عام بعد عام وشعب كردستان يناضل ويقاتل من أجل حقوقه المشروعة واستقلاله.. عام بعد عام والكرد يبنون كردستان بعرق جبينهم.. في هذه المنطقة الحيوية التاريخية منبعِ الحضارات الإنسانية عاشوا ويعيشون الكرد.. لَطالما كان الكرد ولا زالوا المعنى الحقيقي للتضحيةِ في سَبيلِ تحقيقِ الحُلمِ الكبير (دولة كُردستان) والمِثال على ذلِكَ بسالةُ ونِضالُ وبطولات قوات البيشمركة.
يكتب الكُرديُ بقلمه أعذب الألحان وببندقيته يعزفها، فأكتافُ الكُردِ خُلقت للبنادق فإما أحراراً فوق الأرض أو عُظماءَ تحتها، البندقيةُ التي لطالما طالب بها الكُرديُ بحقوقه المسلوبة في كل الدول التي يعيشُ بها، فهذه الدولُ تعادي الكُرد منذُ الأزل، لا يريدون أن يكونَ الكُرديُ كُردياً بل يريدونه أن يكون تابعياً لهم، لكن الكُرد يأبَونَ هذا فيأتي بين الحين والآخر ومنذ القِدم رجالٌ يُطالبون بحقوق الشعب الكُردي أمثال الشيخ محمود الحفيد والقاضي محمد وملا مصطفى بارزاني وآخرين كُثُر.
أي صراع بين الأحزاب في بغداد تكون نهايته استهداف بعضهم البعض بالسيارات المفخخة والعبوات الناسفة والاغتيالات من خلال الميليشيات الذين بحوزتهم أسلحة ومعدات عسكرية |
كَوني في العراق فسأتحدثُ عن الكُرد هنا في إقليم كُردستان العراق وبالتحديد بعد دخول الجيش الأمريكي والمتحالفين معهم للعراق سنة 2003، رغم حق الكُرد في إقامة دولة مستقلة وحسب القوانين الدولية والاتفاقيات الدولية مثل معاهدة سيفر (١٩٢٠) إلا أن الكُرد بعد سقوط النظام العراقي السابق اختاروا الاتحاد مع بقية العراقيين العرب والقوميات الأخرى في العراق لبناء عراق ديمقراطي تعددي إلا أن الشركاء في الوطن استكثروا على الكُرد هذا الحق أيضاً الذي يشكل الحد الأدنى من حقوق الشعب الكُردي.
بعد أن أجريت الانتخابات في العراق قبل أشهر لم يتم التوصل لاتفاق إلى الآن من قبل الأحزاب في العراق لتشكيل حكومة عراقية، كُتلتان شيعيتان كُلٌ منهم يدّعي وصلاً بليلى، أحدهما مدعوما أمريكياً والثاني إيرانياً، والمعروف في العراق أنه لن يتم تشكيل أي حكومة دون مباركة هاتين الدولتين، تتسابق هذه الكتلتان في إرضاء الكُتل العربية السنية والكُتل الكُردية في سبيل تشكيل الكتلة الأكبر ومن ثم تشكيل الحكومة، وفي هذه الأثناء يموت الشعب في جنوب العراق عطشاً ألماً ومرضاً دون أن يجد أدوية ليشفي بها مرضة أو شربة ماءٍ نقيٍ صالحٍ للشربِ.
الكُردُ هنا وفي هذا الموقف لِأي كُتلةٍ يصوّتون ولصالح أي منهم يكون رأيهم؟ هنا تبدأ الحيرة فعلاً! فإذا دخل الكُردُ مع كُتلة سائرون (مقتدى الصدر) والنصر (حيدر العبادي) المدعومين أمريكياً وقاموا بتشكيل الحكومة فإن الكتلة الثانية لن تسكت عن هذا كما صرح هادي العامري قبل أيام وقال: "إن أي حكومة يتم تشكيلها بدعم أمريكي فلن تدوم سوى شهرين"، وقالت إيران إن أي تدخل أمريكي في تشكيل الحكومة العراقية فإن إيران ستستهدف كل حلفاء أمريكا في المنطقة وبذلك يكون الكُرد مستهدفين أيضاً.
حسب التوقعات من قِبل مراقبين سياسيين ومحللين إذا بقي الحال كما هو عليه الآن فمن المُحتمل أن يتعرض العراق لصراعات سياسية بين الأحزاب بمثابة حرب أهلية ويكون ضحيتها الشعب العراقي |
أما إذا دخل الكُردُ مع كتلة الفتح (هادي العامري) وكتلة القانون (نوري المالكي) المدعومين إيرانياً وقاموا بتشكيل الحكومة فإن الكتلة الثانية لن ترضى ولن تسكت أيضاً وهناك مخاوف أيضاً، فحسب التصريحات فإن أمريكا هددت بسحب قواتها من العراق في حال قيام حكومة مدعومة إيرانياً، وإن هذا الأمر يُعرّض العراق إلى ظهور داعش من جديد والسيطرة على الأرض، وبحجة التعاون مع إيران، فمن المحتمل أن تقوم أمريكا بفرض عقوبات على العراق أيضاً كما فرضتها على إيران، وبهذا يكونُ الكُردُ مُستهدفين أيضاً من قِبل داعش وأيضا مستهدفين من قِبل فرض العقوبات الاقتصادية على العراق.
كما هو معروفٌ في العراق فإن أي صراع بين الأحزاب في بغداد تكون نهايته استهداف بعضهم البعض بالسيارات المفخخة والعبوات الناسفة والاغتيالات من خلال الميليشيات الذين بحوزتهم أسلحة ومعدات عسكرية تم الحصول عليها على حساب ميزانية الدولة العراقية (الشعب العراقي) كما حدث في السنوات الماضية.
رُغم أن الحزبين الكُرديين (الحزب الديمقراطي الكُردستاني والاتحاد الوطني الكُردستاني) أعلنوا أنهم ليست لديهم أي خطوط حمراء على أيٍ من هذه الكُتل وأنهم سيتحالفون مع الكتلة التي تلبي طلبات واستحقاقات الشعب الكُردي، إلا أنه من الأفضل للأحزاب الكُردية التريث وانتظار تحديد الكتلة الأكبر في البرلمان العراقي، لأنه وحسب التوقعات من قِبل مراقبين سياسيين ومحللين إذا بقي الحال كما هو عليه الآن فمن المُحتمل أن يتعرض العراق لصراعات سياسية بين الأحزاب بمثابة حرب أهلية ويكون ضحيتها الشعب العراقي، فمن الأفضل التَريُّث وانتظار حسم هذه المعضلة والتجنّب من دخول صراعات مع هذه الكُتل المتصارعة.
وكما قُلتُ في مُدونتي السابقة وسأقولها الآن، بعد كل هذه الأحداث التي ذكرتها والاستنتاجات نأمل أن يطالب الكرد بضمانات دولية بعد الاتفاق مع الأطراف العراقية التي لطالما تهربت وتماطلت في تطبيق الدستور والوعود والمواثيق التي تم توقيعها مع بين الإقليم وبغداد، لا سيما أن حكومات العراق بعد 2003 اتسمت بنقض العهود ومبدأ الشراكة الذي يتفق عليه الكرد مع الأطراف الأخرى في العراق عند تشكيل كل حكومة جديدة.