شعار قسم مدونات

ماليزيا.. من التفرقة والإستعمار إلى الوحدة والإستقلال

blogs ماليزيا

تقع مملكة ماليزيا الإتحادية المعروفة باسم "ماليزيا" في جنوب شرق آسيا وتتكون من 13 ولاية وثلاثة أقاليم إتحادية، حيث تحتل موقعاً استراتيجياً جعلها عرضة للإحتلال والإستعمار مرات عديدة، كان آخرها الإستعمار البريطاني.

  

خلال مرحلة الإستعمار البريطاني كانت ماليزيا مقسمة إلى مستعمرات يحكم كل منها سلطان يتبع عملياً للسلطات البريطانية له مستشار بريطاني تكون نصائحه ملزمة. عملت بريطانيا على كسب ولاء السلاطين عبر منحهم مزايا وأموال كانت تؤخذ بالأساس من ما يجنيه البريطانيون من ثروات وخيرات البلاد. والجدير بالذكر أن الملايويين في ثقافتهم يحترمون حكامهم ويطيعونهم وقد لعبت بريطانيا على هذه النقطة حيث ضمنت ولاء حكامهم بالمزايا والأموال والمكانة التي منحتهم إياها وبالتالي ضمنت ولاء الشعب.

 

ويبدو أن حكام الولايات حينها نسوا أو غفلوا عن حقيقة أن تلك المزايا والأموال ماهي إلا جزء بسيط جداً من ثروات بلادهم ولو كانت بلادهم لهم وتحت حكمهم الحقيقي لكان كل الخيرات لهم ولشعبهم وماكانو ينتظرو هبات وأموال من غيرهم وهي بالأصل لهم.

 

في مرحلة ماقبل الإستقلال تشكلت فيدرالية ملايا، وكانت هذه هي المرة الأولى التي يتمتع فيها شعب ملايا بحكم ذاتي، أصبح المفوض السامي البريطاني رئيس الدولة الفعلي وتونكو عبدالرحمن رئيس الوزراء. ما أن جلس تونكو عبدالرحمن على الكرسي حتى نادى بالإستقلال وطالب بريطانيا به، دعوة تونكو هذه أقلقت حكام الولايات خوفاً على فقدان مكانتهم ومزاياهم. كان هؤلاء الحكام مستعدون للقبول بالمفوض السامي البريطاني حاكماً ورئيساً عليهم في مقابل بقاءهم في مناصبهم وبقاء امتيازتهم. في هذه الأثناء انقسم الملايويون إلى قسمين، قسم مع رغبة الحكام وأكثرهم من الإقطاعيين وقسم مع الإستقلال وتونكو عبدالرحمن.

  

في خطوة جريئة قررت الحكومة الماليزية برئاسة تونكو عبدالرحمن إرسال وفد إلى بريطانيا للمطالبة بالإستقلال، في الوقت نفسه قرر حكام الولايات الماليزية إرسال وفد خاص بهم أيضاً، في محاولة منهم للحفاظ على مكانتهم وامتيازاتهم، قرر تونكو الداهية بذكاء أن يذهب الوفدان إلى بريطانيا بسفينة واحدة وقد ترأس بنفسه وفد الحكومة وفي أثناء السفر استطاع الوفد الحكومي الإتفاق مع وفد حكام الولايات على رأي واحد يطرحونه أمام البريطانيين. كان توصل الوفدين الى رأي واحد أمر بالغ الأهمية ولو ذهب الوفدين برأين مختلفين لاتخذ البريطانيون هذا ذريعة في تأخير الإستقلال.

  

أصبح الوفدين وفداً واحداً يمثل كل ماليزيا وقد تم الإتفاق بين الطرفين على شكل الحكم ومكانة السلاطين وكل ما يخص مستقبل البلاد والحكام والعباد بعد نيل الإستقلال.

 

توصل الوفدان إلى ما يلي:

– يبقى حكام الولايات أو السلاطين في مناصبهم دون المساس بهم وبمكانتهم.

– تقرر استحداث منصب الحاكم الأعلى للدولة أو الملك ويتم إختياره من بين حكام الولايات يحكم مدة خمس سنوات ويكون رمزاً للدولة من دون سلطات تنفيذية. وللملك صلاحية التوقيع على قرارت البرلمان وفي حال عدم توقيعه لا يصبح القانون نافذاً ويتم إلغاؤه.

– تكون ماليزيا دولة مستقلة ديمقراطية برلمانية نظامها ملكي دستوري على غرار النظام البريطاني.

– برلمان منتخب من الشعب.

– رئيس وزراء يسميه الملك من بين الأعضاء المنتخبين ينتمي للكتلة الحاصلة على أغلبية الأصوات ومجلس وزراء يتبع له.

– يكون لكل ولاية رئيس وزراء كمسؤول تنفيذي، على أن يختاره حاكم الولاية من بين أعضاء مجالس الولاية المنتخبة، على أن يتمتع بثقة أغلبية الأعضاء المنتخبين، ويكون هناك مجلس تنفيذي تابع لرئيس الوزراء في كل ولاية يتم اختيارهم من بين الأعضاء المنتخبين.

– لا تزيد مدة بقاء الحكومة المنتخبة في الحكم عن خمس سنوات.

– بإمكان الحكومة الطلب من الملك حل البرلمان وإجراء انتخابات عامة في أي وقت لانتخاب برلمان جديد وتشكيل حكومة جديدة.

 

ذهب الوفد الموحد إلى بريطانيا مطالباً بالإستقلال وعقد مؤتمر فيدرالية ملايا في لندن عام 1956، لم يوافق البريطانيون على مطالب الوفد ولكن إصرارهم وتوحد مطالبهم ووحدة الكلمة كانت نقطة قوة لصالحهم، وافقت بريطانيا على منح ماليزيا الإستقلال عام 1957. في 31 آب/اغسطس 1957 تم إنزال العلم البريطاني من سارية خاصة نصبت قبالة مبنى أمانة السر الفيدرالية في كوالالمبور وبدأت صفحة جديدة ومشرقة في تاريخ ماليزيا المستقلة.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.