في الفترةِ الأخيرة لم أعُد أُشاهِد شيئاً من نِتاج السينما المصرية الحديثة حتى لا أُصاب بقدرٍ من الاشمئزاز الذي لا رغبة لي فيه ولكنَّ لا بأس ببعض من المسلسلات الدراميَّة ودائماً ما أجدُني أعود إلى الوراء إلى كل ما يحمل الصبغة الكلاسيكيَّة أي إلى روائح الزمن الجميل وكذلك الأفلام الكلاسيكيَّة وفي تلك التدوينة لا أستطيع أن أُقارن ما هو أصيل بكل ما هو مُزيف ولا يُعبر عن هويتنا في الأعمال السينمائية الحديثة لأنه بكل تأكيد لا يوجد أي وجه للمقارنة.
مؤخراً قد امتلأت السوشيال ميديا بالحديث عن محمد رمضان وقد ظهر أمامي أنَّ هناك كثير قد انتقدوا وقللوا من أعماله وكليباته في الحقيقة قد انتابتني الدهشة وذلك الانفصام في الشخصيَّة لدى الشعب المصري كيف ينتقد الآن أعماله وهو الذي يجعله يتصدَّر بأعماله تلك شباك التذاكر بنسب المشاهدة العالية التي ينالُها على أعماله كليبه الأول نمبر وان قد نال في أسبوع فقط 30 مليون مشاهدة.
أليس الذوق المتدني المُستجد لديكم هو الذي جعله يتباهى بنفسه الآن؟ تذكَّرت في ذلك الوقت فيلم أحمد حلمي الذي لم أكُن أتوقَّع ألا ينال الإيرادات والإعجاب المُتوقَع له للأسف فيلم صُنِعَ في مصر على الرغم من سُرعة الفيلم ولكنَّ جودة الفيلم وفكرته قد ظلمها الذوق السائد لدى الشعب المصري حيثُ أننا في أمسَّ الحاجة لنعمل من أجل تطبيق فكرة ذلك الفيلم والاقتداء بها بدلاً من الاقتداء ببلطجة وعنجهية محمد رمضان.
تدور أحداث الفيلم حول شاب عاطل لديه محل لبيع العرائس وصُنعها قد ورثه من أبيه وقد ورث أيضاً مهارة وإتقان صُنع العرائس ولكن بعد وفاة الأب قد فضَّل الابن الكسل وقلة المسئولية وعدم اكتشاف ذاته ولم يعمل حتى على تنمية موهبته فأهدر المحل وتكدَّست عليه الديون فذلك الشاب يُمثل أغلب الشباب الآن يُفضل أن يبقى عاطلاً ماكثاً بجوار شهادته مُنتظراً تلك الوظيفة الحكوميَّة البعيدة المدى ساخطاً على المجتمع ومَنْ فيه ولم يُكلف نفسه جهد التفكير في عمل بديل أو اكتشاف ذاته ومواهبه.
نحن أمام أجيال تعيش فترة محمد رمضان وأمثاله لذلك حماية لنا وللأجيال القادمة الرد المناسب لما يحدث الآن هو الثورة الثقافية رفض كل رديء تقدمه السينما الآن والأعمال الدرامية الرديئة |
وكان ذلك الشاب بدلاً من أن يستخدم موهبته يستورد لعب من الخارج صناعة خارجية ولم تكن بالجودة التي ستكون لو صنعها بيده فتدور أحداث الفيلم وتحدث استفاقة داخليَّة لذلك الشاب ويبدأ باستخدام موهبته ويبدأ بصناعة العرائس وبدلاً من أن يُكتَب عليها صُنِعَ في الصين كُتِبَ عليها صُنِع في مصر الفيلم يدعو بأن تتحوَّل كافة الأشياء إلى صُنِعَ في مصر وليس العرائس فقط. فلم ينال الفيلم بتلك الفكرة الإعجاب الذي يجب أن يناله ولم يأخذ المصريون من الفيلم إلاَّ دبدوب الباندا الكيوت الذي أصبح رمزاً لطيفاً للهدايا.
فاتضح أن الشعب هو الذي أصبح يرغب في أمثال محمد رمضان وأفكاره حتى أصبح رمزاً للبلطجة، في مصر في البداية كانوا يقولون أنه يُمثل طبقة الغلابة في مصر يظلمون الطبقة الكادحة الغلبانة فتلك الطبقة هي أساس الأصل والقيم في بلادنا تلك الطبقة هي التي تُخرِج كل مَنْ يحملون اسم مصر عالياً في الكثير من المحافل الدوليَّة لم تكن يوماً طبقة تُخرج البلطجة والهمجيَّة التي نراها على الشاشة الآن ولكن كل ذلك هو نتاج مَنْ يريد أن يُسلِب كل حلو فينا كل قيم ومبادئ قد تربينا عليها. والسينما والتليفزيون واليوتيوب لا نستطيع أن نتغافل عن محتوياتها وما الذي تقدمه لأنها تُساهم في التربية أيضاً الآن فالأجيال القادمة لا يتجاوز سنهم الثلاث سنوات وتجده حاملاً التابلت في يديه ويُقلب ويُغير وتنظر إليه وتنتابك الدهشة طفل في هذا العمر يتمكن بتلك القدرة من استخدام اليوتيوب.
طفلاً كهذا سيتأثر بكل ما يسمع ويرى، أذكُر عندما كنا صغار كان الوالدان يتركونا أمام قناة سبيستون وهم على يقين بأننا في يد أمينة قناة واحدة نشرت بيننا كل القيم والمبادئ والتأثير الإيجابي أما الآن فنحن أمام أجيال تعيش فترة محمد رمضان وأمثاله لذلك حماية لنا وللأجيال القادمة الرد المناسب لما يحدث الآن هو الثورة الثقافية، رفض كل رديء تقدمه السينما الآن، والأعمال الدرامية الرديئة، ويجب أن تُمنع من الدخول لبيوتنا حتى نمنع تلك الأوبئة من الانتشار أكثر من ذلك بدلاً من تصدرها بنسب أعلى مشاهدة.
الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لشبكة الجزيرة.