شعار قسم مدونات

تود أن تبدأ عملك الخاص؟ 4 أساسيات ستساعدك

blogs business

لا يوجد شعور يضاهي كونك تملك شركتك الخاصة، وأنك وضع جدولك اليومي كيفما تشاء. لكن، هل الطريق نحو هذه الأمنية الجميلة سهل؟ والأهم من ذلك؛ هل أنت حقا قادر على أخذ خطوة كبيرة كهذه، وترك الوظيفة والبدء بعملك الخاص؟ بالنسبة لي لم تكن هذه الخطوة وليدة لحظة انفعالية أو تماشيا مع حالة و"موضة" باتت فيها كلمة "ريادي أعمال" كلمة جذابة تساوي كونك نجما في التمثيل أو الرياضة أو مؤثرا على وسائل التواصل.  في أصل الأمر أنا مهندس ميكانيكي؛ أعمل موظفا منذ أكثر من 10 سنوات. حاولت خلالها أن أبدأ عدة مشاريع لكن الأمور لم تسر كما أردت. إلى أن قررت العام الماضي أن آخذ زمام المبادرة، وأبدأ شركة حقيقية على الأرض – من حيث الشكل والجهوزية – تُعنى بتقديم الاستشارات والحلول الهندسية لعالم الأعمال. وفعلا بدأ المشوار!

ها قد مضت أكثر من 6 أشهر من عمر الشركة، واجهت خلالها أمورا وعقبات كثيرة. حاولت من البداية أن أستعين ببعض الكتب والمقالات والبرامج الوثائقية، ولقاء أشخاص سبقوني في هذا المجال. الهدف من كل ذلك، أن أبدأ بشكل مثالي قدر الإمكان. لكن…! في عالم الأعمال لا تسير الأمور كما هو مخطط. الصدمات أكثر من أن تُحصى. توقعاتك الأولية قليلا ما ستجدها مفيدة، هي في أحسن تقدير سترسم لك صورة عامة، أما التفاصيل فستعايشها حقيقة على أرض الواقع كل يوم.

الميدان هو وحده القادر على إثبات قدرة الفكرة على الحياة والاستمرار في السوق. لذلك إن لم تملك الجرأة – في أي وقت – على اتخاذ قرار قوي بإعادة التمركز، فلن تستطيع المضي قدما

ما زاد من تعقيد الأمور – في حالتي -؛ هو أن الزبائن المستهدفين هم قطاع الأعمال والشركات وليسوا الأفراد. ما يعني أنك لا بد أن تقتحم عالما من العمليات والأنظمة التقليدية، والتي ليست بالسهولة بمكان اختراقها ومحاولة تحسينها أو استبدالها، خصوصا إذا ما كنت مجرد شركة ناشئة لا تملك تاريخا في السوق. في هذه التدوينة أحاول أن أشارككم 4 دروس تعلمتها في هذه الانطلاقة. هي بالتأكيد ليست كل الدروس، لكني أعتقد أنها مهمة لمن يَهمّ بخطوة مشابهة.

الدرس الأول: كن قويا في مجالك وفي صنعتك

ربما تملك فكرة قوية قادرة على اختراق السوق. لكن من دون أن تكون مؤهلا ومحترفا في إنجازها فكل الأمور التي ستلي ذلك ليس لها أي معنى. تخيل معي أنك تملك شركة ذات اسم جذاب، وشعار قوي، ومقر جميل وفكرة لمنتج أو خدمة تستطيع أن تحل كثيرا من المشكلات التي يريدها الزبون. لكن عند التطبيق؛ أنت غير قادر على تقديم الخدمة أو المنتج على أفضل وجه وفي الوقت المطلوب. في حالتي مثلا تطلب الأمر أن أرجع إلى كتبي الجامعية، وأن أسجل في دورة متعلقة في نفس المجال، وأن أحضر عشرات المحاضرات التدريبية على اليوتيوب. والأهم من كل ذلك أن أنفذ الكثير من التمارين في نفس المجال، بغية الوصول لمستوى يؤهلني مزاولة العمل بعد ذلك في مشاريع حقيقية.

