شعار قسم مدونات

السيسي وإسرائيل وسد النهضة هل توجد علاقة؟

blogs السيسي

جاءتني تساؤلات كثيرة عن دور إسرائيل في حوض النيل وهل لها علاقة بسد النهضة أم لا وحقيقة أقول إن إسرائيل الدولة ليست ببعيدة عن سد النهضة أو ما من شأنه أن يكبل مصر ويقلل من قدراتها التنموية حتى ولو قال السيسي إنهم جيران وإنهم يريدون العيش بسلام والشواهد كثيرة لا مكان لها هنا إلا أن طريقة تعاملهم مع الأراضي الفلسطينية وضم القدس وأراضي شبعا اللبنانية والجولان السورية وأم الرشراش المصرية (إيلات حاليا) يؤكد أنهم متربصون لحظة ما للأنقاض على مصر أو جزء من أراضيها (سيناء).

 

وهنا أطرح سؤال الذين راسلوني أو سألوني بشكل شخصي هل يمكن أن تكون إسرائيل وراء سد النهضة أم لا؟ أقول إن الفكرة الصهيونية الأساسية لقيام إسرائيل كانت ومازالت تتمثل في بناء دولة قوية تمتد من النيل للفرات، مما يدل على أهمية البعد المائي بجانب البعد الجغرافي الذي تتمتع به إسرائيل، ومن بعدها ما جاء فيما قدَّمه هيرتزل، وهو من المؤسسين الأوائل للحركة الصهيونية والذي تفاوض مع اللورد كرومر لتحويل جزء من مياه النيل لسيناء؛ وذلك لتسكين اليهود فيها، كما أنه في أعقاب حرب يونيو اتضحت جليًّا السياسات الإسرائيلية في إثيوبيا؛ للتأثير على توزيع مياه النيل بما يخدم مصالحها، واتضح هذا من خلال تصريح جولدا مائير في أعقاب حرب 1967م بقولها: "إن التحالف مع إثيوبيا وتركيا تعني أكبر نهرين في المنطقة؛ إن النيل والفرات سيكونان في قبضتنا".

  

ولا يخفي على أحد ان إثيوبيا رفضت الإشارة لنقل المياه لإسرائيل في عهد السادات بعد اتفاقية السلام بين مصر وإسرائيل في 1979 أواخر حكم السادات بسبب رغبة السادات في إنشاء تفريعة للنيل تنقل المياه إلى سيناء ثم إسرائيل، وبدأ التوتر مع إثيوبيا بعد حرب 1973 حين أعلن السادات في أحد خطاباته أنه سوف يعمل على إنشاء بئر زمزم جديد لإسرائيل من مياه النيل دعماً لاتفاقية السلام، بحسب السفير المصري السابق روبير إسكندر في إثيوبيا.

   

  

وهنا يمكن القول إن إسرائيل بدأت تنتبه لأهمية الدور الافريقي الذي كان داعما لفلسطين ومصر وموقف إثيوبيا تحديدا في مسألة المياه وبدأ التخطيط منذ بداية 1992 في حكم زيناوي لتحقيق تقارب مع إثيوبيا من أجل الضغط على مصر في ملف المياه والسدود خاصة مع وجود دراسة من مكتب الإصلاح الأمريكي التابع لوزارة الخارجية الذي اقترح بناء 26 سد لأثيوبيا نكاية في مصر التي بنت السد العالي دون الرجوع للولايات المتحدة وبمساعدة الاتحاد السوفيتي.

  

كما  أن  لعب إسرائيل  دورا في افريقيا ليس بغريب في وقت ترك العرب والمصريون أفريقيا خلفهم وتحديدا بعد عام 1993 التي شهدت ازدهار العلاقات بين مصر وأديس أبابا وشهدت توقيع اتفاقية ثنائية بين رئيس وزراء إثيوبيا ملس زيناوي والرئيس مبارك كبادرة لعلاقات ثنائية بين دولتين استراتيجيتين وتم توقيع  وثيقة رسمية، ترجع إلى يوليو 1993، تفيد بأن مصر وإثيوبيا تعهدتا رسميًا بعدم المساس بمصالح كل منهما، فيما يتعلق بمياه نهر النيل، وأكدت الوثيقة اتفاق الطرفين على أن استخدام النيل قضية يجب العمل عليها بالتفصيل، من خلال مناقشات تعتمد على لجنة خبراء من الجانبين، وفقًا لأسس ومبادئ القانون الدولي.

