أنت لست بحاجة إلى فكرة لكي تكون ريادي، فما أرخص الأفكار إذا لم يتم تنفيذها! كل ما تحتاج إليه لتأسيس مشروع ريادي جديد هو "مشكلة". نعم كل ما تحتاج إليه هو مشكله موجوده بالمجتمع وأنت تستطيع حلها بمشروعك والعائد من حل المشكلة مرضي لك وحل المشكلة ذاتها مرضي للعميل، وهنا لا بد أن تركز علي نقطة هامة وهي "أنك لا تبدء ببحث عن حلول لديك وتتوهم أن هناك مشكلة" لكن أكرر أبدأ بالبحث عن المشاكل المجتمعية، وأي مجتمع مهما كان لا بد من وجود مشاكل به وذلك لأن رغبات البشر وحاجاتهم دائمة التغير والتطور وكلما زاد تقدم البشرية كلما وضحت المشاكل التي يلزمها حلول.
أما إذا كانت لديك فكرة جديدة لمنتج أو خدمة فليست شرطا أن تكون أفكار عبقرية أو اختراعات جبارة، بل كل ما تحتاج إليه هو تطوير لمنتج أو خدمة موجوده فعلا. فمثلا من التقنيات الأساسية بحياتنا هو برنامج "الواتس أب" وبرنامج الواتس أب هو تطور للرسائل النصية "SMS" لكن الرسائل النصية كانت ترسل بمبالغ مادية أما الواتس أب فوفر خدمة إرسال الرسائل مجانا وبعدها تطور لأن يكون به مجموعات ومكالمات وغيرها. لم يخترع مؤسس الواتس أب هاتف محمول ولم يخترع الإنترنت ولا قواعد البيانات، كل فعله هو مجرد تطوير لخدمه فقط.. إرسال الرسائل النصية فقط. وأضف علي ذلك الغالبية العظمي من المشاريع الريادية ما هي إلا مجرد تطوير لخدمه موجوده معتمد علي غيرها من الأساسيات.
عليك بتنفيذ المشروع على نطاق صغير جدا وبأبسط صورة وأقل تكاليف، فأغلب من يريدون البدء في عمل مشاريع يبحثون عن الكمال وهذا أكبر خطأ يتم الوقوع فيه |
وهنا تأتي نقطة خلافية مهمة وهي "أين اتباع الشغف الذي يتكلم عنه الكثير، وتحويل الشغف لمشروع"! وهنا يمكننا القول أنه إذا وافق شغفك بأنك تستطيع تحويله لمشروع فهذا رائع وسوف تبدع وتخرج أفكار جديده باستمرار. أما إذا لم يوافق شغفك لعمل مشروع فيه فيفضل هنا أن تحول شغفك لهواية وتبحث عن مشروع يدخل لك الدخل المادي ولربما يساعدك مشروعك في الوصول لتحقيق شغفك. فمثلا إذا أنت تحب مجال الفضاء فلربما لا تستطيع أن تفعل شيء حيال ذلك سوي مجرد التعليم والبحث، هنا يفضل أن تبحث عن مشروع يحقق لك دخل مادي أولا لحياتك واجعل الأبحاث عن الفضاء و.. هواية تجعل لها وقت أقل بكثير من عملك.
وسوف يأتي سؤال أخر "كيف سأبدع طالما لم أتبع شغفي" هنا لا بد أن تعلم جيدا الفرق بين "العمل الحر أو الفري لانسر" وبين "الريادة".. الفري لانسر بيكون شخص يعمل بأفكاره وحده، أما الرائد فهو يعتمد على أفكاره وأفكار من حوله وياللروعة إذا كانوا من حولك "فريق عملك ومساعدينك" لديهم شغفهم بمجال المشروع الريادي الخاص بك تأكد حينها أنك ستنجح.
ولا بد أن تعلم هذه المعلومة جيدا: إذا كانوا من حولك ممن هم يعملون معك بمشروعك هم أكثر معرفة منك وأكثر ذكاءا في عملهم في المشروع فأنت أذكي رائد أعمال وفرصة نجاح مشروعك كبيرة، أما إذا كنت أنت أكثر ذكاءا ومعرفة ممن يعملون معك فهذا مؤشر خطر يهدد المشروع. والان ماذا بعد أن عرفت كيف تأتي الأفكار؟ عليك أن تمعن النظر في الفكرة جيدا التي تريد عمل مشروع فيها فعليك أن تجلس في مكان هادئ وتسجل كل ما يخص الفكرة علي ورق، ومن الأفضل أن تحضر مجموعه معك ليشاركوك الأفكار في هذه الفكرة ولتسجلوا كل هذه الأفكار علي ورق، وهذه الخطوة هي الخطوة الفاصلة بين مجرد الأحلام والخيال إلى أرض الواقع .
ثم ماذا بعد ذلك؟ "تنفيذ المشروع على نطاق صغير جدا وبأبسط صورة وأقل تكاليف" فأغلب من يريدون البدء في عمل مشاريع يبحثون عن الكمال وهذا أكبر خطأ يتم الوقوع فيه. فتخيل مثلا لديك الفكرة لعمل مشروع ملابس مكتوب عليه كتابات ورسومات تعبر عن الشباب "هذا المشروع موجود فعلا" من الخطأ الجسيم أن تقترض أو تأخذ استثمارات لتبني مكان كبير لبيع هذه الملابس. لكن أول خطوة هي أن تعمل المشروع بصورة مصغرة كأن تشترك مثلا في محل بيع يعرض لك نموذج من الملابس التي تقدمها.
وفائدة هذه الخطوة كبيره جدا: منها أنك فعليا بدأت تتعلم كيف تبدأ مشروع وما هي المشاكل التي تواجهك وما هي الاحتياجات التي تطلبها وما هو احتياج العميل حقا وكيفية التعامل مع العملاء وكيفية التعامل مع الناس ..الخ. منها أنك ستحدد ما هو أهم ما تحتاجه لعمل هذا المشروع وما العقبات التي ستتعرض لها وهل فكرة المشروع هذا ناجحة ومقبولة من العميل أم لا وهل أنت تحب فعليا أن تكمل في هذا المشروع أم لا ..الخ. منها أنك ستحصل علي المعلومات اللازمة للتخطيط للمشروع أو لكتابة الخطة وهذه أهم فائدة، فأكثر مشاكل التخطيط التي نواجهها دائما هي نقص المعلومات "وكلما زاد نقص المعلومات زادت المخاطر التي نتعرض لها في المشروع. وهنا نستنتج أنك لكي تكون رائدا ليس شرطا لان تبتكر اختراعا عظيما فبحثك عن مشكله لكي تحلها أو تطوير خدمه لربما أفضل من أنك تبتكر فكرة جديدة وأيضا تعلمنا كيف تبدء أولي خطوة عمليه للمشروع.
الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لشبكة الجزيرة.