قد رجحت المعركة الماضية في الشمال السوري للفصائل السورية والجيش التركي على حساب وحدات حماية الشعب الكردية المدعومة من الولايات المتحدة الأمريكية في معركة عُرفت باسم "غصن الزيتون" في منطقة عفرين على الحدود السورية التركية، أما الآن تتجه الأنظار نحو إدلب التي يتمحور فيها قوة المعارضة الكلية والتي تتكون من عدة فصائل من بينهم جبهة النصرة المعروفة بفرع القاعدة في سوريا إن لم يكن تنظيميا لأنها أعلنت انشقاقها فعلى الأقل بالنسبة لروسيا ومجلس الأمن أيديولوجيا وهي مصنفة كجماعة إرهابية لا يمكن التفاوض معها.
* لواء السلطان مراد: وهو أغلبيته من الجماعات التركمانية المرتكزة في حلب وتقدم لها الحكومة التركية جميع أنواع الدعم والتمويل العسكري واللوجيستي وتقوم بتدريب أفرادها على استخدام السلاح وقد شاركت في معركة غصن الزيتون مع الجيش التركي.
* فرقة الحمزة: وقد ظهرت في منتصف عام 2016 مدعومة من الجيش التركي وقد شاركت أيضا في عملية غصن الزيتون بعفرين.
* نور الدين زنكي: وهي من أقدم الحركات التي شكلت في بدايات الثورة عام 2011 في مدينة حلب، وقد انضمت لهيئة تحرير الشام وانشقت عنها بعد ذلك وهي موالية للجيش التركي الذي يقدم لها الدعم وشاركت أيضا في عملية غصن الزيتون ضد قوات حماية الشعب الكردية.
النظام السوري يريد سحق المعارضين والاستيلاء على إدلب والسيطرة على جميع مفاصلها وهو ما سيصعب تحقيقه خلال الفترة القادمة لتمركز المعارضة هناك |
وتلك الفصائل تتمركز حاليا في إدلب المنتظر الهجوم عليها من قبل السلاح الجوي الروسي والميليشيات الإيرانية برا، ولكن المقصد الحقيقي من الهجوم على إدلب هو طرد هيئة تحرير الشام (جبهة النصرة) سابقا وبعض الفصائل التي تنتمي لتنظيم القاعدة مباشرة كَفصيلي البادية والملاحم اللذانِ انشقوا عن جبهة النصرة حين انشقاقها عن تنظيم القاعدة، ناهيك عن وجود تنظيم الدولة الإسلامية في بعض المناطق، مما لا شك فيه يؤكد نوايا روسيا والنظام على شن قصف جوي على إدلب خلال الأيام القادمة.
لأن إدلب هي الورقة الأخيرة التي يتلاعب بها سواء كانت المعارضة الجهادية أو المعارضة المسلحة التي تتفاوض في أستانا، ويتمركز في إدلب ما يقرب من 70 ألف مسلح، فيُفكر النظام السوري في نهاية الأمر الآن بمظلة روسية كما أنهى الأمر في درعا ومن قبلها دير الزور ولكن المفاوضات التركية تسعى إلى تأجيل القتال والوصول إلى حل يجمع بين النظام والأطراف المعارضة باستثناء هيئة تحرير الشام وتنظيم الدولة والفصيلين التابعين للقاعدة.
ولكن النظام السوري يريد سحق المعارضتين والاستيلاء على إدلب والسيطرة على جميع مفاصلها وهو ما سيصعب تحقيقه خلال الفترة القادمة لتمركز المعارضة هناك واستحالة الوصول لاتفاق يحتوي الطرفين أو الثلاث أطراف بفصل النصرة والجماعات الجهادية عن جيش الفتح المعارض المعتدل كما يطلق عليه في المفاوضات.
وأتاحت روسيا الفرصة لتركيا للتوصل إلى حل يُمَكن النظام السوري من الدخول إلى إدلب دون قتال، كما يخشى الجانب التركي من اندلاع الحرب فيقوم مئات الآلاف من المدنيين بالنزوح واللجوء إلى الأراضي التركية هربا من الموت وقد اكتفت الحكومة التركية من ملايين اللاجئين الماكثين على أرضها منذ اندلاع الثورة بل هي تسعى بالفعل لرجوع المدنيين إلى محافظاتهم بالداخل السوري كما فعلت الأردن بعد الانتهاء من معركة درعا الأخيرة بعد نزوح ما يقرب من 250 ألف نازح على حدودها.
من المؤكد أن النصرة سابقا وجيش الفتح بقيادة أحرار الشام (المعارضة المعتدلة) لن يتفقوا على الاتحاد في وجه كل من روسيا والنظام السوري في معركة إدلب، لاسيما بعد الأخبار التي سربت عن اتفاق سري بين روسيا وأحرار الشام التي تقود جيش الفتح أو الجبهة الوطنية للتحرير بوساطة تركية وإن كان الاتفاق قد أُبرم فمن المحتمل أن يكون القصف على المناطق التي تسيطر عليها هيئة تحرير الشام فقط وتنظيم الدولة وجيشي تنظيم القاعدة (البادية والملاحم) فيتم إخلائها للنظام السوري وبعدها يتم الاتفاق بين المعارضة والنظام على تقسيم المناطق، أما عن الجماعات الجهادية فربما لا يستطيعوا الوقوف أمام الترسانة الروسية فتكون هي آخر ضربة لهم أو بمثابة قسم ظهرهم في آخر معاقلهم الحيوية المذكورة.
وبالتالي مع القصف سيأتي اللجوء إلى الحدود التركية والدخول عبرها بحثا عن الأمان لاسيما عشرات الآلاف من السوريين الذين لن يقبلوا التسوية مع النظام لأنهم يعرفون جيدا ماذا فعل النظام مع أعدائه في الأماكن التي سيطر عليها من استدعاء وتعذيب وسجن وقتل لأنهم من معارضيه المدنيين فناهيك عن العسكريين الذين توحدت الخيارات أمامهم إلى أن يقاتلوا حتى الموت لأن الاستسلام يؤدي إلى الموت بطريقة أخرى. وأما بعد وقوع الكارثة والسيطرة على إدلب آخر معاقل الثورة حيث انتهاء المقاومة وبدأ إعادة العمران وعقود اتفاقات لمن يربح ثروة الأرض السورية ومن المؤكد أن الجانب الروسي هو الفائز الأول في تلك المسألة، أما نظام بشار فإنه كذلك قد أوفى بكلمات عندما قال أن سوريا ستعود كلها للنظام.
الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لشبكة الجزيرة.