هل أصبحت الوقاحة مرادف الشهرة؟ هل لحرية التعبير عن الرأي حدود؟ هل ينتهي الادب بانتهاء مرحلة الطفولة؟ نتصفح مواقع التواصل الاجتماعي يوميا لنجد العديد من الفيديوهات والمنشورات المسيئة والتي تخرج في إطارها عن الكثير من الأخلاقيات والآداب العامة والتي نحرص كل الحرص على تربية أبنائنا عليها. أذكر كيف كانت والدتي تؤنبنا إذا ما قمنا باستخدام الألفاظ النابية وهو غير مسموح حتى الآن ولم أشعر يوماً بأنني بحاجة لمثل هذه الألفاظ للتعبير عن نفسي أو التعبير عن غضبي.
نشهد اليوم ثورة تكنولوجية هائلة مما أثر تأثيرا إيجابياً على أساليب حياتنا وجعلها أكثر راحة ورفاهية ولكنه أدى إلى إنتاج فوضى اجتماعية وأزمة أخلاقية كبيرة وظهرت بشكل واضح في المؤثرين الذين يتابعهم ويتأثر فيهم الكثير من الأشخاص ولكن البعض منهم وصل فيه الغرور إلى ترك الأخلاقيات العامة والآداب وحتى الإنسانية في تعليقاتهم وألفاظهم حتى أصبح العديد من محتواهم غير صالح للمشاهدة لعدد من الشرائح الاجتماعية كالمراهقين والأطفال.
إن عدم وجود رقابة على المحتوى الذي يقدمه هؤلاء المؤثرين قد جعل من شبكات التواصل الاجتماعي شبكات تروج للعنف والانتقاد والاستهلاك التجاري البحت والمثالية في الصفات الجسدية وهم بعيدين كل البعد عن المثالية في الأخلاق. وإحدى هؤلاء المؤثرين هي الفاشنيستا سندس قطان والتي قامت بالتحدث عن رأيها في قانون العمالة الجديد في دولة الكويت وكانت تعليقاتها مهينة ولكنها تعكس تفكير رجعي وعدم اهتمام بالغير وأن كان رأي سندس يعكس شريحة كبيرة من الكويتيين ودول الخليج بشكل عام إلا أنها كمتحدثة وكسفيرة للعديد من منتجات التجميل كان عليها أن تكون أكثر حرصاً على الكلام الذي قد تبديه لأنه قد يؤثر على طريقة تفكير متابعاتها ومتابعيها والذين قد يندرجون تحت فئات عمرية صغيرة.
إن كان منزلك هو فضائك والمكان الذي تعبر فيه عن نفسك بحرية فان صفحات التواصل الاجتماعي هي ساحة جماعية ومكان عام وليست مكان خاص كما نعتقد فلطالما كان رأيك يؤثر في حياة الغير |
إن تفكير المرء وآراءه خاصة به ولكن يجب أن يراعي المؤثرين والذي يتبعهم الملايين وحتى الأفراد العاديين أن يكونوا قدوة حسنة وأن يكون لديهم شيئاً من المسؤولية الاجتماعية فليس كل ما نفكر فيه يجب أن يكون علنياً ولا يعني أن لدينا الحرية في النشر أن ننشر كل أفكارنا وآرائنا بل يجب أن يكون بوعي أكبر وتفكير مسبق لأن حريتنا لا يجب أن تتنافى مع الآداب والأخلاقيات العامة وحياتنا الخاصة التي نعيشها كما نريد لا يجب أن تكون علنية حتى نعطي غيرنا الحرية في التفكير المنفرد والوصول إلى آرائهم والتعبير عن أنفسهم.
من القضايا الأخرى التي أثارت الجدل هي قضية خروج الأسيرة الطفلة عهد التميمي، فقد كان هناك هجوم غير معهود على أسيرة فلسطينية بشكل انعكس بشكل سلبي على صورتها وصورة القضية الفلسطينية عالمياً. إن الهجوم أتى من قبل أبناء الشعب الفلسطيني مما كان له أثراً في تعزيز صورة الاحتلال وتهميش الطفلة واستنكار الاهتمام بها. إن الهجوم على شخص عهد وعائلتها أدى الى استخدام الإعلام الصهيوني لردات الفعل وأدار الكفة لصالحهم فبدلاً من استخدام اهتمام العالم بها وبقضيتها في تسليط الضوء على قضية الأسري انقلبت القضية علينا وأصبحنا نحن الخاسرين. يجب أن يدرك الأفراد أن آرائهم ليست خاصة إذا ما نشرت على مواقع التواصل الاجتماعي وأنها قد تصل إلى العالم أجمع وأن نتائجها قد تكون مهينة وسيئة على مجتمعاتهم.
إن امتلاكنا الفرصة للتعبير عن آرائنا لا يأتي مجاناً ولا يعني أن نعبر عن آرائنا في كل شيء وأي شيء دون مرجعية أو حتى تفكير، وإن كان منزلك هو فضائك والمكان الذي تعبر فيه عن نفسك بحرية فان صفحات التواصل الاجتماعي هي ساحة جماعية ومكان عام وليست مكان خاص كما نعتقد فلطالما كان رأيك يؤثر في حياة الغير وقد يؤدي للأذية فالأفضل الاحتفاظ به أو التعبير عنه بطريقة لا تهين الغير ويجب اختيار الألفاظ التي تحترم المجتمع والجمهور الذي تتوجه له.. إن أقل شيء يمكن أن يقال في هذه الحالة هو فلتقل خيراً أو لتصمت.. لا تكتب ما يدور بخاطرك!
الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لشبكة الجزيرة.