شعار قسم مدونات

رسالة إلى صديقي صاحب الوزن الزائد

blog سمنة

أعلم صديقي مدى معاناتك داخل مجتمعك الذي أصابه من العنصرية والتنمر ما أصابه مما جعله يرى النحيف أكثر جمالا من السمين؛ تماما كما يرى صاحب البشرة البيضاء أكثر جمالا من صاحب البشرة السمراء، ولا أدري بأي مقياس من مقاييس الجمال قد حكم هذا المجتمع؟

 

لذا اسمح لي في هذا المقال أن أساعدك في عدم بعض الثوابت الواهية تجاه السمنة ونظرة المجتمع لها التي لا طالما أرقتك ونغصت عليك حياتك وأذهبت عنك النوم بلا أي داع.

  

أنت حر

لا تدعهم يشفقون عليك لأن سمين بل أدعوك أنت لتشفق عليهم. هؤلاء الذين يتبعون الحميات الغذائية المختلفة ويلتزمون بأنظمة التخسيس إلتزاماً كاملاً هم في الأصل أسرى فاقدين للحرية، فهم ليسوا مثلك يا صديقي يأكلون متى شاؤوا وأين شاؤوا وما شاؤوا، هم مسجونون وتحيط بهم جدر الممنوعات من كل مكان بل وأصابهم فوبيا السمنة اذا أكلوا جرام زائد من السعرات الحرارية ربما ظنوا بذلك أنهم قد تضاعف وزنهم وثقلت حركتهم وتغير مظهرهم وضاقت ملابسهم بل وربما اذا تقابلوا مع أصدقاء لهم ربما لن يستطيعوا أن يتعرفوا على ملامحهم،هذا ما يظنون. مساكين هؤلاء فقد حرموا أنفسهم من طيبات الحياة ومذاقها الشهي، أما أنت يا صديقي فهنيئاً لك الحرية .

 

التنفيس المشروع

هل سألت نفسك من قبل وأنت تُنفس عن غضبك وتخرج من اكتئابك بطبق يجمع من الطعام ما تحب من شحوم ولحوم اذا كانت الحالة الاقتصادية تسمح او من فومها وعدسها وبصلها اذا كانت الحالة الاقتصادية لا تسمح أو بقطعة حلوى تستلذها فتغير مزاجك من السيئ إلى الأحسن، هل سألت نفسك كيف يُنفس هؤلاء عن أنفسهم ان كان بهم كبت أو حاصرهم الإحباط.

 

لا تدع أحدهم يخدعك بأنك لن تجد من تحبك وترتبط بك وأنت داخل هذا الجسد المهلهل من الدهون والشحوم، فمن المؤكد أن من حدثك بهذا لا يعرف عن الحب شيئاً

سيجيبك أحدهم بالرياضة، وهذه إجابة ذكية ؛ لكن منذ متى وإجهاد البدن في الرياضة والحركة الشديدة والجري المتعب كان السبيل لصفاء النفس والسلام الداخلي، إن الرياضة ماهي إلا هروب يقع بعدها البدن مرهقاً ثم لا يجد مفراً من هذا الإرهاق إلا النوم الذي هو الهروب ذاته، وإن كانت هذه هي حال الرياضة في التنفيس فما بالك بمن يتجه إلى الاتجاه المعاكس من شرب المخدرات وغيرها والعياذ بالله فلا تنفعه نحافته ولا ينفع نفسه ولا مجتمعه ويصبح معول هدم وأول من يهدم هو نفسه، أما أنت يا صديقي فلك المجال لتبدع وتنطلق وتساهم في نهضة مجتمعك الذي ينبذك لتثبت لهم أنك الأفضل دائماً.

 

لا تفقد الأمل

صديقي العزيز طالما أن دودة القز لم تنقرض ومحصول القطن والكتان لم ينفد وتبور الأرض وطالما أن مصممين الأزياء لم يفقدوا بريقهم في الإبداع، وورش الحياكة لم تغلق فاعلم أن هناك دائما أمل فإن المقاسات الكبيرة والخاصة دائماً متاحة وفيها من الأناقة والروعة ما يجعل صاحبك النحيف ليتمنى ان يكون مثلك ليحظى بما حظيت أنت من إطلالة جذابة آخذة للعقول والأفئدة.

 

الحب أعمى

لا تدع أحدهم يخدعك بأنك لن تجد من تحبك وترتبط بك وأنت داخل هذا الجسد المهلهل من الدهون والشحوم، فمن المؤكد أن من حدثك بهذا لا يعرف عن الحب شيئاً، أنا يا صديقي لن أسمح لهم بالإنجرار إلى منحدر التنمر لأثبت لك بالأسماء عن من طرق بابهم الحب ومنهم القبيح والقصير والأقرع وما إلى ذلك من صفات مذمومة لا يجوز قولها، الحب أعمى كما قلت لك آنفاً، ومن يحب لا يرى في محبوبه إلا كل جميل بل ويصبح هذا المظهر الذي ينبذه هو هو عامل الجذب للحبيب فالحب أسمى من كل ذلك.

 

بر أمك

أظنك لا تشك في حب أمك لك، فأمك هي الشخص الوحيد في العالم التي تراك نحيفاً لا تأكل بالقدر الكافي المشبع وتريدك دائماً أن تستزيد، فعندما تقول لك أنك لست ببدين فصدقها وعندما تقول لك انك ضعيف رغم أن وزنك قد تجاوز المائة ويزيد كثيرا فأيضاً صدقها فيا صديقي إلزم قدم أمك وكن لها سامع ومطيع.

 

أخيرا أخي السمين لا تلتفت لما يقال ولا تبالي بمن يلمز ولا تنظر لمن يشير..

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.