شعار قسم مدونات

هل تتكرر ثورة الضباط الأحرار في السعودية؟

blogs السعودية

في 13 يوليو منْ عامِ 1952 قامَ مجموعةٌ منَ الضباطِ الشبابِ أسموا أنفسهم "الضباط الاحرار" بثورةٍ على النظامِ الملكي في مصر والذي حُدِدَتْ أسبابها بعدةِ أمورٍ أبرزها:

أولاً: الطبقيةُ – بحيثُ أنَ المجتمعَ المصري تمَ تقسيمهُ إلى طبقاتٍ بِرسمٍ هرمي، يضمُ رأسَ الهرمِ العائلةُ المالكةُ والمقربينَ منها، بينما تقبعُ طبقةُ التجارِ في الوسط، أما القاعدةُ الأكبر والتي تضمُ الشريحةَ الواسعةَ منَ الشعبْ فهيَ تمثلُ الفلاحينَ وعامةَ الناس.

ثانياً: غيابُ العدالةِ الاجتماعيةِ – حيثُ أنَ الذينَ يحتكرونَ الأراضي والأسواق همْ رأسُ الهرم الأمرُ الذي جعلَ أصولهمُ الماديةَ في ازديادٍ مضطردٍ، فيما يعاني عامةُ الشعبِ منَ الفقرِ والعوزِ وارتفاعٍ في الضرائبِ وارتفاعِ أسعارِ السلعِ وخاصةً الاساسيةَ منها، أضفْ إلى ذلكَ عدمُ التملك.

ثالثاً: تجاهلُ الاغلبية – فبالرغمِ منْ أنَ المظاهراتِ خرجتْ تنددُ بسوءِ الإدارةِ وغيابِ العدالةِ في توزيعِ الثروات، إلا أنَ الملكَ فاروق صمَّ آذانهُ ولمْ يبرح الحالُ مكانه، الأمرِ الذي أدى إلى أحداثِ عنفٍ أبرزها حريقُ القاهرة والذي أتى على 700 محلٍ تجاري، وبالتأكيدِ لمْ يُكشف عنْ هويةِ الفاعل بالرغمِ أنَ أصابِعَ الإتهامِ وُجهت للإخوانِ المسلمين تارةً، وتارةً أخرى -وهوَ الرأيُ الأرجح- أنهُ كانَ مكيدةً منْ قِبَلِ مجموعةٍ منَ اليهودِ المرتبطينَ بالموساد ليكونَ سببًا قويًا لهجرةِ يهودِ مصر إلى أرضِ فلسطين وهوَ الأمرُ الذي تمَّ بالفعل.

رابعًا: الهزيمةُ في معركةِ 48 – والذي يعتبرُ السببُ الأهم، ويذكرُ أنَ بعدَ هذهِ الخسارةَ مباشرةً تشكلَ تنظيمُ ما عرفَ "بالضباطِ الأحرار" فَرَأَيْنا أنهم حمَّلوا الهزيمةَ إلى فسادِ الملك بشرائهِ أسلحةً غيرَ فعالةٍ كما أنَ القياداتِ التي لا تملكُ الكفاءةَ أدتْ إلى انهيارِ وحداتِ الجيش، ناهيكِ عنْ أنَ الجيشَ المصري كانَ قدْ أُنهكَ بسببِ التدخلِ في السودان بحجةِ القضاءِ على ثورةِ المهدي.

قامتْ ثورةُ الضباطِ الأحرار على النظامِ الإقطاعي الذي كان يمثلهُ الملكُ فاروق وبالرغم من أنَ الأوضاعَ بالسعودية لم تصلِ لهذه الدرجة إلا أننا قدْ نرى ثورةً قادها أمراءٌ جعلهم بن سلمان بخانةِ المعتقلينَ

