شعار قسم مدونات

الطاقات المتجددة بالجزائر.. البديل الآمن

blogs الطاقة الشمسية

تقدّر مساحة الجزائر بأكثر من 2.3 مليون كيلومتر مربع، تمثّل الصحراء منها نسبة الـ 80بالمائة وما نسبته 20بالمائة من مساحة الصحراء الإفريقية مجتمعة وهي تشكّل ميزة هامة للبلاد حيث جعلتها تتوفر على مخزون هائل من الطاقة الشمسية، يعتبر من أعلى الاحتياطات في العالم بالإضافة إلى هذه الطاقة تتوفّر البلاد أيضاً على احتياطي ضخم من اليورانيوم يصل إلى 29 ألف طن ما يغطي حاجاتها من الطاقة لمدة 60 عاماً.

وتبقى الطاقة الشمسية أهم طاقة متجددة تتوفر عليها الجزائر، إذ تعد أكبر نسبة من الطاقة الشمسية على مستوى الدول المتوسطة تحتوي على ما يعادل أربع مرات مجمل الاستهلاك العالمي للطاقة، أي نحو 37 ألف مليار متر مكعب من الغاز في العام وقد أنشأت الجزائر محطة للطاقة الهجينة بحاسي الرمل تعدّ الأولى من نوعها على مستوى العالم، تعمل بالغاز والطاقة الشمسية معاً بمعدل إنتاج يصل إلى 150 ميغاواط، والأخرى بغرداية بقدرة 1.1 ميغاوات.

وقد انخرطت الجزائر في العام 2010 في مشروع ديزيرتيك باعتباره الأوفر حظاً للظفر بأكبر أجزاء هذا المشروع الموزع بين شمال إفريقيا والشرق الأوسط، بالنظر إلى مساحة أراضيها وتوغلها في عمق الصحراء، وهو مشروع ضخم تقدر كلفته بنحو 400 مليار يورو، يهدف إلى تلبية 15بالمائة من حاجات أوروبا من الكهرباء بحلول العام 2050 بالإضافة إلى جزء من حاجات شمال إفريقيا عبر حقول الطاقة الشمسية فيها، إذ يعتمد على الطاقة الشمسية الحرارية وليس الخلايا الشمسية.

إن ما تعانيه الجزائر يدخل ضمن منظور" لعنة الموارد" فالثروة النفطية قد شكلت نقمة لا نعمة على الاقتصاد الجزائري وأدخلتها في لا الأمن و لا الاستقرار الناتج عن تجاذبات السوق العالمية للطاقة و أدخلتها في أزمات عديدة ومديونية متجددة و أعباء كثيرة لن تتخلص منها إلا بالبحث الجدي نحو فك الارتباط أو على الاقل تجاوز الاعتماد على قطاع المحروقات النفط، الغاز والاتجاه نحو استغلال موارد الطاقة المتجددة من منظور الامن خاصة منها الشمسية لعدة امتيازات و الطاقوي لتغطية احتياجاتها من الطاقة وتأمين إمداداتها على المدى الزمني المستمر على عكس مصادر الطاقة غير متجددة النفط والغاز اللذان يشكلان رهانا حقيقيا باعتبارهما مادة ناضبة إذا تم استغلالهما على نطاق وبوتيرة معينة في غضون زمن محدد، و هو ما تشير إليه إحصائيات ومؤشرات احتياطي النفط والغاز في الجزائر بالموازاة مع إنتاج و استهلاكهما.

إن تكريس وتفعيل التوجه نحو استغلال الطاقة المتجددة من خلال تفعيل البرنامج الوطني في الآفاق المستقبلية بوتيرة متسارعة وجدية من شأنه أن يحقق العديد من الايجابيات على صعيد الداخلي أو الخارجي

أما بخصوص الاستثمارات في مجال قطاع الطاقة المتجددة فقد قامت الجزائر بوضع برنامج طموح لتطوير الطاقات المتجددة وهذا سنة2011 ويهدف البرنامج الوطني لتنمية الطاقات المتجددة إلى إنتاج22000 ميغاواط آفاق2030 منها 10000 ميغاواط موجهة للتصدير إذا ما توفرت الظروف المناسبة. وما هو مسطر الوصول إلى 30 بالمائة حتى 40 بالمائة لإنتاج الكهرباء من الطاقة الشمسية في حدود 2030.

وقد اعتمدت الحكومة الجزائرية في فيفري 2011 البرنامج الوطني الممتد إلى آفاق2030 للوصول إلى توليد 12000 ميغاواط من مصدر الطاقات المتجددة والحصيلة الطاقوية 29 بالمئة من نسبة تغطية الطاقة المتجددة والباقي للطاقات التقليدية. وقد وضع لهذا البرنامج خطة تتم عبر ثلاثة مراحل و هي كالتالي: 

المرحلة الأولى: ما بين2011 و2013 .ويخصص لإنجاز المشاريع الريادية النموذجية لاختبار مختلف التكنولوجيات المتوفرة.
المرحلة الثانية: ما بين 2014 و2015 ويتميز بالمباشرة في نشر البرنامج.
المرحلة الاخيرة: ما بين 2016 و2030 وتكون خاصة بالإنجاز على المستوى الواسع للمحطات الشمسية.

