شعار قسم مدونات

الرجل و"حيونة المرأة".. من الاستغلال الجنسي إلى الاستغلال العاطفي!

blogs زوجين

عندما يتكلم علماء النفس والاجتماع عن طبيعة الرجل والمرأة وعلاقتهما ببعض، فهم في الغالب يتناولون الموضوعات المختصة بمنطلق الطبيعة الحيوانية لدى الجنسين، المجردة من أي أخلاق أو عقيدة دينية تحكمه.. ومن هذه الموضوعات؛ الاختلاف بين الرجل والمرأة في مفهومهما للجنس والعاطفة واستيعابهم لكيفية هذا المفهوم عند الآخر.

 

من السذاجة أن يظن الرجل أو المرأة أن مفهوم الجنس عند الآخر كمفهومه عند نفسه. فالمرأة بطبيعتها الموروثة؛ جنس ناعم وانتقائي، انجذاب الرجل إليها ليس مجرد انجذاب لجنس مقابل، ولكن لنعومة المرأة تأثير مضاعف على الانجذاب الجسدي عند الرجل، وانتقائيتها بالنسبة له يجعلها بمثابة كالتي تملك مفتاح الجنس، مما يعطي قيمة للجنس عند للرجل لأنه لا يملكه ولا يتحكم فيه.

لا ينحصر مفهوم اللذة عند المرأة في الاتصال الجسدي كما عند الرجل، لأن امتلاكها لمفتاح الجنس سبب في قلة قيمته عندها، ولكن لطبيعتها العاطفية؛ فهناك اعتبارات وحالات أخرى لديها يجب أن توجد قبل هذا الاتصال؛ فهي أمام جنس خشن ترغب فيما قد يقدمه من العاطفة والأمن والاستقرار، الشيء الوحيد الذي يملكه الرجل ويتحكم فيه، وتفتقده المرأة وتحتاجه. فكل من الجنسين يعطي قيمة لما ينقصه وعند الجنس الآخر.

 

الزواج والعلاقات الصحية ليست انعكاس لعيوبنا ونواقصنا أو مجرد بحث جائع عمّن يقبلنا لعدم مقدرتنا على تقبل أنفسنا، وإنما العيوب والنواقص يجب التعامل معها من الداخل سواء بالتقبل أو بالتغيير

العُهر.. هو استخدام أحد الجنسين ما يملك لامتلاك ما عند الجنس الآخر، كالمفهوم الشائع لتقديم المرأة الجنس في مقابل مال الرجل.. ولكن.. هل سينطبق عليها نفس التعريف إن أظهرت مفاتنها وأنوثتها لتكسب قلب الرجل؟ بالنسبة للرجل.. فقد يتخذ كذلك طبيعته في قابلية تقديم الأمن والاستقرار للمرأة في سبيل ما قد تقدم له هي من الجنس.. فهو في هذه الحالة عاهر أيضا، ولكنه عهر عاطفي، لأنه استخدم حاجة المرأة للعاطفة في سبيل تحقيق أغراضه، كما قد تستخدم المرأة نعومتها وحاجة الرجل للجنس لتحقيق أغراضها.

الذي يمهّد عملية الاستغلال من أحد الجنسين للجنس الآخر، هو أن يزيد هذا الاحتياج عن حده الطبيعي؛ أي احتياج مرضي لما عند الجنس الآخر، فهذا بمثابة انعدام دفاعات ضد الهجمات الجنسية من المرأة أو العاطفية من الرجل. فتجد من الرجال من أعمتهم شهوتهم ووضعوا الجنس في أعلى مراتب أولوياتهم، أكثر عرضة لتجارب الزيجات الفاشلة، لأنهم وقعوا مصيدة لنعومة المرأة، فأصبح الصائد هو الفريسة. وتجد من النساء من تبحث عن العاطفة والأمن في كل ركن وكل وادي صعب الإفلات من تلاعبات الرجل واستغلاله لها، لأن احتياجها المرضي هو الذي أتاح الفرصة للرجل لبسط شباكه، فلا تلومين إلا نفسِك!

يمكن تلخيص هذا الاحتياج المرضي عند المرأة بثلاثة كلمات؛ "عدم تقبل الذات"، فعدم قبول الذات كالجذور التي تنبت منها ضعف أي شخص، من فقدان الإحساس بالأمن وانعدام ثقة في النفس وانخفاضات حرجة في القيمة الذاتية. فهذا بالنسبة للرجل بيئة مثالية لهجماته العاطفية، لأن المعيار هنا للفت نظرها ونيل إعجابها ليس إظهار صدقه وصلاحه، أو يكون حتى بينهما أدنى درجات التوافق والتفاهم. بل هو أبسط بكثير، فهو أمام شخص لديه مشكلة ويعاني من صعوبة في تقبل النفس والتعامل معها، وما عليه إلا أن يوهمها بأنه سيقوم بهذا الدور نيابة عنها بغض النظر عن رأيه الحقيقي فيها.

فتجد مثلا من لم تتقبل وتتصالح مع نفسها لعدم تحقيق معايير جمال معينة أُمليت وفُرضت عليها سواء من دائرتها الاجتماعية أو الإعلام، ولم تعطِ لنفسها معاييرها الخاصة من الجمال والأخلاق والثقافة الخ.. أكثر عرضة للتجارب الفاشلة والاستغلال من الرجل، لأن ليس عليه ليكسب قلبها ويستحوذ على عقلها إلا أن يقول لها: "عزيزتي.. أنتِ جميلة". الزواج والعلاقات الصحية ليست انعكاس لعيوبنا ونواقصنا أو مجرد بحث جائع عمّن يقبلنا لعدم مقدرتنا على تقبل أنفسنا، وإنما العيوب والنواقص يجب التعامل معها من الداخل سواء بالتقبل أو بالتغيير، وإلا كيف لنا أن نقدم الحب لشخص آخر إن لم نتعلم كيف نحب أنفسنا؟!

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.