شعار قسم مدونات

ستصل لتريليون دولار.. لماذا يجب الاستثمار في الزراعة بقارة أفريقيا؟

blogs الزراعة في السودان

الإمكانيات الاقتصادية لأفريقيا تكمن بشدة في مختلف الموارد والصناعات. ومع ذلك، تعد الزراعة أحد المجالات التي يمكن أن تلعب دوراً هاماً للغاية في النمو الاقتصادي المتوقع في القارة. جيولوجياً، تمتلك القارة الأفريقية أكثر من 60٪ من الأراضي الزراعية الخصبة العالم. من الناحية الاقتصادية، يأتي أكثر من 25٪ من الناتج المحلي الإجمالي في القارة من الزراعة.

ومن الجدير بالذكر أنه من المتوقع أن تصل قيمة الزراعة بقصد التجارة والنمو الاقتصادي إلى تريليون دولار أمريكي مع حول عام ٢٠٣٠م في منطقة أفريقيا جنوب الصحراء (مقارنة بمبلغ 313 مليار دولار أمريكي في عام 2010). ومن ثم ، ينبغي أن يكون اعتبار الزراعة بقصد اقتصادي لا للتغذية للأسر فقط – كما هي العادة في أكثر المجتمعات الأفريقية – على رأس جدول الأعمال للتحول الاقتصادي والتنمية، وفقا لتقرير البنك الدولي.

إلى جانب ذلك، تشكل الزراعة أكثر من 70 ٪ من العمالة. فهذه مؤشرات واضحة على أنه إذا تم اعتبار الزراعة نشاطاً تجارياً بدلاً من إعالة الأسرة المعيشية فسوف تساهم الزراعة بفعالية في النمو الأفريقي، ولكن – للأسف الشديد- اعتبر العديد من الناس الزراعة في القارة كأنها نشاط رزق كان هدفه الأول هو توفير أسر الأمن الغذائي وليس كنشاط تجاري واقتصادي وتنموي .

لم يُنظر إلى الزراعة قط على أنها مزاولة لخلق للثروة والنشاط الاقتصادي على المستويين الفردي والوطني. أدى هذا إلى تدني أداء القطاع من معدلات الفقر والنمو الوطني. ومع ذلك، فإنَ هناك حاجة ماسة إلى التطبيق العملي للزراعة التجارية والزراعة الآلية، وهو أمر بالغ الأهمية للحيوية الاقتصادية والتصنيع للأنشطة الزراعية. فإن الأعمال التجارية الزراعية ليست بأولوية بالنسبة للعديد من الدول الأفريقية على الرغم من الاعتراف بدورها الاقتصادي.

إلى أن تبدأ الحكومات الأفريقية إيلاء اهتمام كبير للقطاع الزراعي، سيظل الأمن الغذائي والنمو الاقتصادي كما ينبغي حلماً خيالياً؛ وستضطر إلى إنفاق المزيد على استيراد المواد الزراعية والتي تكلف القارة كثيراً

وفقا لتقرير البنك الدولي لعام 2013 عن إمكانات الأعمال الزراعية في أفريقيا (Growing African : Unlocking of the Potential of Agribusiness) يمكن أن تقود الزراعة والأعمال الزراعية التحولات الاقتصادية التي تشهدها العديد من الاقتصادات الناشئة في مناطق أخرى، لا سيما تلك التي تمتلك أراضي ومياه وفيرة مثل تايلاند وإندونيسيا والبرازيل وكولومبيا. أوكرانيا. تمثل أفريقيا "الحدود الأخيرة" في أسواق الأغذية والزراعة العالمية. ولديها أكثر من نصف الأراضي غير المزروعة في العالم ولكنها مزروعة زراعيًا ونادراً ما تستخدم مواردها المائية الواسعة النطاق. وبالنظر إلى هذه الاتهامات، من الأهمية الاقتصادية للدول الأفريقية أن تقدم الدعم التقني والمالي للأعمال التجارية الزراعية لتحقيق استدامة نموها الاقتصادي وأمنها.

ختاماً، يعجنني مقالة رئيس البنك الأفريقي للتنمية AfDB الدكتور اكينومى اديسينا حينما يقول بأنّه "سيأتي مستقبل الملياردير في القارة الأفريقية من أغريبيسنس (الزراعة التجارية أو بقصد اقتصادي)". وعليه، فإنّ للحكومات الأفريقية والمؤسسات الدولية المهتمة بالتنمية المستدامة والأمن الغذائي وخلق فرص العمل في القارة توفير الدعم المادي والتقني واللوجستي لهذا القطاع الحيوي للنمو الأفريقي المتسارع والمؤمل.

إلى أن تبدأ الحكومات الأفريقية إيلاء اهتمام كبير للقطاع الزراعي، سيظل الأمن الغذائي والنمو الاقتصادي كما ينبغي حلماً خيالياً؛ لأنّه ستضطر إلى إنفاق ملايين دولار أمريكي على استيراد المواد الزراعية والتي تكلف القارة كثيراً والذي يسبب البطيء في النمو ولا سيما في بناء البنى التحية التي بحاجة إلى توفير جزء كبير من الميزانية لها؛ إذ تصرف جل الميزانية السنوية على استيراد ما يأكله الشعب رغم وجود فرص إنتاجه محلياً وقابليتها لتصديرها للقارات الأخرى. فعلى سيبل المثال، جمهورية ليبيريا أرضيها كلها زراعية ومناخها الاستوائي والأمطار بالغزارة ولكن تنفق ٢٠٠ مليون دولار، ثلث ميزانيتها على استيراد الأرز (القوت الأساسي لها) سنويا.

 

فبالتالي، يصعب عليها جداً توفير الدعم لجوانب تنموية أخرى من الميزانية مثل بناء الطرق ودعم المشاريع التجارية الصغير وريادة الأعمال. إلا أنً تعالج هذه المشكلة وتسد هذه الفجوة التنموية ستظل البلدان مثل جمهورية ليبيريا في مؤخرة النمو والتطور. فقد جمعني حديث زميل لي من مصر في جمهورية ليبيريا فقال "يا موري، لو كان لدينا في مصر مناخ مثل أراضيكم ومناخكم في ليبيريا ها هنا لوفر للعالم مواد الغذاء".

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.