شعار قسم مدونات

في عيد الحب.. أيهما أفضل دبدوب لطيف أم دم أحمر؟!

blogs الحب

أتى عيد الحب وبدأت أتساءل "أيهما أفضل أن نهدي من نحب دبدوب لطيف أم دم أحمر؟".. ظهر لي الكثير من المسلمين مشرِّعين ألسنتهم بأن الاحتفال بعيد الحب بدعة والبعض يقول إنه غير جائز وآخرون طفح الكيل بهم فقالوا إنه حرام.

أعرف أن هذا العيد ليس من شرائع الإسلام ولم يشرَّع مثل هذه الأعياد بالنصَّ لكن في نفس الوقت لم يحرمهم، وبما أنه ليس بحرام فيستطيع المسلمون أن يحتفلون ويتبادلون هدايا الحب دون أن يتبنى الإسلام ذلك، فأنا أتساءل: ما المانع من أن يرى الزوج ابتسامًة على وجه زوجته؟ وما المشكلة في أن يرى من يحب السعادة تملأ قلب شخصٍ أحبه؟ فالتهادي من أجل الحب سنةٌ حسنة وليس فيها ما هو سيئًا، فلقد عرَّج عليها الإسلام واهتم بها حين قال: "تهادوا تحابوا" فعلى الرغم أن الإسلام جعل تبادل الهدايا غير مقرونًا بتاريخ إلا أنه يحمل في طيّاته معنىً حسنًا وإن كان يومًا محددًا فليس فيه ضرر أيضًا؛ فالضرر ليس أن تصل الهدية لأحدهم وتدخل على قلبه الفرحة إنما الضرر الحقيقي أن تصله جنازة عزيزٍ عليه وهي ملطخةَ بالدماء، الضرر ليس أن ترى ابتسامةَ على وجه أحدهم إنما الضرر الحقيقي هو أن ترى دموعًا تنسكب لموت قريبٍ غدرته رصاصة أو جريحٍ أصابته شظية حرب وهو عائدٌ إلى أهله، الضرر يا عزيزي ليس أن تعمَّ البهجة بين أفراد المجتمع بل الضرر الحقيقي هو أن يعمُّ الحزن والمآسي ما بين فقيرٍ يموت من الجوع وبين مآتمٍ تُقام لأجل موتى الحروب.

أصبح المسلمون يسيئون إلى دينهم وذلك بمخالفتهم لكل ما تقوم به بقية الأديان الأخرى سواء كان ذلك شيئا حسنا أو سيئا المهم أن لا يقومون بما تقوم به بقية الأديان

لا تظن أن المسلمين يحرِّمون مثل هذه الأعياد أو يرونها الاحتفال بها بدعة لأن فيه ضرر، لا طبعًا يا صديقي، فهم يقومون بذلك لأنهم يريدون مخالفة بقية الأديان لا أكثر، وأبشركم أن هذا الخلاف ليس دليلًا على الرقي والتحضُّر بل يدل على الركود الذي يعيشه المسلمون للأسف الشديد، فلو أمعنا النظر لبقية الأديان لرأيناهم يتعاملون مع الفضائل والتصرفات الجميلة من باب معانيها لا من أين مصدرها، فصديقي المسلم يخبرني أن عائلته تعيش في مجتمع خليط من المسيحية واليهودية والإسلام ورغم أن جيران تلك العائلة غير مسلمة إلا أن تلك العوائل عندما يأتي عيد الفطر أو عيد الأضحى تجد تلك العوائل المسيحية تأتي لزيارتهم وتبارك لهم عيدهم وحتى بعضهم يحضر بعض الهدايا مشاركة بفرحة جارهم المسلم برغم أن هذا عيد ديني ويحمل من الحساسية الكثير مقارنةً بالأعياد الأخرى كعيد الحب الذي ليس له ذنب سوى أنه يدعوا إلى الحب.

أن تهدي في عيد الحب من تُحِبَ لا يعني أنك لن تهديه في الأيام الأخرى فمثله مثل العائلة التي تشتري قطع الحلوى في عيد الفطر أو عيد الأضحى، وشراء العائلة لقطع الحلوى في مثل هذه الأعياد لا يعني أنهم لا يشترون الحلوى في بقية أيامهم وإنما اهتمامهم بالحلوى في أيام العيد خصوصًا يدل على إظهارهم لشدة الفرحة وليس لعدم وجودها، فحسب ما قام به أحد المحللون في هذا المجال ورأى أن من يهاجم هذا العيد لا يهتمون بالهدايا أو ربما لا يفكرون بذلك في الأصل.

بدل أن يتعايش المسلمون مع بقية المجتمعات ويقومون بعكس نظرة التعايش والتسامح التي يتمتع بها الدين الإسلامي للأسف الشديد نجد الكثير يُظهر العكس؛ فقد أصبح المسلمون يسيئون إلى دينهم وذلك بمخالفتهم لكل ما تقوم به بقية الأديان الأخرى سواء كان ذلك شيئا حسنا أو سيئا المهم أن لا يقومون بما تقوم به بقية الأديان وهذا حتما يزيد من نسبة العداء للإسلام والمسلمين. ومن هنا عرفت إجابة السؤال الذي كنت أسأل نفسي به دائمًا "لماذا وقف بنا الزمن في القرن ما قبل الرابع عشر ولا نريده أن يتحرك؟ العالم يظم المئات بل الآلاف من الشعوب مختلفة الأديان والأعراق وعدم تعايش المسلمون مع مثل هذه الشعوب يعتبر ركود حضاري؛ فالتعايش بين الشعوب شيء جميل جداً وتبني الأشياء الحسنة يدل على النمو الحضاري والتوسع الفكري، ولكن أرجع مرةً أخرى سائلًا: لماذا تهاجمون عيد الحب الذي ليس له ذنب سوى أنه يدعوا إلى الحب؟

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.