 

ووفقا لهذا البرنامج سيتم إنجاز ستون60 مشروع منها محطات شمسية كهر وضوئية وشمسية حرارية ومزارع لطاقة الرياح ومحطات مختلطة، ويسمح لهذا البرنامج بخلق آلاف مناصب الشغل المباشرة وغير المباشرة. وقد شرعت مؤسسة نييال NEAL فرع سونلغاز مع المتعامل الأسبانيABENEL في إنجاز محطة لتوليد الكهرباء انطلاقا من الطاقة الشمسية والغاز بحاسي الرمل بطاقة150 ميغاواط. وانطلقت بها الأشغال سنة2010.

بالإضافة هناك مشروع آخر قيد الإنجاز يتمثل في مزرعة تعمل بطاقة الرياح بطاقة 10ميغاواط بأدار تشرف عليه مؤسسة نييال بالتعاون مع شركة فرنسية. كما تم التزويد بالكهرباء الناتجة عن الطاقة الشمسية 18 قرية بالجنوب الكبير و3000 مسكن بمنطقة السهوب بهذا النوع من الطاقة. ومن المتوقع أن تستفيد أيضا 16 قرية معزولة بهذا النوع في إطار تزويد للمناطق النائية بالكهرباء وإلى نهاية 2008 فقد بلغ عدد المساكن التي تم تزويدها بالكهرباء الناتجة عن طريق الطاقة الشمسية 6240 مسكن. اعتبار الجزائر شريك استراتيجي لها مع تبوؤها المكانة والتأثير على الساحة الدولية.

 

الاتجاه نحو تبني نهج الاقتصاد الأخضر، كالمحافظة على بيئة نظيفة والمساهمة في الالتزام تجاه الاتفاقيات الدولية في هذا الإطار من خلال التخفيف من انبعاث غازات الدفيئة المستنزفة من استغلال موارد الطاقة التقليدية، وتجاوزها نحو نمط موارد الطاقة النظيفة صديقة البيئة.

إن تكريس وتفعيل التوجه نحو استغلال الطاقة المتجددة من خلال تفعيل البرنامج الوطني في الآفاق المستقبلية بوتيرة متسارعة وجدية من شأنه أن يحقق العديد من الإيجابيات على صعيد الداخلي أو الخارجي فمن الناحية الداخلية وجود إرادة سياسية جادة لتشجيع المضي قدما نحو هذا النمط من الاستغلال ووضع العديد من التسهيلات والامتيازات والضمانات وتمويلها بغطاء مالي وبشري من شأنه أن يحقق قفزة نوعية في هذا الصدد وصولا إلى حد التحرر من الاعتماد الكلي على الريع البترولي مستقبلا، إذا ما تم الاستثمار في قطاع الطاقة المتجددة خاصة منها الطاقة الشمسية. وتشجيع الاستثمار في القطاعين الوطني والأجنبي الخاص والعام ما من شأنه أن يوسع وتيرة هذا النمط من المشاريع ويكثفها.

الطاقات المتجددة ستضمن للجزائر المكانة كبلد منتج ومصدر للطاقة، وذلك عن طريق زيادة إيراداتها ومداخليها المالية من أسواق الطاقة في المستقبل البعيد
الطاقات المتجددة ستضمن للجزائر المكانة كبلد منتج ومصدر للطاقة، وذلك عن طريق زيادة إيراداتها ومداخليها المالية من أسواق الطاقة في المستقبل البعيد

إن الرؤية المستقبلية لتفعيل استغلال الطاقة المتجددة تأخذ بالحسبان النتائج الايجابية التي ستحققها والفرص التي ستتيحها للجزائر من خلال تحقيق الرفاه المجتمعي للمواطن الجزائري، وذلك من خلال توفير الإمداد بالطاقة ومجالات استخداماتها التي من شأنها أن ترتقي بمستوى معيشة الآلاف خاصة في القرى والمناطق النائية المعزولة. بالإضافة إلى قطاع الطاقات المتجددة من شأنه أن يمتص نسبة معتبرة من اليد العاملة، وهو ما يحقق امتصاص لنسبة من البطالة في جميع المستويات سواء فيما يتعلق بالإطارات خريجي الجامعات ذوي الاختصاص أو العمال في المستويات الدنيا أو حتى الطاقم الإداري لتسيير مثل هذه المشاريع. وهو ما من شأنه أن يحقق القبول والرضا من قبل أوساط وفئات من المجتمع الجزائري، وهو مما على الاستقرار والتماسك في الجبهة الداخلية في الجزائر.

وبناء على ما سبق ذكره، يتجلى اهتمام الدولة الجزائرية بالطاقات المتجددة كمصدر للطاقة النظيفة واستراتيجية مستقبلية تمس الأمن الطاقوي للبلد وفق اتجاه تدفعه ثنائية تلبية والآمنة نتيجة انبثاقها لرؤية وضمان احتياجات الحاضر وتوسيع وتكثيف خيارات وبدائل المستقبل، وتوفير الطاقة للسكان خاصة في المناطق النائية والريفية المعزولة، والمحافظة على الموارد الطبيعية والاحتياطات النفطية، والدفع بفرص لتصدير الكهرباء.

 

ووفقا لذلك فإن الطاقات المتجددة ستضمن المكانة كبلد منتج ومصدر للطاقة، وذلك عن طريق زيادة إيراداتها ومداخليها المالية من أسواق الطاقة في المستقبل البعيد، حيث تعد هذه الإيرادات رئيسية ومهمة وذات دور أساسي لضمان أمنها الاقتصادي وتمويل صيرورة عملية التنمية وتطوير المشاريع الطاقوية. وفي نفس السياق ستجعلها تحقق ضمان إطالة والإبقاء على عمر الاحتياطي النفطي والغازي بالنسبة للأجيال القادمة.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.