القناة التي ساهمت إلى حد كبير في الدفاع عن حقوق الإنسان ونشر ثقافة الحرية وكانت صوت المظلومين والمعذبين في العالم العربي.

 

كما لا ينسى العرب لقطر خدماتها الجليلة للقضية الفلسطينية ودعمها لقطاع غزة والعمل على تخفيف معاناته والحد من عذاباته، بالدعم المالي والمعنوي. كما أن الممارسات السياسية والإعلامية لبعض دول الحصار ووقوفها في وجه ثورات الربيع العربي ومساندتها للأنظمة القمعية والانقلابية، ودعهما للثورات المضادة أفقدها التعاطف وجعل منها مصدر قلق وإزعاج للمواطن العربي، فأصبح يتوجس خيفة منها ومن ممارساتها المختلفة.

 

مما لا شك فيه أن المال كان له دور كبير في صناعة هذا الفوز، وهذا شيء طبيعي في عالم الرياضة، فالرياضة أضحت استثمارا كبيراً يدر على الدول الملايين والمليارات، فأصبحت الأندية تباع بالملايين وعقود اللاعبين والمدربين من أغلى العقود في العالم. ولكن من الجهل والسذاجة اعتبار أن المال وحده هو من صنع الإنجاز وحقق الفوز، فدول الحصار التي هزمت أمام قطر تملك المال كما تملكه قطر وكان اللعب على أرضها وبين جمهورها ومع ذلك عجزت عن تحقيق الفوز الذي كانت تسعى له فأحرزته قطر.

 

منذ مدة وقطر تحقق الإنجاز تلو الإنجاز، فبعد استحقاقها لاستضافة كأس العالم في البطولة الثانية والعشرين من بطولات الثانية والعشر في العام 2022م، هاي هي تحقق إنجازاً رياضياً آخر وتتأهل لكأس آسيا وربما يحفزها ذلك لتمل العرب في كاس العالم في البطولات القادمة، وكل ذلك يحصل والمواطن القطري يعيش في رفاهية اقتصادية مميزة ويحظى بخدمات حكومية على مستوى رفيع، ويعتبر دخله من أعلى الدخول في العالم.

  

كنا نأمل أن نتوحد جميع خلف المنتخب القطري، وأن يسعدنا جميعاً فوزه وتأهله، ويحزننا كثيراً استمرار الشقاق والنزاع بين الإخوة في مجلس التعاون الخليجي ونتمنى عليهم أن يحكموا العقل ويغلبوا الحكمة لحل الخلافات وتسوية النزاعات فيما بينهم، فوحدتهم وتماسكهم قوة لنا، وإن استمرار الشحن وإثارة الكراهية والبغضاء بين شعوبهم يعقد المشكلة ويوسع الشرخ ويعمق الأزمة ويطيل من زمن الحل وإنهاء الخلاف. كلنا أمل أن تعود الألفة بين الأخوة وأن يسود الوئام بين الأشقاء وأن نفرح لفرح الجميع ونتألم لألمهم، فمستقبلنا واحد ومصيرنا مشترك.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.