شعار قسم مدونات

الناظرون إلى بيت المقدس

BLOGS القدس

جاء في الحديث الشريف عن أبي ذر رضي الله عنه قال: تذاكرنا ونحن عند رسول الله صلى الله عليه وسلم أيهما أفضل مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم أم بيت المقدس؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: صلاة في مسجدي أفضل من أربع صلوات فيه ولنعم المصلى هو، وليوشكن أن يكون للرجل مِثْل شطن فرسه من الأرض حيث يَرى منه بيت المقدس خيراً له من الدنيا جميعاً ". رواه الحاكم ( 4 / 509 ) وصححه ووافقه الذهبي والألباني كما في "السلسلة الصحيحة".

 

مشاعر مختلطة ممزوجة بالألم والأمل انتابتني عندما قرأت الحديث الشريف لأول مرة قبل ما يقارب العشرة أعوام، وكأن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم موجود بيننا الآن يَرى كيف مُني المسلمون بالهزيمة وسُلب منهم بيت المقدس بعد تحريره من الصليبيين على يد صلاح الدين، فأتى اليهود في علوهم الأخير، وحُرم كل مسلم على وجه الأرض من زيارته إلا بقيود كثيرة وبختم العدو، وأصبح أقصى أمانيّ الواحد منا أن يكحّل عينيه برؤية القدس بوابة السماء ولو عن بعد، وقد كان، فمن جبال الأردن أرض الحشد والرباط، وهي الجبال المطلة على فلسطين والتي تعانقها ليل نهار وتشكو لها الأرض المحتلة نير المحتلين، من تلك الجبال التي ستكون منطلق التحرير بإذن الله يمكن رؤية فلسطين بتفاصيلها ومدنها بل وحتى رؤية الساحل الفلسطيني، في مشهد يزيد التأكيد على أنها أرض واحدة فرّق بين ضفتيها الاحتلال وصروف الدهر، ويزيد يقيننا بأن الأردن من أكناف بيت المقدس التي حلت فيها البركة، والتي ستسيل من دروبها ووديانها وسهولها أفواج الفاتحين نحو فلسطين بعز عزيز أو بذل ذليل وعد الله ولا يخلف الله الميعاد.

 

التصوير فن، ومن الجميل توجيه هذا الفن نحو هدف سامٍ وربطه بالبشارات النبوية، وزيادة اللحمة والألفة والترابط بين الأشقاء، بعد أن مزقتهم حدود سايكس وبيكو

لكن ما يميز منطقة محددة في محافظة مادبا في منطقة مكاور جنوب غرب العاصمة عمان، أنه يمكن منها رؤية القدس ورؤية المسجد الأقصى وقبة الصخرة، مصداقا لحديث الرسول صلى الله عليه وسلم، فيود الواحد منا أن تكون تلك الأرض له ولو بثقلها ذهبا، يرى منها أرض المسرى بكرة وعشيا، ولقد كانت هناك جهود فردية محدودة لتصوير الأقصى من هناك قبل عدة سنوات، وأيضا تصوير عمّان من القدس، والمتتبع لتلك الفترة حتى وقتنا الحالي يجد أسماء ذهبية لامعة كان لأصحابها السبق في إرشادنا وتقصي الأماكن المناسبة للتصوير، والآن بفضل الله تعالى أصبحت الصور تصافح أبصارنا وتبهج أرواحنا ليل نهار، وتنقل أشواق الأحبة عبر الضفتين مرورا بغور الأردن ونهره العظيم، فلا تسأل عن سرورنا عند مشاهدة القبة الذهبية اللامعة من على مسافة قد تصل إلى 70 كم هوائيا دون المرور بحواجز وعوائق الاحتلال والحدود، كالطير حرا في السماء يطير حيث شاء.

 

عجلون والسلط وعمّان وغيرها، هي مدن أردنية شامخة يمكن من خلالها رؤية المدن الفلسطينية مثل نابلس وجنين والقرى ورام الله وحيفا وزهرة المدائن القدس، ومن هناك يمكن أيضا رؤية المدن على الضفة الشرقية، وكل موقع يتميز عن الآخر بإمكانية رؤية مشاهد محددة رائعة عندما يوجه المصور عدسته هنا أو هناك.

 

التصوير فن، ومن الجميل توجيه هذا الفن نحو هدف سامٍ وربطه بالبشارات النبوية، وزيادة اللحمة والألفة والترابط بين الأشقاء، بعد أن مزقتهم حدود سايكس وبيكو، وهل هناك أعظم من هذه الغاية وهذا الهدف، ولعمان التي تنطلق منها عيون المحبين وعدساتهم نحو فلسطين في لهفة وشوق خصوصية تميزها عن غيرها، كيف لا وقد قال فيها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (حوضي من عدن إلى عمان البلقاء)، لذا من الجميل أن نشاهد مستقبلا مبادرات كهذه تؤكد على عمق العلاقة والأخوة والروابط بين أبناء الضفتين والتي يحاول العدو جاهدا تحطيمها لأنه يعرف أن الفرقة هي أساس الهزيمة، وكل منا على ثغر عظيم، بقلمٍ أو بعدسة أو بجهد وكلمة ومقال، فلا يؤتى الإسلام من قبلك.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.