الدرس الثاني: كن مرنا قدر المستطاع

كونك تملك فكرة رائعة لإنشاء شركة هي شيء… وإمكانية تطبيقها على أرض الواقع شيء آخر تماما. منذ اليوم الأول الذي ستبدأ فيه، ستندهش من حجم التغيير الذي لا بد لك أن تأخذه في فكرة العمل أو في طريقة التسويق أو في الجمهور المستهدف أو في غير ذلك. الميدان هو وحده القادر على إثبات قدرة الفكرة على الحياة والاستمرار في السوق. لذلك إن لم تملك الجرأة – في أي وقت – على اتخاذ قرار قوي بإعادة التمركز، ومن ثم إعادة تقويم العمل بناء على ذلك، فلن تستطيع المضي قدما.

سعيك للانخراط في مجال معين والنجاح فيه يستلزم أن تمتلك عقلية تؤهلك وتساعدك على القيام بذلك. في مجال ريادة الأعمال الأمور لا تختلف؛ العقلية والذهنية يجب أن تكون قادرة على فهم المتطلبات ومن ثم القدرة على الاستمرارية
سعيك للانخراط في مجال معين والنجاح فيه يستلزم أن تمتلك عقلية تؤهلك وتساعدك على القيام بذلك. في مجال ريادة الأعمال الأمور لا تختلف؛ العقلية والذهنية يجب أن تكون قادرة على فهم المتطلبات ومن ثم القدرة على الاستمرارية

الدرس الثالث: العلاقات ثم العلاقات ثم العلاقات

ربما تكون هذه من القواعد الأساسية في نجاح أي عمل في الحياة. لكن دعني أعيد رسم فائدتها لك مجددا. عندما تهم باختراق جدار السوق السميك القائم على سلسلة من العلاقات والإجراءات الطويلة والتقليدية فإن الأمر لن يكون سهلا أبدا. الجميع سيقول لك أن الأمور تسير معه جيدا منذ زمن وأن خدماتك لن تقدم له تلك الإضافة الحقيقية. هنا يأتي دور وجود علاقة جيدة مع جهة ما. فربّ علاقة جيدة تكون قادرة على إيصالك لمدير كبير، يسمع منك ويفهم فائدة منتجك. العلاقات كذلك قادرة على التغطية على فقر سجل شركتك التي لا تملك تاريخا حافلا من المشاريع. باختصار، العلاقات قادرة أن تقتحم بك أماكن لن تستطيع الوصول إليها وحدك وبقدراتك الذاتية الناشئة.

الدرس الرابع: كن صبورا ومثابرا

أيضا هذه كلمات تقليدية بعض الشيء. لكنك من دونها لن تستطيع الوقوف طويلا في هذه الرحلة. قبل أن تبدأ بناء الشركة ستكون أحلامك وردية للغاية، لكن حالما تبدأ المشوار ستشعر بالحقيقة.. ببرودة الرفض.. بحرارة الانتظار والمماطلة.. بألم الكلمات القاسية. ما سيعينك ويجعلك مستمرا في الرحلة هما الصبر والمثابرة. الصبر والمثابرة لن يتأتيا بالقدر الكافي واللازم، إلا مع مضي الوقت، واستمرارك على الطريق. ما سيرفد زادك من الصبر والمثابرة هو تراكم الخبرة والمعرفة. ستشعر مع مرور الوقت، أن الأمر أشبه بلعبة مسلية ليست سهلة؛ لكنك مع الوقت بتّ تعرف قواعدها ومستوياتها وحدودها، وبتّ تعرف كيفية معايشة ذلك والتغلب على أي عقبة.

ما أود قوله في النهاية أن سعيك للانخراط في مجال معين والنجاح فيه يستلزم أن تمتلك عقلية تؤهلك وتساعدك على القيام بذلك. في مجال ريادة الأعمال الأمور لا تختلف؛ العقلية والذهنية يجب أن تكون قادرة على فهم المتطلبات ومن ثم القدرة على الاستمرارية. أنا اليوم لا أستطيع الادعاء بأني قد نجحت في عالم الأعمال أو أني قد فشلت…! ما يمكنني قوله إنني ما زلت على الطريق وسأحاول أن أبقيكم دائما مطلعين على آخر المستجدات. والله الموفق…!

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.