 

وذكرت الوثيقة، المعنونة «إطار التعاون بين جمهورية مصر العربية وإثيوبيا»، والموقعة من الرئيس السابق حسني مبارك، ورئيس الوزراء الإثيوبي مليس زيناوي، أن البلدين تعهدا بتوطيد علاقات الصداقة وتعزيز التعاون، وبناء قاعدة من المصالح المشتركة، وأفادت الوثيقة بأن البلدين أعادا التأكيد على التزامهما بمواثيق الأمم المتحدة ومنظمة الوحدة الأفريقية، وبنود القانون الدولي، فضلاً عن خطة لاجوس، واتفق الطرفان على الالتزام بمبادئ الجيرة الحسنة والاستقرار السلمي، وعدم التدخل في الشؤون الداخلية للبلاد، والتزام الطرفين بتوطيد الثقة المشتركة والتفاهم، واعتراف كل منهما بأهمية التعاون المشترك، باعتباره وسيلة ضرورية لتعزيز المصالح السياسية والاقتصادية، فضلا عن استقرار المنطقة.

 

ووافق مبارك و«زيناوي» على أن استخدام النهر، قضية يجب العمل عليها بالتفصيل، من خلال مناقشات تعتمد على لجنة خبراء من الجانبين، وفقا لمبادئ القانون الدولي، وأن كل طرف عليه الامتناع عن التدخل في أي نشاط متعلق بمياه النيل، الذي قد يؤدي إلى إلحاق ضرر ملموس بمصالح الآخر، ووافق الطرفان على ضرورة الحفاظ وحماية مياه النيل، وتعهدا على اللجوء إلى الاستشارة والتعاون في المشروعات ذات المميزات المشتركة، مثل المشاريع التي تعزز من حجم التدفق وتقلل من معدل فقدان مياه النيل، التي تعتمد على مخططات للتطوير، والتزم الطرفان بالعمل على آلية مناسبة للاستشارات الدورية، فيما يتعلق بالأمور محل الاهتمام المشترك، ومنها مياه النيل، بشكل يمكن البلدين من العمل معًا نحو السلام والاستقرار في المنطقة، واتفق الطرفان على السعي معًا تجاه إطار واضح للتعاون الفعال بين البلدين، فيما يتعلق بنهر النيل، لتعزيز المصالح المشتركة لتطوير حوض النيل.

   undefined

(الرئيس المصري السابق حسني مبارك ورئيس الوزراء الإثيوبي السابق مليس زيناوي)

    

لكن للأسف الشديد ما حدث بعد ذلك يجعلك تعيد التفكير مليا فيما يحدث من حولك وان هناك من يخطط دائما للإضرار بمصر حيث لم يمض عامان على هذا التقارب وكانت محاولة مبارك في أديس أباب في حزيران يونيو 1995 في إثيوبيا على أيدي عناصر قيل إنها تنتمي إلى جماعة إسلامية مسلحة لتنقطع العلاقات بين مصر وإثيوبيا وليبدا الجفاء بين مبارك وإثيوبيا وزيناوي على وجه الخصوص ومصر وأفريقيا على وجه العموم، حيث كان السؤال الأهم من المستفيد من محاولة قتل الرجل في أديس أبابا ولم يستطع أحد أن يجيب على هذا التساؤل الذي ظل حائرا لسنوات قبل أن تتمكن إسرائيل من القارة الافريقية عموما وإثيوبيا خصوصا.

 

في 2013 أجريت حوارا مع الأستاذ الدكتور نادر نور الدين  أستاذ الزراعة المياه للصحيفة المصرية المستقلة الأشهر التي كنت أعمل بها وأثناء حواري معه سألته عن علاقة إسرائيل بسد النهضة وهل من الممكن أن يكون هناك دور لإسرائيل في هذا الملف فقال الرجل (أحييك على هذا السؤال أخي مصطفى) وكان وما زال صاحب هذه الكلمة الجميلة التي تنم عن تواضع العالم  المنصف في تعامله مع من  يحاوره وفال الرجل :من ينكر دور إسرائيل في المنطقة، فهو لا يقرأ السياسة أو التاريخ، ولا يعرف لغة المصالح، وإسرائيل تريد فقط ٢ مليار متر مكعب من ترعة السلام التي لا تبعد قليلاً عن حدودها مع مصر، ويبدو أن الموضوع سيعقد، وحله في أيدى أطراف خارج دائرة دول الحوض.

