شعار قسم مدونات

لماذا يجب علينا دعم أردوغان؟

blogs أردوغان

الناظر في حال العالم أجمع يجد أن كل القوى العظمى وغير العظمى المتصارعة تتفق مع بعضها بعضًا رغم عداواتها وخلافاتها المتجذرة عبر التاريخ إذا كانت الأمة الإسلامية تحاول أن تستيقظ من سباتها وغفلتها وتبني مشروعًا حقيقيًا يعبر عن هويتها لأن يقظة الأمة تعني زوال كل هذه القوى ولجم غطرستها وفقدانها قوتها واندثارها، وطالما أن هذه الأمة مشغولة ببعضها بعضًا فإن هذه القوى العظمى ستنام ليلها الطويل مرتاحة البال، وستقضي نهارها كذلك دون خوف أو وجل، وليس من السهولة على العرب أن يتحرّروا من هذه القوى الاستعمارية التي تتصارع على ثرواتهم وخيراتهم بسبب أن العرب منذ سقوط الخلافة العثمانية غابوا عن المشهد قصرًا.

كان المستعمر ذكيًّا عندما توارى عن الأنظار تمامًا، وأوهم الأمة أنه رحل ولكنه من خلف الستار شكّل أنظمة ديكتاتورية تدير شؤون البلاد لسانها عربي وقلوبها وغاياتها غربية استعمارية تخدم مصالح المستعمر وتنفذ مشاريعه في عمق أمتنا، مما جعل هذه الأنظمة تمتلك قوة هائلة تستمدها من هذه القوى الاستعمارية، وليس بمقدور الشعوب العربية وحدها أن تقف بوجه هذه الأنظمة أو أن تتحرّر من قبضتها إلا بقوة السلاح، وليس بصناديق الاقتراع لأن صناديق الاقتراع لا تؤمن بها هذه الأنظمة الديكتاتورية وترفضها مطلقًا وإذا أُجريت انتخابات قامت بتزويرها لصالحها والمستمر الذي يتشدق بالديمقراطية والحرية يدعمها ويساندها ويتغاضى عن جرائمها التي لولاه ما نكلت بشعوبها.

قد نختلف مع تركيا بقيادة أردوغان في بعض المواقف والقضايا اختلافًا كليًا، ونعارض بعض سياساتها لكنها حتمًا لن تتخلى عنّا وقت المحنة والشدة، ولن تستعبدنا أو تنهب ثرواتنا أو تقتل شعوبنا

لكن بمقدور الشعوب العربية وحدها تحديدًا أن تُواجه هذه القوى العظمى المتمثلة بالقوى الروسية أو الأمريكية تحديدًا إذا ما قررت ذلك، وحتى يُواجهوا هذه القوى لا بد من الضغط على حكوماتهم وأنظمتهم بكل الطرق المشروعة وغير المشروعة للتحالف مع الأتراك بزعامة أردوغان الذي يحمل في جعبته مشروعًا حقيقيًا للأمة، وبخلاف ذلك سيبقى العرب كشعوب مستعبدين إلى أبد الأبدين من قبل القوى الاستعمارية وأنظمتهم المهترئة، ولو أمعنت النظر في الأنظمة العربية لوجدتها بين خادمة مطيعة لأمريكا كما هو حال من يسمون أنفسهم حلفائها، أو مستنجدة بالدب الروسي لإبادة ما تبقى من شعوبها كما هو حال الممانعين والمقاومين، وكلا الأنظمة التي تخدم مصالح أمريكيا وتقف معها أو تسجدي بروسيا تقف ضد المشروع الذي يحمله أردوغان للأمة بقيادة تركيا، وتحاول إجهاض مشروعه وإسقاط نظامه بكل السبل، ووقوف هذه الأنظمة بوجه المشروع الذي يحمله أردوغان يخدم القوى الاستعمارية المتصارعة على خيرات الأمة وثرواتها بالدرجة الأولى ويخدم التمدد الإيراني بالدرجة الثانية.

أردوغان يحاول أن يتحرر من التبعية الأمريكية بكل السبل ويعيد لتركيا سيادتها ومكانتها ومع ذلك حتى هذه اللحظة لم يستطع بسبب تكالب الآخرين عليه الذين يحاربونه من فوق الطاولة ومن تحتها، قد نختلف مع تركيا بقيادة أردوغان في بعض المواقف والقضايا اختلافًا كليًا، ونعارض بعض سياساتها لكنها حتمًا لن تتخلى عنّا وقت المحنة والشدة، ولن تستعبدنا أو تنهب ثرواتنا أو تقتل شعوبنا وتغتصب حرائرنا، وإني أحيي دولة قطر الشقيقة شعبًا وقيادةً على سياستها الحكيمة بدعمها اللامنتهي للأتراك بزعامة أردوغان الذي لمست فيهم نبلًا وصدقًا وقوة صاعدة لصالح الأمة الإسلامية، فليس من المعقول أن نصفق للمحتل الروسي والأمريكي الذي قسم الأمة ونهب خيراتها وحرق أهلها وفعل فيها ما لم يفعله أحد قبله فيها، ثم نصدق مزاعم الأصوات الناعقة بأن الأتراك الذين هم أخوتنا في العقيدة والدين يشكلون خطرًا علينا ويجب الحذر منهم، لأن لديهم أطماع في ثروات الأمة، ويكأنهم المحتل الروسي والأمريكي ليس له أطماع وإنما جاء ليخلصنا من قبضة الأتراك.

إن الشيخ محمد الغزالي رحمه الله تعالى قد أدرك مبكرًا جدًّا ذلك عندما قال في القرن المنصرم:
"‏إن زوال إسرائيل قد يسبقه زوال أنظمة عربية عاشت تضحك على شعوبها، ودمار مجتمعات عربية فرضت على نفسها الوهم والوهن"، وإن هذه الأمة لن تتحرر إلا إذا رفضت بقلبها حدود سايكس بيكو ومزقتها، ووقفت مع بعضها بعضًا صفًا واحدًا متكاتفًا لدحر المستعمر دون الاستماع لأذناب المستعمر ومليشياته وكل أتباعه، وقتها حتمًا ستعيد الأمة ماضيها التليد، وخلافتها الراشدة، ومكانتها القوية بين الأمم، وكبريائها العريق، وعزتها وشموخها وستفرض كلمتها، وتحترم سيادتها، وسيهابها القاصي والداني، فلنكن مع تركيا ونساندها فهي لنا ونحن لها فالعقيدة تجمعنا والتاريخ يوحدنا والمشروع يجمعنا والهدف النبيل لاستعادة هيبة الأمة يقربنا أو فلنبق أحذية بالية مهارة في أقدام المستعمرين وأذنابهم يستخدموننا وقتما شاؤوا لتحقيق مصالحهم وأهدافهم، يا رب أبرم لهذه الأمة إبرام رشد، فتعز فيه الأمة، ويذل فيه أعداؤها والمتكالبين عليها والمتربصين بها من العملاء والمرتزقة.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.