لو أسقطنا هذهِ الأسباب على المشهدِ السعودي في هذهِ الأيامِ سنرى مدى التشابه الكبير فيما بينها فنرى اليومَ أنَ المنتمينَ للطبقةِ المالكةِ والمقربونَ منهمُ يمتلكونَ جلَّ اذا لم يكنِ كلَّ المناصبِ العليا إضافةً إلى الشركاتِ العملاقةِ في البلاد، كما نرى أنَ حملةَ الاعتقالات ضدَّ كل منْ ينتقدِ النظامَ السعودي أو يخالفهُ بقرارٍ اتخذهُ أوِ إرتآ ما لمْ يرتئهُ الملك ووليِ عهدهِ سيرى الضوء منْ نافذةِ زنزانته، وفي السياقِ ذاتهِ يقولُ الصحفيُ مايكل برلي في مقالٍ بصحيفةِ التايمز البريطانية بعنوانْ "أيام الأمير السعودي الشاب باتتْ معدودة": بعدَ مرورِ ستِ أشهرٍ على تنصيبهِ وليًا للعهدِ يبدو احتمالُ صعودهِ أقلُ تأكيدًا، حتى أنَ والدهُ الملك سلمان بن عبد العزيز بدأ يبدي بوادرَ تشككهِ بذلك".

وهنا رأينا أنَ السعودية والتي يديرها الملكُ سلمان شكليًا وابنهُ محمدُ بن سلمان فعليًا اتجهت إلى حربٍ في اليمن لا يبدو أنَ هناكَ بوادرَ لانتهائها في القريبِ العاجل، فبعدَ ثلاثِ سنواتٍ منَ الحربِ لمْ يحققِ التحالف الذي تقودهُ السعودية على الصعيدِ الميداني إلا النذرَ اليسير في مواجهة ميليشياتِ الحوثي وهنا نطرح سؤالا : أليست مدةُ الثلاثِ سنوات مدةً طويلةً جدًا للانتصار بمعركةٍ على جماعةٍ مسلحةٍ لا تمتلكُ طائراتٍ أو معداتٍ ثقيلةٍ وكما أن جنودَ الحوثي غيرَ مدربينَ بالمقارنةِ مع جيشٍ نظاميٍ مجهزٍ بالعدةِ والعتادِ الثقيل؟

بميزانِ القوى وبرجاحةِ العقلِ والمنطقْ فإنَ الانتصار يجبُ أنْ يكونَ حليفَ السعودية وحلفائها، لكنْ يقولُ المحللونْ بأن الهدفَ من إطالةِ الحربِ هوَ مصالحٌ اقتصاديةٌ تديرها ابو ظبي ليسَ للسعوديةِ فيها ناقةٌ ولا جمل تتمثل بالموانئِ الممتدةِ على طولِ خطِ الساحلِ اليمني، وعليهِ فإنَ التكلفةَ الباهظةَ تتحملها السعودية والتي تقدر بـ30 مليون دولار شهريًا بينما ترتفعُ أصواتُ المعارضينَ بأن نسبةَ الفقرِ في السعودية بارتفاعٍ مستمر، أو ربما يقولُ قائلٌ أنَ سببَ التأخرِ في النصرِ هو فسادُ الأسلحةِ التي توردها أمريكا وضعفُ قدرتها القتالية أو قدْ يكونُ قلةَ كفاءةٍ في قوادِ المعركةِ كما هوَ الحال في جيشِ حربِ 48، إنَّ حربَ اليمن تشبهُ إلى حدٍ بعيدٍ حربَ السودان التي خاضها الملكُ فاروق قبل أنْ ينخرطَ في حربِ فلسطين، فهلْ ترسمُ حربُ اليمن لما بعدها منْ حربٍ قادمةٍ معَ ايران والتي هي أقربُ منها مع اسرائيل التي لا يدخرُ مسؤولوها جهدًا بمغازلةِ أصحابِ القرارِ في الرياض خاصةً عقبَ تصريحاتِ وليِ العهدِ بن سلمان بحقِ اليهود في العيشِ في فلسطين بأمنٍ وسلام.

لقد قامتْ ثورةُ الضباطِ الأحرار على النظامِ الإقطاعي الذي كان يمثلهُ الملكُ فاروق وبالرغم من أنَ الأوضاعَ في السعودية لم تصلِ لسوءِ الأحوالِ إبانَ حكمِ فاروق إلا أننا قدْ نرى ثورةً قادها أمراءٌ جعلهم بن سلمان في خانةِ المعتقلينَ والذي ولدَ حقدًا وحنقًا قد ينفجر في أي لحظة.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.