 

وقد كانت هذه اول إشارة من عالم مصري لإمكانية ان تكون إسرائيل وراء السد للغط على مصر لتمرير المياه لإسرائيل عبر ترعة السلام الموجودة اسف القناة وفي بداية سيناء وكان الرجل ينظر للموضوع بشكل تآمري من قبل إسرائيل، لكن المفاجأة التي حدثت بعد ذلك جعلتني أذهب لما هو أسوأ وهو أنه بالرغم من النفي الإثيوبي لدور إسرائيل في السد إلا أن السد يبدو أنه خزان وسد إسرائيل مقام على أراضي اثيوبية حيث شاهدت هناك أثناء المفاوضات الجارية بين الدول الثلاثة تواجدا لوزيري الزراعة والري الإسرائيلي في ذلك الوقت في نفس الفندق الذي جرت فيه المفاوضات والذي كان ينزل به الفود الرسمية وكنت أنا أيضا مقيما في الفندق وهنا السؤال لماذا؟ ولماذا الآن؟

 

الأخطر هو طول هذه المفاوضات بدون أن يجني المصريون شيئا طوال سنوات ست وفي نفس الوقت يسير السد نحو الاكتمال بل إن العجيب هو اتفاقية المبادئ التي وقع عليها السيسي بدون الرجوع للخبراء المصريين مما أعطى إثيوبيا القدرة على إعادة تمويل السد وتحديدا بعد تصريحات رئيس وزراء إسرائيل الأسبق شيمون بيريز إن على مصر ألا تحارب إثيوبيا بسبب سد النهضة، وإن إسرائيل ستعوّضها، وتساعد مصر في استخدام المياه مما يؤكد الدور الإسرائيلي في المياه.

   undefined

   

قلتها منذ سنوات وتحديدا يوم 13 نوفمبر مع الإعلامي محمد ناصر في برنامجه مصر النهاردة إن المشكلة الحقيقة التي تواجه مصر هي السيسي الذي اتفق سرا مع إسرائيل لإيصال المياه لإسرائيل بعد أن يصعد من الأزمة ويخير المصريين بين أمرين إما أن يوافقوا على إيصال 2 مليار أو ثلاثة لإسرائيل أو يموتوا عطشا كما فعل في تيران وصنافير التي قال إنها ستذهب إلى السعودية بينما المشتري الحصري والرئيسي هو إسرائيل.

 

لا أشك أن هناك حكاية واتفاق ومؤامرة على الشعب المصري للتحكم في مقدراته من قبل إسرائيل سواء اعترفت الدول المشاركة في ذلك أم لا وبالدليل يبدو الرئيس المصري مشاركا في هذه المؤامرة التي يعتبرها امرا عاديا معتقدا أنها استكمال لما بدأه السادات ورغب فيه في إيصال مياه النيل لإسرائيل لكن الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي لم يقل للشعب المصري ما الثمن؟

 

ولو أنكر السيسي هذا الامر فسؤالي له لماذا بنى سحارات سرابيوم من غرب قناة السويس إلى شرقها مرورا بأسفلها بعمق 60 متر والتي من المقرر أن تنقل مليار متر مكعب على الأقل لسيناء في العام وأنهي بناءها في أقل من ثلاثة أعوام بالرغم من أن ترعة السلام وسحارة ترعة السلام موجودة والأهم أن سيناء نفسها تم تهجير أهلها ونسف 20 كيلو متر من بيوتها ومزارعها وتحولت لخراب فلماذا العجلة في إيصال المياه إلى سيناء بالرغم من أن سيناء خارج السيطرة فعليا؟ ولا يستطيع خمسة جنود أن يسروا بمفردهم فيها؟ وهل سيكون الغاز الاسرائيلي مقابل مياه النيل أم أن الصفقة جزء من اتفاق اقليمي كبير وترتيب يبقي السيسي على رأس الحكم في مصر؟ ويضمن لإسرائيل تصدير الغاز ومرور المياه والسيطرة على أرض الكنانة؟

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.